أهم المشكلات التي تواجه طفل التوحد الناطق في مرحلة المراهقة

كثيرة هي المشكلات التي يواجهها طفل التوحد عالي الأداء -إسبرجر سابقًا- في مرحلة المراهقة التي تختلف من شخص لآخر. نرصد أبرزها في هذه المقالة، مع توجيه بعض النصائح والإرشادات للوالدين لمساعدة طفل التوحد في مواجهة هذه المشكلات.

التوحد الناطق والمراهقة

تعرف المراهقة على أنها مرحلة انتقالية من الطفولة إلى الرشد، وهي مرحلة مليئة بالصعوبات والتحديات للطفل العادي، فكيف بطفل التوحد؟!

لا شك في أن التحديات تكون أكبر نظرًا لطبيعة المرحلة وطبيعة الشخص التي يمر بها التي يتسم بسمات وخصائص ينفرد بها دون غيره من الأطفال. فالتوحد هو حالة تؤثر في الدماغ، في طريقة معالجة المعلومات التي يستقبلها ويترجمها إلى معانٍ.

مع أن طفل التوحد عالي الأداء أفضل بكثير من أقرانه، فإنه يعاني بعض المشكلات في مرحلة المراهقة معظمها يتعلق بالتواصل مع الآخرين، كونه غير قادر على التواصل مع الناس. ومع أن طفل التوحد عالي الأداء أو إسبرجر كما كان يطلق عليه في وقت سابق، بإمكانه التواصل الشخصي -وجهًا لوجه- غير أنه في المواقف الجماعية يفتقد القدرة على التواصل مع الآخرين.

التوحد الناطق يواجه صعوبة في فهم الإشارات الاجتماعية المعقدة والتفاعل بفاعلية مع أقرانه، وهو أيضًا يجد صعوبة في تفسير تعبيرات الوجه، نبرة الصوت، والتلميحات الاجتماعية، وهو ما نسميه فهم ما وراء المعنى.

فقد يلقي أحدهم نكتة تثير ضحك الجميع، في حين أنها لا تثير حتى فضول طفل التوحد عالي الأداء، وكذلك الأمثال الشعبية وغيرها من الكلمات والجمل التي تحمل دلالات معينة. فهو يتعامل مع الكلمات على نحو صريح دون فهم المعاني الضمنية التي تشير إليها.

صعوبة في تكوين صداقات

يواجه المراهق التوحدي صعوبة في إقامة علاقات صداقة وطيدة بأقرانه والحفاظ عليها بسبب التحديات والصعوبات التي تتعلق بالتواصل مع أقرانه، ولذلك نجد علاقاته دائمًا متوترة وغير مستقرة.

وهنا تحديدًا يوجه الاتهام إلى طفل التوحد بأنه أناني يرغب في الحصول على مصلحته قبل أي شيء، وبمجرد حصوله عليها، لا تكون لديه رغبة في التواصل مع الآخرين، لذا ومع الوقت، يكتشف أقرانه ذلك فيبتعدون عنه، كونها علاقة قائمة على المصلحة من جانب واحد.

السؤال الآن..

كيف يمكن التغلب على هذه المشكلة؟

الحل يكمن في التدريب والتأهيل المبكر لطفل التوحد. وكثيرًا ما نؤكد أهمية ذلك، تحديدًا في البيت بكونه المدرسة الأولى التي يتعلم فيها الطفل كل شيء عن أي شيء في الحياة، يكون فيها الوالدان هما المعلم الأول لطفلهما.

البيت إذن هو المدرسة الأولى التي يتلقى فيها الطفل أولى دروس الحياة، فيها يتعلم ويتدرب على كيفية التواصل مع الغير، يعرف السلوكيات المقبولة في المجتمع والأخرى التي يرفضها ولا يصح أن نفعلها، يتعلم أن الحياة أخذ وعطاء، وهذه مهمة الوالدين في البيت، عن طريق التركيز على المواقف التي يمكن أن يتعرض لها طفل التوحد، ويعملان على معالجتها في مواقف داخل البيت.

