أيها المتشبث بظلي كعنكبوتٍ ينسج خيوطه حول فريسته، متوهِّمًا أنَّه قد امتلكني، كأنني غنيمة وقعت في شراك رغباته العابرة. أما آن لك أن تعي أنني كيانٌ لا يُقيَّد، وروحٌ لا تُحاصَر؟ أما آن لك أن تفهم أنني لست مرسىً لسفينةٍ تائهة.
تقترب منِّي كعابرِ صحراءٍ ظمآن، تتلهَّف كما لو كنتَ نسمة هواءٍ أخيرة، تلاحقني بنظراتك، متخيِّلًا أنك ترى فيَّ النور، وأعلم أنك تخدع نفسك.
أما تعبتَ؟ أما كلَّت روحك من هذه المراوغة البائسة؟ تقترب ولا تقترب، تهفو ولا تجرؤ، تحاصرني بشغفك ولكنك تخشى أن تُعلن عني. تعشقني في الخفاء، وتتبرأ مني حينما تتسلل خيوط النور إلى زوايا قلبك المُرتبك. أنت رجلٌ يخاف الحب بقدر ما يخاف الفضيحة، رجلٌ يريد أن يمتلك ولا يريد أن يُكشَف.
أتريدني أن أقبلك كما أنت؟ ضعيفًا، متهرِّبًا.
أتريدني زهرةً تُقطف في العتمة؟ أتحسب أنني لا أرى حقيقتك؟ أنك لست سوى عاشقٍ مجنونٍ بجسدٍ لا يملك الجرأة على الاعتراف؟ أنت لست محبًّا، بل صيَّادٌ يطارد فريسته خلسةً، يخشى أن يراه أحدٌ ممسكًا بها. كم هو مؤلمٌ أن تحبَّني بهذه الطريقة، أن تسلبني حقي في أن أكون حرَّةً من قيدِ شهوتك، أن أراك في أحلامي كظلٍّ يطاردني، يوشك أن ينقضَّ عليَّ ليحفر على جلدي اسمه كأنني خُلِقتُ لأكون ملكًا له.
أهذا هو الحبُّ الذي تزعمه؟ أهذا هو الإخلاص الذي تدَّعي أنك تهبني إيَّاه؟ لا، لا، لا… لن أكون دميةً بين يديك، لن أكون معبدًا تُمارس فيه عاداتك المشوَّهة التي تبدأ بالاشتهاء وتنتهي بالصمت القاتل.
هل تعرف ما الأكثر إيلامًا؟ أنك لم تحبني يومًا. أحببتَ صورتك في عينيَّ، أحببتَ نشوةَ أن تكون مرغوبًا، لكنك لم ترني أبدًا. لم ترَ المرأة التي تسكنني، لم ترَ قوتي، عنادي، تمردي، لم ترَ أنني كائنٌ ينبض بالحياة بعيدًا عن كونِه تعبيرًا عن رغبتك.
إن كنت تحبني… فاتركني. اتركني لأحلِّق خارج أسوارك، اتركني لأنعم بحرَّيتي بعيدًا عن قيودك. لا تبقَ هنا كطيفٍ يلاحقني، لا تجعلني نصفَ حبيبة، نصفَ عاشقة، نصفَ امرأةٍ تدور حول وهمِك ولا تصل. إن كنت تحبني، أرجوك، اتركني. افعلها مرةً واحدة، بحبٍّ حقيقي، بشجاعةٍ لا تمتلكها، اتركني لأنني أستحق أن أكون امرأةً كاملة، لا ظلًّا في قصَّتك المبتورة.
أرجوك.. اتركني قبل أن أكرهك كما لم أكره شيئًا من قبل.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.