قد يظن من قرأ مقالاتي السابقة من الرجال أن تعدد الزوجات أمر سهل، لكني في المرات السابقة كنت أتحدث عن المجتمع والزوجة الأولى.
لكني هذه المرة سأتحدث عن أهم طرف في هذه المنظومة الثلاثية، وهو الرجل، وبعد قراءة هذا المقال قد تتغير نظرتك بعض الشيء.
قد يهمك أيضًا لهذه الأسباب يحارب المجتمع فكرة الزواج الثاني للرجل ج2
هل يصلح كل الرجال للتعدد؟
مثلما قلت في مقالي السابق إن كل النساء يصلحن للتعدد ويتحملن زواج زوجهن عليهن ولو ببعض التدريب والعمل على نفسهن، لكن الرجل ليس كذلك حتمًا.
التعدد للرجال، كلمة سمعتها من أحد الشيوخ المشهورين أكثر من مرة، وهي جملة صحيحة تمامًا، فلن يقدر على التعدد كل رجل، وأشباه الرجال المتناثرون حولنا في كل مكان لا يصلحون أصلًا للزواج، فما بالك بزواج ثانٍ؟!
ليس معنى أنك تزوجت مرة ونجحت التجربة أنك قادر على فعلها مرة ثانية، إن هذا يحتاج شروطًا عدة سأطرحها بعد قليل، لكن أهم ما يميز أشباه الرجال الساعين للزاوج الثاني هو شيء واحد:
قد يهمك أيضًا لماذا ترفض الزوجة المصرية تعدد الزوجات؟ ج2
الزواج في السر
وهو أمر لم أتحدث عنه مطلقًا من قبل؛ لأن الرجل الحقيقي لا يقبل بهذا أصلًا، ولا يخطر على باله هذا الاحتمال.
إننا نرى المجاهرين بالمعاصي في كل مكان لا يخشون شيئًا، فما بالك وأنت تتزوج وتفعل ما أباحه الله تعالى تترقب أعين الناس وتخفي محادثاتك مع زوجتك الثانية عن الجميع؟
قد يكون هذا ما نجحت الدراما المصرية في إظهاره على نحو صحيح، وهو أضرار ومساوئ الزواج في السر، هو لا يخلو من مخاطرة كبيرة جدًّا للزوجة الثانية؛ لأنه في 80% من الأحوال سيطلِّقها ويتخلى عنها إن علمت زوجته الأولى بزواجه.
الرجل الذي يفكر في الزواج سرًّا رجل أناني، يبغي الحصول على كل شيء دفعة واحدة دون أية خسارة، فلا يخسر زوجته الأولى وأسرته، ولا يخسر الزوجة الثانية، ولو على حساب حقوق كل منهما، مع أن كل الحروب تنطوي على خسائر، ولو خسائر مؤقتة.
دعك من أن الزواج في السر سيدفعه لعدم العدل؛ لأنه لن يبيت لدى زوجته الثانية وإلا كان هذا مثيرًا للتساؤلات لدى زوجته الأولى، من ثم سيضطر للكذب، وإخفاء بعض الأمور، والعيش كاللص الذي يأخذ ما ليس من حقه، مع أنه حقه، والشرع يؤيده في ذلك.
وفي أحيان كثيرة تحتمل الزوجة الثانية تبعات هذا الزواج السري من أجل ألا يحرمها طليقها من الأطفال مثلًا، أو أي أسباب أخرى، وتحتمل مرات غيابه المتكررة وتحذيره من عدم مراسلتها له في وقت وجوده ببيته الأول، ويصير الأمر مقيتًا ومؤلمًا إلى أقصى حد، كأنما يتحدث مع فتاة ليل ليدبر معها موعدًا وليست زوجته!
جعبة هائلة من الأخطاء المجتمعية والمعاصي يتحملها الزوج في سبيل ألا تعلم زوجته الأولى بأمر زواجه من أخرى! إنه يخاف من المخلوق ولا يخشى عقاب الخالق! لهذا لا يصلحون للتعدد، ولا حتى لمجرد التفكير فيه.