فعندما يعرف الوالدان مشكلة الابن، ويضعان أيديهما على المشكلة، حينها يكون من السهل جدًّا حلها، المهم أن تكون البداية في وقت مبكر من اكتشاف المشكلة لكي تزيد فرص العلاج والحل. فالعمل مع الطفل وهو في سن مبكرة على التواصل الجيد والفعال يؤتي بنتائج جيدة مقارنة بتدريبه في وقت متأخر تكون فيه النتائج ضعيفة والتحسن بطيئًا للغاية.

التوحد والمشكلات الحسية

يواجه طفل التوحد الناطق تحديًا آخر يتعلق بالمشكلات الحسية، فلديه حساسية مفرطة تجاه الشم، التذوق، النظر، السمع، واللمس. ففي الأمكنة المزدحمة التي يزداد بها الضوضاء والصوت المرتفع، يشعر طفل التوحد بالانزعاج لدرجة أنه يضع يده في أذنه كي لا يسمع هذه الأصوات المؤذية له.

طفل التوحد لديه حساسية شديدة من اللمس، ففي المواقف الاجتماعية العادية، وعندما نقابل شخصًا عزيزًا أو صديقًا أو قريبًا لم نره منذ مدة بعيدة، نسلم عليه بحرارة ونحتضنه، هذا التصرف بالنسبة لطفل التوحد يزعجه للغاية، فهو يفضل إن حدث، أن يكون هو المبادر به.

لدى طفل التوحد حساسية من تنظيف أسنانه، ويحتاج الأمر إلى تدريب طويل لكي يتقبل المواد التي يستخدمها في تنظيف أسنانه، ولمسها قبل أن يستخدمها.

يشعر طفل التوحد بكثير من الثقة والأمان عندما تتاح له الفرصة للحديث عن الأشياء التي يحبها مثل الرياضة والقطارات وألعاب المكعبات.

عندما يتحدث طفل التوحد أمام مجموعة من الناس، قد يكون الموضوع مملًّا أو غير ذي أهمية لهم، ما يعني أنه يتعين عليه تغيير الموضوع، وهذا يبدو جليًّا في تعبيرات وجه من يشاهده أو يسمعه، لكن هذه النقطة تحديدًا -الإيماءات وتعبيرات الوجه- لا يفهمها طفل التوحد؛ وبذلك يكون بحاجة لمن يلفت انتباهه إليها، وفي ضوئها يبدأ التعامل.

الطوابير وإجراءات التفتيش

الانتظار في الطوابير الطويلة أو إجراءات التفتيش في المطارات عند السفر كلها أشياء مزعجة لطفل التوحد، فهو لا يفهم لماذا يتعين عليه الوقوف في طوابير طويلة من أجل إنهاء خدمة معينة أو الحصول عليها، وكذلك الخضوع للتفتيش في المطارات، لذا يكون بحاجة لمن يعرِّفه كل هذه الأشياء ويدرِّبه عليها في مواقف مشابهة، وهنا تتضح مرة أخرى أهمية التدريب في البيت.

التغيرات الجسدية والعاطفية

المراهقة عند طفل التوحد هي نفسها المراهقة عند الأطفال العاديين، مجموعة من التغيرات التي تمر على كل منهما، تغيرات جسدية ونفسية وعاطفية، يعاني معها الأطفال العاديون إذا لم يكن الوالدان قريبين منهم، من أجل طمأنتهم حول هذه المتغيرات الجديدة في أجسادهم وعقلياتهم، وأن توجد تهيئة مسبقة لهذه التغيرات قبل حدوثها.

فما بالنا بطفل التوحد أمام هذه التغيرات المتعددة؟ بلا شك الموضوع سيكون أصعب وأعقد، ويحتاج حكمة الكبار من الوالدين في التعامل مع المراهق في هذه المرحلة الحساسة من حياته للتكيف معها، حتى لا تنعكس سلبًا على نشاطاته وحياته خاصة الأكاديمية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة