أهم ما يجب أن تعرفه عن المسكنات الأفيونية

وفقًا للتعاون بين باحثي كلية طب وايل كورنيل وباحثي مركز نيويورك بيرسبتريان للصحة النفسية للشباب، فإن زيادة مستويات المواد الكيميائية الطبيعية في الجسم والمعروفة باسم الكانابينويدات الداخلية قد تساعد في منع الإدمان الشديد للأدوية الأفيونية مثل المورفين والأوكسيكودون، مع الحفاظ على قدرتها على تخفيف الألم، فتتفاعل الكانابينويدات الداخلية مع مستقبلات القنب في جميع أنحاء الجسم، وتنظم أنشطة مثل التعلم والذاكرة والمزاج والنوم والاستجابة المناعية والشهية.

يمكن أن تكون الأدوية الأفيونية الموصوفة للتحكم في الألم مسببة للإدمان، لأنها لا تخفف الألم فحسب، بل تسبب أيضًا شعورًا بالنشوة. قد تؤدي الدراسة قبل السريرية -التي نُشرت في 29 نوفمبر في مجلة ساينس أدفانسز (Science Advances)- إلى نوع جديد من العلاج يقلل من جوانب المكافأة للأدوية الأفيونية عن طريق أنظمة علاج الأدوية الأفيونية.

وفقًا لمراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها التابعة للحكومة الأمريكية (CDC)، أدى تعاطي الأدوية الأفيونية أو الإفراط في استخدامها إلى مقتل أكثر من 80 ألف شخص في عام 2023، ما أدى إلى تفاقم الأزمة في البلاد كلها. وقد أدت المخدرات -التي تم الحصول عليها بطريقة غير مشروعة- إلى مقتل كثيرين، ولكن ليس جميعهم.

قال الدكتور فرانسيس لي -المؤلف الرئيس للدراسة ورئيس قسم الأمراض النفسية في كلية طب وايل كورنيل وأيضًا الطبيب النفسي في مركز نيويورك بيرسبتريان/وايل كورنيل الطبي-: "عندما يخضع شخص لعملية جراحية ويتناول أدوية أفيونية لعلاج الألم، هناك دائمًا خطر من أن يصبح معتمدًا على هذه الأدوية".

المؤلف المشارك الرئيس للدراسة هو الدكتور أنجالي راجادياكشا، الأستاذ المساعد في علم أعصاب الأطفال في كلية طب وايل كورنيل ومدير مركز بحوث تعاطي المخدرات في كلية لويس كاتز للطب بجامعة تمبل. وكانت الدكتورة أرلين مارتينيز-ريفييرا -المؤلفة الأولى- محاضرة في مختبر الدكتور راجادياكشا خلال مدة البحث، وهي الآن أستاذ مساعد في كلية طب كاتز.

اقرأ أيضاً فوائد وأضرار المسكنات على جسم الإنسان

منظور مختلف

عندما بدأ هذا المشروع، لم يكن أي من الباحثين يدرس الأدوية الأفيونية. كان الدكتور لي يدرس دور الكانابينويدات الداخلية في الخوف والقلق. وفي المختبر المجاور، كان الدكتور راجادياكشا يدرس نموذج فأر لإدمان الكوكايين. فقرَّرا التعاون عندما أظهرت الأدبيات أن النظام الأفيوني قد يتفاعل مع الشبكة المعقدة للمواد الكيميائية والمستقبلات في نظام الكانابينويدات الداخلية.

وكما تحفز الأدوية الأفيونية نظام المكافأة في الدماغ لإفراز الدوبامين، فإن الكانابينويدات الداخلية المنتجة طبيعيًّا والأدوية ذات الصلة مثل رباعي هيدرو كانابينول (THC) في القنب تنتج "نشوة". على الرغم من تشابه دورها، فإن الكانابينويدات الداخلية وTHC يعملان بواسطة مستقبلات القنب، في حين تتفاعل الأدوية الأفيونية مع مستقبلات مختلفة.