قد يهمك أيضًا لا ضرر في الضرائر.. هل تعدد الأزواج بالنسبة للرجال طريق للنجاح؟
إن كنت رجلًا.. تزوج
إن كنتَ خائفًا من رد فعل زوجتك وطلبها للطلاق مثلًا وما قد تسببه من مشكلات على إثر علمها بزواجك الثاني فلا تتزوج.
إن لم تكن رجلًا يمكنه مواجهة الجميع وأولهم زوجتك ومصارحتهم بصراحة برغبتك بالزواج الثاني، مع الاستعداد لخوض أي صعوبات وإصرارك على قرارك فلا تتزوج.
لذا فالزواج الثاني يحتاج رجلًا بحق، رجلًا يعرف أنه لا يقترف إثمًا ويحارب المجتمع كله ليفعل ما يريد، لا يهتم بمسح رسائله من الهاتف أولًا بأول أو تسمية زوجته الثانية على الهاتف باسم رجل وغيرها من الأعمال المشينة المتنافية مع الرجولة.
الخائف من زوجته لا يتزوج، وليكتفِ بزوجة واحدة بدلًا من وعد فتاة ما بالزواج أو حتى وعد أهلها، في حين هو لا يقدر على مواجهة المجتمع، إن الخائف سيضحي بزوجته الثانية لدى أول اصطدام مع زوجته الأولى، فاستقرار بيته الأول أهم لديه من أي شيء حتى لو كانت مشاعر حب حقيقية تربطه بالزوجة الثانية.
كن رجلًا وأعلن للعالم كله أنك ستتزوج، واجعل قرارك واقعًا أمامهم وليفعل كل منهم ما يشاء، الرجل لا يخاف، فإن كنت خائفًا فابتعد عن التعدد من فضلك واكتفِ بزوجتك.
لذا فإن حديثي في هذا المقال وما سبق من مقالات يخص الرجل الحقيقي الذي اختار مواجهة العالم بقراره، وهو قرار بحق وليس مجرد فكرة، أما عن أشباه الرجال الذين يتزوجون في السر فهؤلاء لا يصلحون لأي شيء على الإطلاق.
قد يهمك أيضًا التعدد في الزواج ضرورة أم رغبة؟
لماذا تريد أن تتزوج ثانية؟
إن هذا سؤال يجب أن تطرحه على نفسك مرارًا في أوقات مختلفة، لا بد أن تعلم الأسباب الحقيقية لزواجك الثاني حتى ولو لم تعلنها، اكتفِ بها بينك وبين نفسك حتى لا تورط فتاة بريئة في نزوة عابرة أو مجرد رغبة منك في تجديد روتين حياتك المستقرة أو حتى مجرد رغبة جنسية ستزول بمرور الوقت.
عليك أن تعلم ما الذي تريده من هذا الزواج؟ أو ماذا تريده من هذه الفتاة بالتحديد؟ وما احتياجاتك التي تعتقد أن الزواج الثاني سيعمل على تلبيتها؟
إن هذا حوار مهم لا بد أن يدور بينك وبين نفسك بوضوح، وقد يكون عليك أن تسرد تلك الأسباب ولو في مفكرة على هاتفك؛ لتصير واضحة وتنظر إليها بين الحين والآخر وتتحقق من رغبتك فعلًا في الزواج.
قد يهمك أيضًا زوجة أولى ولا ترفض التعدد
ما شروط الرجل الذي يصلح للزواج الثاني؟
القدرة المادية
وليست مجرد القدرة المادية لشراء الأثاث وتجهيز المنزل، إن هذا بيت آخر سيترتب عليه مسئوليات ومصروفات، وربما أطفال يحتاجون مصروفات معينة.
كان الاستشاري المعروف عمرو عز يقول إن الرجل الذي ينويالزواج ثانية عليه أن يكون قادرًا ماديًّا على الإنفاق على ثلاثة بيوت وليس بيتًا واحدًا؛ لأن أي تقصير سيحدث في البيت الأول سيؤثر في البيت الثاني؛ لأن الأول هو الأساس، ولأن الزوجة الأولى هي أم الأولاد، أما الثانية فلم تنجب بعد.
