الجزء الثاني... - العقل يخاطب الذاكرة بعصبية: لماذا أنت مصرة على تعذيبي؟ لماذا لا تدعيني وشأني... - الذاكرة باستفزاز ردت: كيف أرحمك وأنا هنا أتشاجر مع الذكريات الحقيرة، إنه لشرفٌ لي أن أذيقكم عذابي، دعني أكمل (هاهاها)، لا تقاطعني.
سارا معاً، كانت تمشي قربه، وفي الرواق كان هناك مجموعة كبيرة من الشباب المارين يسيرون ويضحكون بصوت عالٍ، اقترب فلان منها وضمها إليه بقوة حتَّى لا يقترب منها أحد. في هاته اللحظة دقّ قلبها، يبدو أن رد الفعل هذا من مازن جعل قلب أمل يدق لأجله، ناولها كيس المكسرات الذي وعدها بإحضاره لها كعقاب له في خسارته في لعبة أمس.
عادت أمل إلى المنزل فور وصولها، استلقت على السرير تتذكر موقف مازن كيف ضمها إليه حتى لا يقترب منها أحد خوفاً عليها، أثناء حديثها معه على الانستغرام أخبرته عن مشاعرها الصادقة بكل شجاعة، أخبرته أن ذاك الموقف حرك شيئاً في داخلها، وفي موقف غيرة وقع الستار.. - العقل يقاطع الذاكرة: التزمي الصمت، اصمتي، اكتفيت من هذا الهراء، لماذا أسمع هاته الأمور السيئة؟ لماذا أسترجع جراحي؟ - الذاكرة تضحك: هذا لا شيء عزيزي، أنا لم أنتش جراحك بعد.. - العقل يتوسل إليها: أتوسل إليك أن تصمتي، وأن تتركيني أعيش حاضري حراً طليقاً بعيداً عن تلك الكوابيس..
- الذاكرة: أتذكر بكاء أمل وصراخها؟ - العقل: متى؟ - الذاكرة: أمل كانت قد وقعت في حب مازن، ناولته الحب والاهتمام والرعاية والحنان، كل هذا لم يكن كافياً بالنسبة لمازن... كانت أمل كالنجمة المضيئة تلمع في الثانوية جمالاً وثقة بالنفس، وروحاً حلوةً، كانت الابتسامة لا تفارق شفتيها إطلاقاً ... أخبرها مازن ذات مرة: أتعلمين أنني كنت أتمنى أن أستطيع الحديث معك، حتى كم تمنيت وتمنيت، لطالما اعتقدت أنك ملكٌ لأحدهم، فارس أحلام جميل، وسيارة فاخرة، لم أكن أظنك متواضعة، وعلى عكس الفتيات الأخريات... - العقل يضحك: التواضع أحيانا يصبح نقمة (هاهاها)...
- الذاكرة: أتذكر صبر أمل عليه؟ أتذكر كم كانت حزينة معه؟ أتذكر حزنها وبكاءها عليه؟ كم من فرص نجاح ضيعتها؟ وكم من وقت أهدرته على أخرق معتوه؟ كل هذا الكلام نصنفه في كفة، وإليك الصاعقة سيد عقل، عندما توفي والد أمل فجأة كانت أمل منهارة ومحطمة، مازن كان يزيد الطين بلة، كان يشاجرها ويبحث لها عن سبب لتفلت يده، وهي في عز حطامها وحزنها، لم يرحمها إطلاقاً، كان يتشاجر معها لأسباب تافهة، كان يحاول جاهداً إفلاتها... لكنها كانت معتوهة ولم تفهم ذلك.
غافل حزنها وراح يبحث له عن بديلة؛ لأن أمل المحطمة لم تعد تعجبه... خانها بأبشع الطرق... كان يرفض الوقوف لجانبها، يدعي الخوف عليها من كلام الناس، وهو كان يخاف أن يكتشف أمره، مرت الأيام والأسابيع، واكتشفت أمل أمره... كانت أمل محطمة من كل النواحي.. كل الأبواب موصدة في وجهها، الخيانة طعنت أمل ألف طعنة، لكن هذا لم يكن سبباً لإضعافها... - العقل: أمل قوية جداً، لا أملك أي شك أن الخيانة هي من جعلتها أقوى.. - الذاكرة: هذا مؤكد... فهي قد نجحت وحطمت المشاكل تلك، وأصبحت أمل امرأة قوية جداً، وأما عن ذاك الخائن فهو الخاسر الوحيد في القصة... كل ما أود إخباركم به هو أنه لا وجود للحب في المراهقة... إياكم والحب في سن المراهقة، فلا وجود للحب في هذا العمر.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.