كل إنسان منحه الله تعالى مواهب خاصة به، يمكن أن يستغلها بشكل أو بآخر، وقد يعززها بابتكارات تجدُّ عليه، وقد يحسِّن منها، وقد يقتصد في إبرازها؛ لأن الوسط الذي يعيش فيه يحاول وأد المواهب قبل أن تحقق الشهرة وتكتسح عناصر فقدت المصداقية.
اقرأ أيضًا: خاطرة «لا تنظر للأسفل».. خواطر اجتماعية
عبر التاريخ لم تتوقف قوى الشر عن عرقلة مسيرة أصحاب المواهب، فهي إن لم تقهرهم مباشرة سلَّطت عليهم من يهدمهم بطريقته الخاصة.
ويوجد أصحاب الأقلام المأجورة التي تعمل بمقابل، وإذا منحتها بعض المال صنعت التماثيل، ودقَّت الطبول التي تسبِّح بالقدرات التي لم تأتِ من قبل، وتحدثت عن نجومية قادمة ستعلو في السماء دون منازع لها؛ وسوف تفرض نفسها في الوسط الذي هي جزء منه.
الفنان الأصيل، أو الكاتب المبدع، أو الشاعر الملهم يحتاج إلى من يرسم له خريطة جديدة يمكن بها تقديم نفسه بأفضل صورة متوازنة، وهذا ليس عيبًا، لأن العالم مكتظ بأصحاب المواهب، ومن الصعب تسليط الضوء عليها على نحو سريع لأنه يوجد من أصحاب المواهب من ليس لديه القدرة على مواجهة موجات التدمير الشاملة التي يحشدها أعداء النجاح، ويكثفون من وضع العراقيل أمام الموهوبين حتى يضطر صاحب الموهبة للهروب والتراجع عن التعبير عن إمكانياته، لأنه لم يجد من يتبنى موهبته، ويمكن أن يصيبه الاكتئاب ويغلق على نفسه الأبواب أو يسدل الستار على نفسه معلنًا أنه سيتوقف بسبب الهجمات الشرسة على موهبته.
كان من المفترض أن يكون عنيدًا شرسًا، ويفرد عضلاته في الميدان ويتحدى، ولا يدع مجال العربدة أمام أعداء النجاح الذين تمكنوا من طرد كثير من أصحاب المواهب، ومنعوا عنهم المال والشهرة فاضطرهم هذا لامتهان مهن أخرى.
في بعض الأحيان يعلو نجم شخص عادي دون مرجعية فنية وقدرات ذهنية أو موهبة، ويتولى مناصب قيادية، وحينما تأتيه الفرصة على طبق من ذهب، يضع صاحب المواهب أمام المقصلة وقد ينصب له المشانق؛ لأنه لم يسبِّح بالولاء، أو يصفه بأنه هو المنقذ لأهل المواهب، وأنه جاء في الوقت المناسب لكي يصنع الفارق، وأنه سيعيد البريق مرة أخرى.
مثل هذه الشخصيات المدمرة التي منحها الحظ منصبًا لا تستحقه تقود مسيرة الفن والأدب إلى الظلمات والتدهور، وترى أن الإبداع نوع من تضييع الوقت، وأن الشعراء والأدباء يحصلون على الأموال دون جهد.
وعلى كل من يمتهن مهنة الفن أن يعمل في مجال آخر؛ لأن المعاملة معهم مثلهم مثل غيرهم من الموظفين، ومن رأى في نفسه أنه فارس الرهان لن ينال إلا ما يستحق فقط.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.