إلى أين؟ هل غيبني حالك الظلام أم أصاب عينيك شيء؟
أأصاب عينيك شيء؟ مؤكد ذلك، كيف غفلتَ عني؟ أنا أنتظرك، إلى أين تأخذ حملك وبضاعتك يا صاحبي؟ أحزنت من جمودي لكنه واجبي لكي آويك وأجمعك بإذن ربي مع راحة وهدوء وستر أم أن الهواء لا يكفيك في الاستنشاق داخلي؟
اقرأ أيضًا: خاطرة «لماذا نخفي مشاعرنا؟».. خواطر إنسانية
نعم الهواء، لكنك تعرف جدراني وحضرت بناءها، أليس كذلك أم هي السماء؟
نعم نعم، هي السماء، كيف لي أن أحتضنها يا صاحبي؟ قل لي كيف؟ انتظر لحظة، التفت إلي هُنيهة، وأجبني كيف تتركني وقد علمت أن الله لا يكلف نفسًا إلا وسعها، وأيقنت بها، وسعيت متمسكًا بها في إجاباتك عن ظروف تحل عليك.
ساعات ودقائق، النفس البعيد عن شهيقٍ وزفيرٍ، سكن الهواء أمام حركات فمك ولم يجبك بعد استدعائك المُلِحِ له.
ما شأني أنا؟
انتظر واستمع، أعطني وقتًا لأُخبرك، لن أسال عن الحيثية ولا الماهية لي، ولا لحلمنا، أسمعت؟ لن أسأل حتى عن حلمنا.
حسنًا، حسنًا.
لكن لمن تتركني يا صاحبي؟ لا تخلف وعدك للبناتي التي قلت لهن يومًا همسًا:
- ستقوين لتأويني، وسأحضر ما يحلو، لكن لتزدادي جمالًا وأناقة، ماذا تريد؟
نعم، ماذا تريد؟ قالوا لي: أخلي، ماذا سأفعل، تقول وتنادي وتصرخ وتذكر، كأن الغفلة أخذتني حتى عددتني من غير المؤمنين، ماذا تقول أخيرًا؟
قلتُ: لحظةً، لكنك قاطعتني.
كيف قاطعتك؟ فأنت لم تسمع سوى طرق أقدام، وأنا من صرخت صمتًا لكي أُؤدب نفسي أمام أمر ربي، قالوا لي: أخل، وتخلَّ، سيقصف البيت.
أخليت لأني لن أُلقي بنفسي إلى التهلكة، لكني ميت من قبل، مت حين حبست عن عالمي وربي جعل لي فيه حق، سأرحل كي تُخبرني وتلوم علي؟ أتظن أنك قادر على حصري؟ أتقصده؟ لم تحصرني يا منزلي الغالي؟ أم أبوابك وجدرانك هي من تحصرني.
تقصيري أمام ربي وتخلفي عن حب قدر الله والنظر والطمع بأنه دائمًا جميل، بدايةً ونهايةً، ظاهرًا وباطنًا، سأتركك، غيري ترك أبًا وأمًا أو أحدهما، ترك من يشتاق إليه، بعضهم سلم روحه، نعم سأتركك، لكن لن أنساك، سأكتب ما ذكرته لي، فالله يقول في محكم آياته: {ولا تنسوا الفضل بينكم}.
- أمي: أبنائي، أين مصاحفكم، هل أخذتموها؟
- نعم.
- حسنًا.
إلى اللقاء يا جميل، لكني سأعيد بناءك إن شاء الله، لا إله إلا الله وحده لا شريك له، إنا لله وإنا اليه راجعون.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.