في المسلسل التركي الشهير «قيامة عثمان» أو «المؤسس عثمان» الذي أنصح دومًا الآباء والأمهات بمشاهدته رفقة أبنائهم؛ لما يتضمنه من قيم وعادات وتقاليد طيبة.
فضلًا عن الشعور الذي يسيطر على المشاهد طوال الحلقات بعزة النفس والكرامة عندما نشاهد انتصارات الأجداد وفتوحاتهم، يمكننا أن نجد بوضوح جودة العلاقة الأخوية بين الإخوة أورهان وعلاء الدين وأختهما فاطمة.
قد يهمك أيضًا هل يمكن أن نقسم الأخلاق ونختار المناسب لنا من بينها ؟
شكاوى الآباء المتكررة من شجار الأبناء
كثيرًا ما نسمع شكاوى الأمهات من الشجار الدائم بين الإخوة، خاصة عندما يكونون في سن متقاربة، وعدم احترام الصغار للكبار، وغياب الرحمة من قبل الكبار تجاه إخوتهم الصغار.
وهو ما يجعل العلاقة بين الإخوة يشوبها نوع من التوتر والاضطراب والمناوشات التي قد تصل حد الاشتباك بالأيدي في أحيان كثيرة.
تتجلى عظمة الدراما في قوة التأثير الذي تحدثه في نفوس المشاهدين، لا سيما إذا كان الممثلون أو المؤدون لهذه الأدوار يتمتعون بكاريزما وحضور لافت على الشاشة، فإن تأثير سلوكياتهم وتصرفاتهم، وأقوالهم وأفعالهم، يكون قويًّا لمن يشاهده من الكبار قبل الصغار.
قد تنطبق كل هذه الأوصاف على الشخصيات التي أُحسن اختيارها لتقديم هذه الأدوار التاريخية في «المؤسس عثمان» التي برع مؤدوها في تأدية الدور على أكمل وجه، على نحو خطف عقول وقلوب المشاهدين الكبار والصغار معًا، فيلتفون حول شاشة التليفزيون كل أسبوع لمشاهدة الحلقة الجديدة منه.
وهنا على الآباء ألا يفوِّتوا هذه الفرصة الثمينة وهم يشاهدون هذا العمل الدرامي الممتع بجوار أبنائهم الذين ينتظرون إذاعة الحلقة بفارغ الصبر، أن يسلطوا الضوء على هذه الإشارات والقيم والتقاليد الجميلة التي نفتقدها في واقعنا المعاصر.
خاصة تلك العلاقة الزاهية بين الإخوة في هذا العمل الدرامي، سواء الإخوة الأشقاء، أو الإخوة في الوطن.
قد يهمك أيضًا كيف تناولت أفلام "ثلاثية الأخلاق" ظاهرة انهيار المجتمع؟
الأخلاق المستفادة من أبطال المسلسل
«فاطمة» ذلك الصدر الحنون الذي يحتوي إخوتها -أورهان وعلاء الدين- في أوقات الحزن والفرح، تقدم لهم الدعم وقت الحاجة، ودون سؤال أو طلب، تشعر بإخوتها دون أن يتحدثوا، تواسيهم، تمازحهم، تلاعبهم، تستمع لما يدور في عقولهم وما يشغل بالهم، تقرأ أفكارهم دون أن يصرحوا بها، تُظهر الاحترام والتقدير لإخوتها الكبار.
في المقابل، أورهان وعلاء الدين، أبناء المؤسس عثمان، يُظهران الرحمة والحنان لأختهم الصغرى والوحيدة، فهي أخت وقتما يحتاجون إليها أختًا، وصديقة وقتما يحتاجون لصدر حنون يبثون إليه آلامهم وآمالهم.
وهكذا حال الكبار دومًا، عليهم أن يُظهروا وجه الرحمة والحنان لمن هم أصغر منهم، فإذا كنا نعلم الصغار احترام الكبار، فنحن أيضًا نعلم الكبار الرحمة بالصغار.
اللافت هنا أيضًا، أن أيًّا من الإخوة عندما يُصاب بمكروه، أو يُحزنه أمر، يجتمع إخوته حوله، لمواساته والتخفيف عنه، وليس السخرية منه أو التقليل من الصدمة التي تعرض لها.
فمشاركة الإخوة لأحزان بعضهما، تخفف من وطأتها، بدلًا من أن يحملها أحدهم بمفرده، يتقاسمونها معًا فتكون خفيفة الحمل على النفس.
قد يهمك أيضًا قصة قصيرة.. عن الأخلاق والفضائل للأطفال
لكن السؤال: من أين يأتي الأبناء بهذه الخصال الحسنة؟
لا شك أن هذه الخصال لا يمكن للأبناء أن يتصفوا بها إن لم يكن الأب والأم حاملين لها قولًا وعملًا. فالأم «بالا» ابنة الشيخ أديب علي، مشهورة حتى قبل زواجها من عثمان بأنها أخت للجميع، تقدم المساعدة دون أن يطلب أحد.
تسارع مثل أبيها للإحسان للآخرين، وتقديم الدعم المادي والمعنوي كلما اقتضت الحاجة، وعند الزواج من عثمان تجسَّدت هذه الصفات والخصال بوصفها زوجة لرأس الدولة وليدة التأسيس.
لذلك دومًا نؤكد على أهمية التربية بالقدوة في حياة الأبناء، فالأبناء ليسوا بحاجة للمحاضرات، بقدر ما يحتاجون للأفعال التي يرونها بأم أعينهم، فيتمثلونها في أفعالهم وتصبح جزءًا من شخصيتهم.
هذه «فاطمة» السند لإخوتها، تتحلى بالشجاعة وروح الفكاهة، لذلك وقت الشدة تظهر شجاعتها في الوقوف خلف أبيها وإخوتها، وفي وقت الفرح، تمازح وتضحك وتداعب إخوتها، ولمَ لا وهي الأخت الوحيدة، التي يجب عليهم تدليلها وإشعارها بأنوثتها ومكانتها في قلوبهم؟
حتى عندما تلاحظ إعجاب أخويها، تُظهر لهما الدعم وتقدم لهما المساعدة، بل إنها تخفي عن أبيها وأمها، ما يفعله إخوتها، فليست مجرد أخت فحسب، بل وكاتمة أسرارهم.
على الرغْم من أن بعض المواقف بحضور أبيها وأمها قد تفضح ما يحاولون إخفاءه، لكنها تظل على العهد وفيةً لإخوتها، كاتمةً لأسرارهم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.