والآن.. مع المفاجأة، مع قصص الحب والغرام، مع روميو وجوليت مصر، قيس وليلى الأسرة الثامنة عشرة، عنتر وعبلة الدولة الفرعونية الحديثة، مع الملك إخناتون، المتمرد والمثير للجدل بقصصه الغريبة وثورته الدينية. نتحدث عن الملكة نفرتيتي، التي تُوِّجت على عرش الحسن والجمال كما تُوِّجت على عرش مصر.
يكفي أن "هتلر" عندما رأى تمثال نفرتيتي انحنى له، أيضًا هو من وقف أمام عودة التمثال إلى مصر ثانية بعد ما تمت سرقته وتهريبه عام 1912 وقال إن ذلك التمثال سيظل أمام مكتبه حتى يموت.
اليوم نتحدث عن الزوجين المتميزين في التاريخ المصري، نحكي عنهما قليلًا وعن حياتهما، ونتطفل على شئون حياتهما الخاصة. تعالَ معي في رحلة إلى الأسرة الثامنة عشرة.
ما قصة إخناتون؟
إخناتون (أو أمنحتب الرابع) هو ملك مصري من الأسرة الثامنة عشرة، والده هو الملك "أمنحتب الثالث"، ووالدته هي الملكة " تيي". في بداية حياته كان اسمه "أمنحتب الرابع" وكان له عدة إخوة وأخوات، أشهرهم هو "تحتمس" أخوه الأكبر الذي كان من المفترض أن يكون هو ولي العهد ووريث العرش، وكان يعده والده لذلك، ولكنه قد تُوفي؛ ما جعل إخناتون هو وارث العرش.
قبل أن يحكم إخناتون مصر كان شريكًا لوالده في الحكم مدة ليست بالقصيرة، ورغم أن مدة الحكم محل خلاف بين العلماء، لكن أغلب الآراء تقول إنه شارك والده الحكم مدة تتراوح بين 8 إلى 12 عامًا.
بعد تولي إخناتون الحكم رسميًّا غير الحياة الدينية تغييرًا شامل في مصر، فقد رفض فكرة الآلهة المتعددة، ورأى أن لهذا العالم إلهًا واحدًا لا شريك له في العبودية، وأن هذا الإله ليس إلهًا للمصريين وحسب، بل إله الدنيا كلها، وقد خلق الدنيا ولم يكن قبله شيء، وهذا الإله هو إله الشمس واسمه "أتون".
ويوجد رأي أخر يقول أن (أتون) تعني (الواحد)، وقد دعا الناس لعبادة هذا الإله الواحد، وأسس مدينة لذلك الإله لم يُعبد بها إله من قبل، وهي مدينة "أخيتاتون" التي جعلها عاصمة للبلاد.
وفي عهده أُهملت الأمور السياسية في مصر، فقد تفرغ لعبادة ذلك الإله وحسب، لدرجة أن بعض المناطق في الشام التي كانت تحت سيادة مصر تمردت على الحكم المصري، ومن كان يدير شئون البلاد هو أمه الملكة "تيي" إلى أن توفي إخناتون ما بين عام 1336 و1334 قبل الميلاد.
كم عدد زوجات إخناتون؟
تزوج إخناتون من سيدات عدة غير نفرتيتي، فبعض الروايات تقول إن عدد زوجات إخناتون 5 هن: نفرتيتي الزوجة الأشهر والأقرب لقلب إخناتون، وزوجة أخرى تدعى "كيا"، و"عنخ إسن أمون" التي تغير اسمها فيما بعد إلى "عنخ إسن با أتون"، وهي بالمناسبة ابنة إخناتون.
ولكن للأمانة في نقل المعلومة فزواجها من إخناتون ليس مؤكدًا بنسبة 100%، فتروي المصادر أنها إما تزوجت إخناتون في البداية وبعده تزوجت "توت عنخ أمون"، وإما أنها تزوجت "توت عنخ أمون" فقط، والزوجة الرابعة هي ابنة إخناتون أيضًا واسمها "ميكت أتون"، والزوجة الخامسة هي شخصية مجهولة تدعى "السيدة الشابة" وهي أيضًا شقيقة إخناتون.
ما قصة الملكة نفرتيتي؟
وُلدت نفرتيتي في عام 1370 قبل الميلاد للأب "خپر خپرو رع آي" الشهير بـ"آي" الذي قد حكم مصر بعد الملك "توت عنخ آمون" ووالدتها ليست معروفة، ولكن مربية نفرتيتي ووالدتها من الرضاعة هي الملكة "تي". ومعنى كلمة نفرتيتي هو "الجميلة أتت"، وقامت نفرتيتي بتغيير اسمها بعد الديانة الآتونية إلى "نفرنفراتون نفرتيتي" ويعني ذلك الاسم الجديد "آتون يشرق لأن الجميلة أتت".
تزوجت فيما بعد من إخناتون وغيرت ديانتها معه، ولم تكتفي بذلك وحسب، بل إنها كانت من أكثر الناس دعمًا لذلك الدين الجديد، فيُروى أنها أقنعت نحو 100000 امرأة بالذهاب إلى المركز الجديد لعبادة الإله آتون، مدينة أخيتاتون.
فيما بعد تُوفيت ابنة لنفرتيتي وإخناتون، وقد حزنا عليها حزنًا شديدًا لدرجة أن نفرتيتي انعزلت وانطوت على نفسها حتى وفاتها عام 1330 قبل الميلاد، وقد حلَّت "ميريت أمون" ابنة نفرتيتي محل أمها بصفتها زوجة ملكية عظيمة.
قصة حب إخناتون ونفرتيتي
لم تكن نفرتيتي مجرد زوجة عابرة بالنسبة لإخناتون، فقد كانت الدعم والسند له في حياته، وتشاركا معًا كل شيء، الحياة والحكم والحب حتى الدين، وكانت من أشد المناصرين له ولديانته الجديدة، ولم ينسَ إخناتون ذلك، فكانت هناك تصاوير عدة تجمعهما مع بعضهما بعضًا. وصُنعت لنفرتيتي كثير من النقوش والتماثيل الخاصة بها، لدرجة أنها صُورت في جداريات وهي تحارب الأعداء.
وقد قال عنها إخناتون:
"أقسمت بك يا إلهي أن تجعلها نورًا في قلبي لا ينطفئ، وتجعلني عودًا في ظهرها لا ينكسر، فهي مني وأنا منها، وكلانا سر الوجود الآخر".
وذكرها إخناتون أيضًا في ترانيمه قائلًا:
"الجميلة أتت وابن آتون المحبوب..
يا مشرق أنت
قَوِّ أذرع الملك
وامنح السرعة لأقدامه
منذ أن أسَّست الدنيا وأنشأتها من أجل ابنك
الذي نشأ من بدنك ملك القطرين المصريين "نفر خبرو رع ـ أوان رع"
ابن رع الذي يعيش من ماعت، سيد التيجان، إخناتون، كبير في حياته،
والملكة الزوجة العظيمة "نفرتيتي" التي يحبها ملك القطرين
تبقى حيَّة وشابة دائمًا وإلى الأبد".
ختامًا، نتمنى أن تكون قد استمتعت بالقراءة، ونشكرك على حسن المتابعة، وانتظر الجديد والجديد في حياة المصريين القدماء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.