والأمر المدهش هو أن هذه الاكتشافات قد قلبت المعتقدات الأساسية في مجال الأدوية الأفيونية، إذ كان يُعتقد أن استخدام الكانابينويدات الداخلية مع الأدوية الأفيونية يزيد من السلوكيات الإدمانية بشكل متعاون. قال الدكتور لي -وهو أيضًا أستاذ في علوم الأعصاب في معهد فيل لبحوث الدماغ والعقل في كلية طب وايل كورنيل-: "نظرًا لأننا لم نكن من أعضاء مجال الأدوية الأفيونية، فقد توصلنا إلى فكرة غير بديهية مفادها أن نظامًا واحدًا قد يمنع تأثير النظام الآخر على المكافأة".

اقرأ أيضاً المسكنات ومضادات الالتهاب ليست كلها واحداً.

التفاعل المدهش لنظام المكافأة

استنادًا إلى هذه الفكرة، اختبرت الدكتورة مارتينيز-ريفييرا في الفئران نوعين رئيسين من الكانابينويدات الداخلية، أولاً الأنانداميد (AEA)، ثم الأراشيدونويلغليسيرول (Arachidonoylglycerol أو 2-AG). حيث قالت: "في البداية حصلنا على العديد من النتائج السلبية عندما كنا ندرس AEA، وكنا في الواقع نخطط للتخلي عن المشروع". وأضافت: "لكن بعد ذلك استخدمنا 2-AG وحققنا نتائج إيجابية".

في نموذج الفأر، أظهر زيادة مستويات 2-AG تأثيرًا مضادًا للخصائص المكافئة للأدوية الأفيونية، ما قلل السلوكيات المرتبطة بالإدمان على الأدوية الأفيونية، في حين استمر في التحكم في الألم.

استخدم الباحثون مادة كيميائية تُسمى JZL184 لمنع تحلل 2-AG، ما أدى إلى زيادة مستويات الكانابينويدات الداخلية في الدماغ. وفي تجارب منفصلة، اكتشف الفريق أن علاج الفئران بجرعات منخفضة من JZL184 قبل إعطائها المورفين أو الأوكسيكودون يقلل من السلوكيات المرتبطة بالإدمان.

في اختبارات الألم، يبدو أن الفئران التي عولجت بـ JZL184 لا تزال تعاني تأثيرات المورفين والأوكسيكودون المخففة للألم. قال الدكتور راجادياكشا: "هذا يشير إلى أن الكانابينويدات الداخلية والأدوية الأفيونية قد لا تتفاعل معًا في مناطق الدماغ والنخاع الشوكي المسؤولة عن تسكين الألم". وأضاف: "بل على العكس، فإن تفاعلهما في مناطق الدماغ يتضمن تقليل المكافأة والاعتماد".

أظهرت تجارب أخرى أن 2-AG يعمل عن طريق مستقبلات القنب "Cannabinoid Receptor Type 1" (CB1) في المنطقة التحتية المغطاة، وهي مجموعة من الخلايا العصبية في الدماغ المتوسط تؤدي دورًا أساسيًا في المكافأة والتحفيز، كما يؤدي رفع مستويات 2-AG إلى تقليل إشارات الدوبامين، وهو عنصر رئيس في نظام المكافأة. قال الدكتور راجادياكشا: "هذه هي أولى الأمثلة التي تشير إلى أن نظام الكانابينويدات الداخلية يمكن أن يكون له تأثير معاكس على نظام مكافأة آخر، ألا وهو في هذه الحالة: النظام الأفيوني".

يتم حاليًا اختبار الأدوية المحتملة مثل JZL184 في التجارب السريرية كعلاج محتمل لاضطرابات القلق، لذا فإن الدكتور لي متفائل بشأن الجدول الزمني لاختبارها مع الأدوية الأفيونية لإدارة الألم لدى البشر. وقال: "نحن نفكر في هذا الموضوع تفكيرًا منهجيًّا، ونعمل على تحويل هذه النتائج ما قبل السريرية إلى طرق تساعد المرضى".

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة