أوجيست كونت.. أشهر رواد علم الاجتماع

يعد أوجست كونت واحدًا من رواد علم الاجتماع الذين أسهموا في بناء نسق من المعرفة السوسيولوجية يرتكز على المبادئ المستقرة للعلوم الطبيعية، ويستمد تطلعاته وطموحاته الفكرية من الحوار الذي فرضه العصر.

ومن أفكاره أن الفكر الإنساني أصبح فكرًا قاصرًا عن ملاحقة التغيرات والديناميات الاجتماعية الجديدة. ونتج ذلك عن التعارض الصارخ بين الاعتقاد والمعرفة.

أيضًا فالمشكلات التي ستترتب على التغيرات الجديدة لا يمكن حلها بسهولة بواسطة الأفكار السياسية القديمة والسياسات السابقة، وإنما يتعين تبني أنماط جديدة للسلوك والعمل الاجتماعي، لا يمكن أن تكون ذوات فاعلية إلا إذا ارتكزت على نسق من المعرفة العلمية الصحيحة الخاصة بالإنسان وبالمجتمع البشري.

وارتبط اسم أوجست كونت ارتباطًا وثيقًا بعلم الاجتماع بوصفه علمًا ينهض على أسس منهجية جديدة، ويهدف إلى تحقيق غايات ومثل أخلاقية واجتماعية.

والواقع أن النشأة الأكاديمية لكونت ساعدته كثيرًا في تكوين الإطار المعرفي الذي استندت إليه تحليلاته للظواهر الاجتماعية والأخلاقية.

ويمكن القول إن ارتباط كونت بسان سيمون، حينما عمل سكرتيرًا خاصًّا له قد طور عنده الرغبات الإصلاحية. ذلك أن سان سيمون بنزعته الاشتراكية الإنسانية كان يعتقد أن التقدم الاجتماعي لا بد وأن يتحقق.

اقرأ أيضًا: أوجست كونت واستخدام الفلسفة الوضعية في التفكير

اتصال أوجست بالفكر الفلسفي

واتصل أوجست بالفكر الفلسفي السائد في عصره، فاعتمد على الأفكار المعرفية التي طورها هيوم، فكانت صياغة تصوره عن العلوم الوضعية.

ويعد كتاب "دروس في الفلسفة الوضعية" أهم أعمال أوجست كونت، هذا الكتاب مكون من ست مجلدات، غير أن عنوان هذا الكتاب يجب ألا يخدعنا عن الحقيقة التي مؤداها أنه يمثل ثورة على الفلسفة التقليدية، فهو يتضمن "توجيهًا محددًا نحو الواقع"، ذلك أن الوضعية من المعرفة اليقينية المنظمة، وليس اليقين هنا معناه أن المعرفة مطلقة، وإنما نسبية.

ويذهب كونت إلى وجود ثلاثة جوانب تنطوي عليها "طبيعتنا" يجب تنظيم العلاقة بينها في حياتنا الخاصة بصورة مرضية. وتشمل هذه الجوانب: مشاعرنا وتتضمن الدوافع والعواطف التي تكمن خلف النشاط الذي نمارسه، وأفكارنا وهي تخدم المشاعر، وأفعالنا تلك التي تتم في ضوء المشاعر والأفكار معًا.

والمتتبع لتاريخ الإنسانية، يستطيع أن يقف على الكيفية التي تكونت بالعلاقة بين هذه الجوانب المختلفة، على نحو يمكن معه تمييز "ثلاثة مراحل" للتطور العقلي والاجتماعي. 

اقرأ أيضًا: من هو ابن خلدون؟ | وما دوره في علم الاجتماع والتاريخ؟

مراحل التطور العقلي والاجتماعي

المرحلة الأولى

أطلق عليها كونت اسم المرحلة اللاهوتية. وتتميز بأن مشاعر الإنسان وحياته تتصل أساسًا بالبحث عن طبيعة الأشياء وأسبابها وغاياتها.

المرحلة الثانية

المرحلة الميتافيزيقية، تمتاز بالتأمل العقلي، والبحث عن المعاني والدلالات، والكشف عن الجواهر، والتفكير في ضوء المثاليات والأشكال.

المرحلة الثالثة

المرحلة الوضعية، يتجه الإنسان نحو رفض تلك الافتراضات الميتافيزيقية التي تفسر الظواهر على أساس الماهيات أو على أساس الآلهة.

إن الإنسان في سعيه من أجل المعرفة يطرح التساؤلات اللاهوتية والميتافيزيقية؛ لأنها تساؤلات يتعذر الإجابة عنها. ويتجه العلم الوضعي نحو البحث فقط عن القوانين التي تحكم وقوع الظواهر، تلك التي لا تزيد عن كونها عبارات أو قضايا تتعلق بالارتباط بين الوقائع.

اقرأ أيضًا: مفاهيم في علم الاجتماع: مسألة البنية والطريقة

النظام الاجتماعي

أدرك كونت أن موضوع علم الاجتماع هو النظام الاجتماعي، وتنوع الأنظمة الاجتماعية في العالم. إن المجتمع هو نسق يتألف من أجزاء متساندة، وهو شيء يفوق الأفراد، ومن ثم يحتاج إلى دراسة خاصة. إن الأفراد يمكن فهمهم في سياق المجتمع الذي يعيشون فيه. ويقول كونت: "إن علم الاجتماع يدرس الأفعال والاستجابات الخاصة بمختلف أجزاء النسق الاجتماعي".

وعلم الاجتماع مثله مثل العلوم الأخرى ينقسم إلى قسمين رئيسين هما: الإستاتيكا (الاستقرار) والديناميكا (التطور). وتهم الإستاتيكا بدراسة الشروط الضرورية لوجود المجتمع الإنساني، والتركيز يكون على النظام العام، ودراسة النظام العام هي دراسة عوامل التوازن والتناغم والانسجام في بنية المجتمع. أما الديناميكا فإنها معنية بالتطور الذي يطرأ على العلاقة بين هذه الأنظمة الأساسية في مختلف المجتمعات، وخلال العملية التاريخية التراكمية. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة