هذا هو الجزء الثالث والأخير من الحديث عن الرجل الراغب في الزواج الثاني، وما شروطه وما يحتاج إليه خصوصًا في مرحلة التجهيز.
رحلة التعدد رحلة صعبة، ولتجتازها بسلام عليك قراءة الجزأين السابقين، ولنكمل معًا ما على الرجل أن يفعله قبل أن يخطو أولى خطواته نحو الزواج الثاني.
قد يعجبك أيضًا إلى كل رجل مقبل على الزواج الثاني.. إليك هذا المقال ج2
التأهيل النفسي لما هو قادم
اعلم أنك ستواجه عواصف وأعاصير وبراكين وثورات أشد مما تقوم به الطبيعة، إن ثورات النساء مخيفة، وردود فعلهن أحيانًا تكون عنيفة ومتهورة وغير متوقعة.
لكن المثير للتفاؤل أن هذه الثورات تكمن شدتها في البداية ولدى علمها بنيتك في الزواج ثانية، ثم تخفت حدة الثورة بمرور الوقت، وهذا يتوقف على قوة تحملك وصبرك.
عليك كذلك أن تؤهل نفسك لأسوأ سيناريو ممكن أن يحدث وأكثره قتامة، ألا وهو الطلاق، فأنت لا تدري إلامَ ستسير الأمور ولا مدى تطورات الوضع أو المواقف التي قد تتخذها الزوجة الأولى للضغط عليك وإثنائك عن الأمر.
إن أشهر هذه المواقف هي طلب الطلاق، وربما هجر المنزل مدة حتى تعدل عن الفكرة، وهنا أنت أعلم بزوجتك، ومن سؤال أهل الخبرة كما في المقال السابق يمكنك أن تعرف كيف تتعامل مع الأمر بحكمة حتى لا تخسر أسرتك.
في بعض الأحوال تصل الأمور للطلاق فعلًا وإلى طريق مسدود، ليس بسبب إصرارك على الزواج الثاني، لكن بكثرة ما تلاقيه من مشكلات بسبب زوجتك الأولى، حتى لو كانت تقية وحافظة للقرآن، فإن كل النسوة -أو أغلبهن- ينقلبن إلى وحوش كاسرة لدى معرفتها برغبة زوجها في الزواج ثانية.
هناك مشكلات تحدث من الزوجة وتتفاقم يستحيل معها العشرة ثانية، وخطوات انفعالية تقوم بها فعلًا تحطم كل الخيوط بينها وبين زوجها، حتى لو استمرَّا في الزواج فستكون حياتهما باهتة ومميتة.
إن هذه هي حكمة الله تعالى من الابتلاءات القلبية، إنها تخرج أسوأ ما فينا، هناك الآية من سورة العنكبوت {أَحَسِبَ النَّاسُ أَنْ يُتْرَكُوا أَنْ يَقُولُوا آمَنَّا وَهُمْ لا يُفْتَنُونَ}.
أنت تقول إنك مؤمن أو تتقي الله في العمل مثلًا، إذن التجربة العملية وحدها هي من ستثبت أو تنفي.
كلنا ملائكة حتى تحين لحظة الاختبار الحقيقي، فيصير التطبيق العملي هو الحل الوحيد، فتكتشف وقتها أن الكلام شيء والتطبيق شيء آخر؛ لذا كان قول الله سبحانه وتعالى في الآيات التي تليها: {وَلَقَدْ فَتَنَّا الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ ۖ فَلَيَعْلَمَنَّ اللَّهُ الَّذِينَ صَدَقُوا وَلَيَعْلَمَنَّ الْكَاذِبِينَ}.
هذه الفتن وحدها هي من ستحدد حقيقتك وبوضوح، وفي أي جانب أنت. المنافقون وذوو الإيمان الظاهري يتساقطون سريعًا، تتساقط أقنعتهم وتظهر حقيقتهم بسهولة، أما المؤمن فإن الفتن تزيده قوة وثباتًا، حتى وإن آلمته في البداية، فثباته يزيد صلابته ودينه، ومقياس لمدى صدقه.