لذا على الرجل أن يكون قادرًا ماديًّا على الإنفاق على بيتين على نحو يخلو من الضغط على بيت على حساب الآخر، بالطبع مع مراعاة أن البيت الأول يحتاج حتمًا من المصروفات المادية ما يفوق البيت الثاني نظرًا لوجود الأطفال.
قد يهمك أيضًا التعدد من وجهة نظر امرأة
أن يكون صاحب الكلمة في البيت
وصاحب القرار الأخير وقت اللزوم والذي لا يمكن مناقشته؛ لأن الرجل في هذه الحالة هو عمود كفتي الميزان، عليه أن يحافظ على استقامة الميزان على وضع واحد، وعدم الميل إلى كفة عن الأخرى قدر الإمكان.
بالطبع الميل القلبي لا يُحاسب عليه الرجل، لقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن حبه لعائشة رضي الله عنها (اللهم هذا فعلي فيما أملك، فلا تلمني فيما تملك ولا أملك)، ويقول مفسرو الحديث إن العدل في المحبة غير واجب؛ لأن المشاعر ليست ملكًا لصاحبها.
أن يكون الرجل صاحب كلمة يمكنه أن يوقف كل زوجة عند حدها إذا احتدم الأمر، ويضع الحدود، ويحسم المواقف الصعبة.
قد يهمك أيضًا لهذا السبب يعارض الأهل فكرة الزواج الثاني للرجل
أن يملك الحكمة وقوة التحمل
الرجل الراغب في التعدد يجب ألا يكون عصبيًّا سريع الغضب، بل لا بد أن يكون هادئًا وعاقلًا، طويل البال، يعلم أن أغلب كلام النساء لا يحدث، وأن التهديدات لا تُنفَّذ على أرض الواقع، وأن النساء تتفنن في تهويل الموقف البسيط حتى لتظن أنه كارثة.
هذه الحكمة مهتمها الأولى منع أي زوجة من إيذاء الثانية بأي فعل، ولو بكلام، ولو بحالة أو صورة على وسائل التواصل.
في البداية ستجد حتمًا أن الزوجة الأولى ترغب في الكيد وإغاظة الزوجة الثانية بكل وسيلة، خاصة وأنها لا تعرف عنها أي تفاصيل، فيجب على الزوج وقتها إن كان حكيمًا أن يراقب تصرفاتها من كثب حتى لا ترتكب تصرفًا أحمق يزيد الطين بلة لدى زوجته الثانية وتبدأ حياتها معه بالمشكلات.
إن وضع الزوجة الثانية معقد وهو مملوء بالمخاطر، ومن ترغب في البعد عن المشكلات في زواجها فلتبتعد عن منظومة التعدد كلها وعن أي رجل متزوج أصلًا، لكن الدوافع لذلك تكون أحيانًا قوية جدًّا إلى حد اضطرارها لاحتمال المشكلات والصبر على الإيذاء الذي سيصدر حتمًا من الزوجة الأولى بعد زواجها منه مباشرة.
والسبب ليس لأن الزوجة الأولى شريرة في أوقات كثيرة، لكن لأنها أنثى مجروحة، وهو اختبار حقيقي لها، أن تجاهد شعورها بالغيرة ويظل مجرد شعور لا يتطور إلى أفعال؛ لأنه سيكشف حقيقة المرء ومكنون نفسه.
إننا نتحدث كثيرًا عن الأخلاق ونحاول إظهارها قدر الإمكان في تعاملاتنا، لكن التجربة وحدها هي ما تثبت أو تنفي، وقد يفاجأ كل منا وقت التجربة بأسوأ نسخة من نفسه، وبارتكابه أفعالًا مشينة لم يتوقع أن يفعلها يومًا، وهذا هو الاختبار الحقيقي.
وللحديث بقية...
رائعة
أول مرة اشوف حد كتب تعليق عندي..
بسوطة إنه عجبك
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.