يناير أو ما يُعرَف بالسنة القبائلية الجديدة، هو تقليد أمازيغي خاص بشمال إفريقيا والجزائر خاصة، يحتفل الناس يوم 12 يناير بهذا التقليد عن طريق التصدق بالطعام والملابس، وتنظيف البيوت والشوارع، وعمل التوزيعة أو (التويزة).
وهي أن يشترك الجيران والأقارب في شراء الأبقار وذبحها وطبخها وتوزيعها على الفقراء والمساكين، وكذلك إخراج كل ما يوجد في البيوت من بقول ومكسرات وعجائن والمشاركة بها في هذا اليوم الكبير؛ ليأكل منها كل محتاج، حتى الطيور والحيوانات لها نصيب من هذه الصدقة.
أصل الاحتفال بالسنة الأمازيغية
يظهر هذا التقليد ارتباط القبائل بأرضهم وثقافتهم، ويعزز روح الانتماء والتنوع، كما يُعد هذا الاحتفال مناسبة مميزة للتقويم الفلاحي والاحتفاء بالخير والأمن والأمان، والتبارك بهذا اليوم من أجل سنة مملوءة بالخيرات والأمطار، وحفظ المزارع والحصاد الوفير، لتكون سنة وفرة ونِعَم.
يعود هذا التقليد إلى العصور القديمة ويمتد إلى آلاف السنين، ما يجعله جزءًا من الهوية الأمازيغية، إذ يُعبِّر عن العلاقة الوثيقة بين الإنسان والطبيعة، ويُعتقَد أن هذا الاحتفال يعود إلى ما قبل 2965 سنة قبل الميلاد، ولعلَّ يناير يُمثل جزءًا أساسيًّا من التراث الثقافي العريق للأمازيغ؛ نظرًا لارتباطه الوثيق بتقويم فلاحي قديم.
يُعتقد أن التقويم الأمازيغي بدأ عندما انتصر الملك الأمازيغي "شيشنق الأول" على الفرعون المصري "رمسيس الثاني" وتولى الحكم في مصر، إذ يعود ذلك إلى عام 950 قبل الميلاد، وقد أصبح هذا الانتصار مرجعية لتقويم جديد للأمازيغ.
شيشناق، أو شيشنق الأول، كان فرعونًا مصريًّا قديمًا ومؤسس الأسرة الثانية والعشرين في مصر، وقد حكم من نحو عام 943 إلى 922 قبل الميلاد، وبرز بصفته قائدًا عسكريًّا مهمًّا في عهد الأسرة الحادية والعشرين، ما أهَّله لتولي الحكم بعد وفاة آخر ملوك هذه الأسرة.
وُلد شيشناق في منطقة ليبية، ومن هناك انطلق ليصبح قائدًا عسكريًّا بارزًا، إذ ينتمي إلى عائلة كهنة آمون التي كان جده الأكبر فيها يشغل منصب الكاهن الكبير.
نجح شيشناق في تولي الحكم بعد وفاة آخر ملوك الأسرة الحادية والعشرين في مصر، وتزوج من بنات العائلة المالكة لتعزيز شرعيته.
حكم شيشناق مصر من حوالي 943 إلى 922 قبل الميلاد، وأسس العاصمة الجديدة "بوباستيس" (تل بسطة الحالية)، كما شن في الوقت ذاته حملات عسكرية ناجحة إلى الشرق الأدنى، ما أدى إلى ضم مناطق جديدة إلى الإمبراطورية المصرية، إضافة إلى ذلك أعاد تنظيم النظام الإداري والاقتصادي في البلاد، وعمل على تقوية الجيش لضمان استقرار حكمه وتوسيع نفوذه.
كان لشيشناق دورٌ كبيرٌ في بناء وتوسيع المعابد في مصر وليبيا، بما في ذلك معبد آمون في الكرنك، كما يُعد شيشناق رمزًا قوميًّا في الثقافة الأمازيغية، والاحتفال بيناير يرتبط بذكرى انتصاره وتولي حكم مصر.
قصة شيشناق ألهمت عددًا من الأعمال الأدبية والتاريخية، إذ يروي كثيرون قصته بصفته قائدًا عظيمًا وحاكمًا عادلًا، ويبقى شخصية بارزة في التاريخ بفضل إنجازاته العسكرية والإدارية، وهو يمثل رمزًا للفخر الوطني للأمازيغ في الجزائر وخارجها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.