قد يعجبك أيضًا إلى كل رجل مقبل على الزواج الثاني.. إليك هذا المقال ج1
أن توفر للزوجة الثانية سكنًا مستقلًّا
فلا تنوِ أن تتزوج في منزلك نفسه مع الزوجة الأولى، ولا حتى في البناية نفسها مثل الحاج متولي، من الأفضل أن يكون مكان السكن بعيدًا بعض الشيء عن البيت الأول ولو بشارعين؛ وذلك لمنع الاحتكاك وتفاقم المشكلات في بداية الأمر.
وأرجوك ألا تسعى لتعريف كلتا الزوجتين على بعضهما بعضًا، وألا تكون نيتك أن يكونا صديقتين أو حتى علاقتهما مقربة، إن أنجح حالات التعدد هي التي كانت كل زوجة لا تعلم عن الأخرى أية تفاصيل.
قد تقابل في العام الأول من زواجك بعض المشكلات، وبمرور الوقت ستتقبل الزوجة الأولى الأمر وتتعايش معه، وهذا هو المطلوب، ولتترك أمر معرفتهما ببعضهما بعضًا للظروف، فلن يخلو الأمر من مناسبة عائلية مثلًا تجمع الزوجتين، فترى كل منهما الأخرى المرة الأولى وتبدأ المقارنات، لكن ليكن ذلك بعد مدة لا بأس بها من الزواج.
إن العلاقات السطحية مفيدة في كل الأوقات وليس عليها غبار، توطيد العلاقات بين البشر أصلًا من أهم أسباب التعلق والتعب النفسي، وفي حالتنا هذه كانت العلاقات السطحية مطلوبة وكافية جدًا، يكفي حالة السلم أو عدم الحرب، أو كما نقول بالعامية المصرية (صباح الخير يا جاري أنت في حالك وأنا في حالي).
عليك أن تمتنع تمامًا عن التحدث عن إحدى زوجاتك وأنت في بيت الأخرى، تعامل في هذه الأوقات كأن زوجتك تلك التي أمامك هي زوجتك الوحيدة، فلا تنطق اسم زوجتك الأخرى أمامها، ولا تُشعرها بوجود امرأة أخرى في حياتك أصلًا.
بالطبع لست في حاجة لأن أخبرك أن تحمي خصوصياتك، فإن كان هاتفك في متناول أيدي الجميع قبل زواجك الثاني فهو لم يعد كذلك الآن، عليك أن تحمي خصوصياتك وخصوصيات زوجتك الأخرى التي حتمًا ستتحدث إليك بمحادثات ورسائل ربما بعضها يكون جريئًا بعض الشيء.
وعليك أن تتفاهم مع كلتا زوجتيك باحترام تلك الخصوصية، فلا تفتش إحداهما هاتفك، ولا تسعى لمعرفة رسائلك نحو زوجتك الأخرى مثلًا.
إن الفراغ هو ما يجعل النساء تقوم بهذه الأفعال الغريبة، أعترف أن السيطرة على الغيرة أمر صعب يحتاج كثيرًا من تقوى الله ومعيته، وهذه هي النقطة التالية.
قد يعجبك أيضًا لهذه الأسباب يحارب المجتمع فكرة الزواج الثاني للرجل ج2
كيف ينجح الزواج الثاني؟
هو شرط واحد لنجاح أي علاقة في الدنيا، ألا وهو تقوى الله من كل الأطراف.
مهما كانت المرأة شديدة الغيرة، ومهما قامت به من أفعال للتعبير عن ضيقها ورفضها، لكن في النهاية المرأة ذات الفطرة السليمة ستخضع وتستسلم ولن يمتد الأمر للإيذاء الذي نسمع عنه في القصص مثل الإيذاء البدني أو النفسي أو حتى اللجوء لدجال لعمل بعض الأعمال السفلية.
وغيرها من درجات الإيذاء التي تتقنها النساء، حتى لو لم تكن تعرفها، فهناك فاعلات خير كثيرات يتطوعن لإخبارها بأفكار خبيثة لإيذاء تلك المرأة الأخرى وإبعادها عن زوجها بأي طريقة.
