أهمية غرس مهارة التخطيط في الطفل منذ الصغر

إحدى المهارات التي يجب غرسها في الطفل منذ نعومة أظفاره لكي ينشأ ويترعرع وتصبح جزءًا من شخصيته، مهارة التخطيط، فلا يضيع وقته، ومن ثم عمره هباءً دون إنجاز يضيف إلى البشرية شيئًا.

وما مشاهد التسكع على النواصي وأمام مدارس الفتيات، والجلوس على المقاهي والكافيهات، وتصفح مواقع التواصل الاجتماعي والجلوس أمامها بالساعات، إلا دلالة على غياب التخطيط لدى أبنائنا منذ الصغر، فيقضون جل وقتهم في توافه الأمور، ويضيع حاضرهم ومستقبلهم، ويكونون سببًا في تأخر وطنهم وأمتهم.

اقرأ أيضًا ماذا تعرف عن فن التخطيط وما أهميته؟

كيف تساعد طفلك في التخطيط؟

في عصور النهضة الإسلامية التي أضاءت ظلام الغرب بنور الهداية والإيمان والعلم، كنا أمة منتجة مصدرة للعلم في المجالات كافة، حتى إن الغرب أخذوا عن المسلمين هذه العلوم، وبنوا عليها، حتى صاروا إلى ما هم عليه اليوم من تقدم وحضارة وازدهار.

في الوقت الذي يئن فيه المواطن العربي، حيث الفقر والجهل والتخلف والظلم وغياب العدالة وتفشي الأوبئة والأمراض، وصارت معظم بلدانه ساحة للحروب والصراعات.

قد يتبادر إلى الذهن أن كلمة التخطيط، ترتبط بالشركات والمؤسسات الكبيرة، حتى على مستوى البلدان، ولكننا ننسى أو نتناسى أن الأسرة هي نواة أي مجتمع، والأسرة أفراد، يعمل الأبوان فيها على تنشئة جيل جديد يحمل همَّ وطنه وأمته.

لكي يستطيع الوالدان توجيه أطفالهما، يجب عليهما قبل كل شيء أن يقفا على مجالات اهتمامهم، مهاراتهم، هواياتهم المفضلة، عاداتهم، هل يحبون العزلة والانطواء، أم يميلون إلى مخالطة الأصدقاء؟

بحيث إذا ما عرفنا المجال أو الهواية أو الرياضة أو المهارة التي يفضلها الطفل أمكننا وقتها توجيهه نحوها، وتشجيعه على ممارستها، وتقديم كافة أشكال الدعم والمساعدة التي تجعله يبدع فيها.

اقرأ أيضًا نشأة التخطيط وأنواعه وأسباب انتشاره

ماذا تحب أن تعمل عندما تكبر؟

كثير منا قد يسأل طفله الصغير: ولدي.. ماذا تحب أن تعمل عندما تكبر؟ قد يكون مجرد سؤال فقط، من باب التباهي أن الطفل يقول إنه يتمنى أن يصبح طبيبًا أو مهندسًا أو طيارًا أو ضابطًا وغير ذلك، دون أخذ بأسباب الوصول إلى ذلك وعلى رأسها التخطيط.

فتحقيق الآمال والأهداف ليس بالتمني، ولكن بالتخطيط، ووضع الأهداف، والوسائل التي توصلنا لتحقيقها، فلكي يصبح طبيبًا أو مهندسًا أو عالمًا، عليه أن يجدَّ ويجتهد في دراسته، أن يضع خطة قصيرة المدى، وأخرى متوسطة المدى، وثالثة طويلة المدى، من أجل الوصول إلى الهدف المنشود.

هذا يعني أنه لكي نساعد أطفالنا على التخطيط، يجب أن تكون بيننا لغة حوار ونقاش، ما يعني أنك تخصص وقتًا كل يوم حتى ولو ربع ساعة تجلس على انفراد مع كل طفل من أطفالك، وتستمع إليه، وتعرف ما يدور في عقله، وما يفكر به.