والإيذاء هنا قد يصدر من الزوجة الثانية كذلك، فهو ليس مقتصرًا على الزوجة الأولى وحدها، فليست الثانية دائمًا ضحية، وهذا ما سنناقشه في المقال القادم.
حتى الرجل نفسه قد لا يصبر أمام مكايد النساء، ومهما حاول منع إيذاء إحداهما عن الأخرى فمن المؤكد أنه سيتسرب شيء ما لا يعلم عنه شيئًا قد يتسبب بتحطيم كل شيء.
الشيء الوحيد الذي يمنع هذا هو تقوى الله، واليقين بأنه كما تدين تدان، كل كلمة تقولها وكل تصرف عليك مراجعة نيتك فيه، وكذلك زوجتيك، وكما قلتُ سابقًا إن شعور الغيرة أمر طبيعي وفطري، لكن بشرط ألا يترتب عليه أي أذى للطرف الآخر.
إن تقوى الله في هذا الاختبار أمر شديد الصعوبة، خاصة وأن النفس الأمارة بالسوء لا تنفك توسوس للمرء بارتكاب أبشع الأفعال والانتقام بأساليب تنافي الدين والأخلاق والتربية.
فالمرأة وقت الغيرة يغيب عقلها تمامًا، وحدها من تضع الله تعالى نصب عينها ستتوقف وتزن الأمور قبل أي تصرف.
إن الرجل مظلوم في هذه المنظومة وهو أكثر من يستحق الشفقة، فهو يراقب حركاته وكلامه وكل تصرف خشية جرح إحدى زوجاته بغير قصد، ويراقب الزوجيتن لئلا يصدر من أي منهما ما يتسبب له في المتاعب، ويقوم على عمله وتربية الأطفال ومهامه الأساسية، ويتحرى العدل في علاقته بالزوجتين، وكل هذا مطلوب من شخص واحد وإلا سيتهدم أحد البيتين على رأسه.
قد يعجبك أيضًا لماذا ترفض الزوجة المصرية تعدد الزوجات؟ ج2
الفرق بين العدل والمساواة
وهذه نقطة أخيرة يجب توضيحها، كنتُ قرأت مرة مشكلة زوجة أولى تزوج زوجها بأخرى، وهي لا تحتمل فكرة أن زوجها يقوم مع زوجته الأخرى بما يقوم به معها هي!
المهم أنني فكرت بعقلانية بعض الوقت ووصلت إلى تفكير منطقي جدًّا ينسف فكرتها تلك، وهي أن من أدراكِ أن ما تحبينه أنتِ هي كذلك تحبه؟
لنقل مثلًا إن زوجًا جلب لبيته الأول بعض البرتقال، ولبيته الثاني الكمية نفسها من البرتقال، هذه هي المساواة.
لكن ماذا لو لم تكن زوجته الثانية تحب البرتقال أو تعاني الحساسية من الموالح مثلًا؟ هنا سيضطر لأن يبتاع لها بعض الجوافة مثلًا -لأنها تحبها- بدلًا من البرتقال، وهذا هو العدل.
إحدى زوجاته تحب الخروج للتسوق في الأمكنة المزدحمة؛ ومن ثم اصطحبها إلى هناك، في حين زوجته الثانية تحب الأمكنة الهادئة ولا تحب الازدحام على الإطلاق، ومن ثم اصطحبها إلى حديقة واسعة أو جلسة على النيل، وهذا هو العدل، المهم أن تكون كلتا الزوجتين سعيدة وراضية.
وهكذا في كل الأمور، إننا نختلف في طبائعنا في حب الأشياء والميل إليها، وحتمًا كل زوجة تختلف عن الأخرى على نحو كبير، وإلا ما كان الزوج ليفكر في امرأة أخرى لو أن طباعها وصفاتها تشبه زوجته الأولى.
عليه فقط بمعرفة ما تحبه كل منهما وما تريده ويجعلها سعيدة، وهذا هو العدل.
بالفعل معلومات مفيدة
شكرا لحضرتك جدا، مبسوطة أنه عجبك
👍👍🌹
❤️❤️
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.