هذا يعني أيضًا أنه بالحوار والنقاش وليس بالفرض والإجبار، تكون طريقة الحوار والتوجيه للأبناء، لأنه ما لم يكن الطفل يرغب في تحقيق شيء ما، لن تكون لديه دافعية لإنجازه، بل يجب أن يعمل ما يحب، لكي يرى ثمرة جهده.

اقرأ أيضًا هل سمعت عن فن التخطيط من قبل؟

دعه يرسم طريقه بنفسه

وهذه نقطة غاية في الأهمية، خاصة وأن الواقع من حولنا يشير إلى ظواهر غريبة ومرفوضة ولها تداعياتها السلبية على شخصية الطفل ونفسيته، وهي أن الآباء والأمهات يرسمون لأطفالهم طريقًا معينًا هم مَن وضعوه، ورسموا معالمه، وخططوا له، ويفرضونه على طفلهم، بل ويجبرونه على ضرورة السير وفقًا له دون مراعاة لقدراته وإمكاناته ورغباته.

فالأم التي كانت تتمنى أن تصبح طبيبة مشهورة، وفشلت في تحقيق ذلك الهدف لسبب ما، تريد من طفلها أو طفلتها تعويض ما فشلت هي في تحقيقه، ما يمثل ضغطًا كبيرًا على الطفل؛ لمعرفته ما سوف يترتب على عدم تحقيقه هذا الهدف، فيتشتت انتباهه، ويتوتر، ولا يستطيع التركيز، ويرتكب الأخطاء واحدًا تلو الآخر؛ فتضعف شخصيته، وتهتز ثقته بنفسه.

التخطيط يعني تنظيم الوقت، ولكي يمكننا تنظيم الوقت، لا بد من عمل جدول، ينظم أحداث يومنا، متى يستيقظ الطفل، متى يذهب إلى المدرسة، موعد الدروس، وقت اللعب، موعد كتابة الواجبات ومراجعة الدروس التي أخذها على مدار اليوم وهكذا.

إذا ما تم تعويد الطفل على ذلك منذ الصغر، حتى وإن لم يلتزم به بنسبة 100 %، غير أنه عامًا بعد عام، ينشأ ويكبر حتى يصبح جزءًا من حياته، وروتينًا يوميًا لا يحتاج لاحقًا أن يكتبه في ورقة، لأنه سيكون محفورًا داخل عقله، يعرف تفاصيل يومه حتى لو لم تكن مكتوبة، يعرف موعد الاستيقاظ، موعد النوم، وقت اللعب، وقت المذاكرة وكتابة الواجبات وغيرها.

اقرأ أيضًا بعض الخطوات البسيطة لتخطيط وإضافة البهجة على حياتك

تخطيط الوقت

من فضلك أيها الأب، أيتها الأم، ساعد طفلك على تخطيط وقته، ويومه، بل وحياته كلها، توجَّه إليه بالأسئلة التي تساعده في ذلك، قل له: حبيبي، ماذا تريد أن تفعل اليوم؟ هذا الأسبوع؟ هذا الشهر؟

أيًا كانت الإجابة، طويلة أم قصيرة، صحيحة أم خاطئة من وجهة نظرنا، دعه يكتب ما يريد في ورقة، أنت بذلك تغرس فيه دون أن تدري حب النظام والتخطيط.

حبذا لو كافأته على ذلك، ماديًا كان أم معنويًا، فهذا يجعله يكرر هذا مجددًا من أجل الحصول على المكافأة.

تذكَّر أيها المربي الكريم، أن من لا يجيد التخطيط لحياته، لا يمكنه النجاح وبلوغ الغايات والأهداف؛ لأنها أصلًا غير موجودة، يضيع وقته وعمره وراء أوهام، إلى أن تأتي اللحظة التي يقف فيها وقفة المحاسبة على نفسه، فيتحسر على ضياع عمره، وهو يرى أقرانه وأصدقاء طفولته، قد حققوا إنجازات، أبسطها أسرة يسودها الحب والاحترام وأبناء صالحين.

وأنتم أعزائي الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات، حول أفضل طريقة تساعدون بها أطفالكم لاكتساب مهارة التخطيط.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة