أهمية تنمية الوازع الديني لدى المراهق

انشغل كثير من الآباء المعاصرين منذ الصغر بتعليم أولادهم اللغات المختلفة، وكذلك الاهتمام بغرس مبادئ التربية الحديثة أو الإيجابية في تربية الأبناء، وهو أمر محمود بكل تأكيد. لكن السؤال: هل هذا هو ما يحتاج إليه أبناؤنا فقط؟ أم أنه يوجد جانب آخر هو الجانب الروحي يجب الاهتمام به كذلك منذ نعومة أظفاره، حتى قبل خروجه إلى هذه الدنيا؟

المراهق.. جسد وروح

 يجب بأي حال من الأحوال ألا يكون اهتمام الوالدين منصبًّا فقط على الجانب الجسدي والمظهر الخارجي للطفل، على حساب التربية الإيمانية، التي هي غذاء الروح، فنجد أن المربين يهتمون بما يصلح الجسد من مأكل ومشرب وملبس، متناسين تمامًا الجانب الروحي، الذي لا يقل أهمية عن الجانب الجسدي وصحة الطفل، في عصر طغت عليه المظاهر والشكليات، فصار تعليم الطفل اللغات الأجنبية منذ الصغر مصدر فخر للوالدين!

لا بد من نشأة الطفل منذ صغره على الأخلاق الحسنة، والسلوكيات المقبولة، وغرس القيم النبيلة مثل احترام الكبير، والرحمة بالصغير، والتعاون ومساعدة الغير، والصدق والأمانة، وقبل كل ذلك غرس مفهوم المراقبة والضمير اليقظ لديه، بحيث يعلم تمام العلم أن الله عز وجل مطلع عليه في كل أحواله، حتى في خلوته حيث لا يراه أحد، فيفكر ألف مرة قبل أن يعصيه.

إذا ما تم ذلك، وقام الآباء والأمهات بدورهم كما ينبغي منذ ولادة الطفل، صفحة بيضاء، فإننا نكون أمام مراهق حسن الخلق، بار بوالديه، محب للغير، متعاون مع الجميع، يبادر بتقديم المساعدة، صاحب مسؤولية وشخصية، واثق بنفسه وبقدراته وإمكاناته.

واقع المراهقين اليوم "مؤلم"

لكن نظرة فاحصة على الواقع من حولنا، نجد أن انعدام الأخلاق هو السائد بين المراهقين اليوم، حتى إن الألفاظ النابية أصبحت مثل "اللبان" في فم المراهق، لا يتورع عن التفوه بها حتى أمام الوالدين دون حرج أو اعتبار لمقام والديه، وهذا من التبجح الذي صار لدى هؤلاء المراهقين، لدرجة أن المراهق اليوم قد يتطاول بالسباب والشتائم وربما وصل الأمر لضرب والديه.

لا شك أن هؤلاء الآباء والأمهات يدركون أنهم قصروا في تربية أبنائهم تربية إيمانية منذ نعومة أظفارهم حتى كبروا على سوء الأخلاق هذه، فصاروا لا يحترمون حتى أقرب الأقربين، ويتمنون لو تعود بهم الأيام حتى يحسنوا تربيتهم ويتداركوا هفواتهم وتقصيرهم، فاعتبروا معاشر الآباء.

ما أفضل طريقة لتنمية الوازع الديني لدى المراهق؟

من أفضل الأساليب التي يكتسب من خلالها المراهق حسن الخلق هو القدوة الصالحة. فالطفل عندما ينشأ في بيت يحافظ والداه على الصلاة في وقتها، وتلاوة القرآن الكريم يوميًّا، والإحسان إلى الجيران، ومساعدة المحتاج، وقبل ذلك، تلك العلاقة القائمة على الاحترام المتبادل بين الوالدين، فلا يسمع صوتًا مرتفعًا لأحدهما على الآخر، ولا لفظًا خادشًا للحياء، فإن ذلك أدعى أن يكسبه حسن الخلق.

حسن الخلق بين الأبناء

فالبيت السوي هو الذي تسود علاقات صحية بين أفراده، بدءًا من الوالدين والإخوة، حيث الاحترام المتبادل، والأخذ بمبدأ الشورى وعدم الانفراد بالرأي أو التسلط، خاصة في الأمور التي تهم أفراد الأسرة، كالخروج في نزهة لمكان ما، أو تناول وجبة العشاء في مطعم ما، وغيرها من الأمور التي تُشعر الأبناء بأنهم مشاركون في صنع القرار.

إذا كبر ولدك خاويه

في الطفولة المبكرة، تكون لدى الطفل قابلية للنصائح والتوجيه، من هنا كانت المقولة القائلة "التعليم في الصغر، كالنقش على الحجر"، أما عند بلوغه مرحلة المراهقة، فإنه يكون أكثر حساسية للنصائح والتوجيهات فضلًا عن الأوامر والنواهي، وهو ما يظهر حالة العناد التي يشكو منها كثير من الوالدين في مرحلة المراهقة، وعدم طاعة المراهق لما يطلبه والداه، وإن حدث، فإنه يكون بعد عناء طويل.

المراهق في هذه المرحلة لديه ضمير حي، يؤنبه إن صدر منه تصرف أو سلوك أو قول غير مرغوب، حينئذ تأتي أهمية مخاطبة عقل المراهق وعاطفته، بمناقشة عقلية حكيمة ممزوجة بمخاطبة عواطفه ومشاعره، فإن ذلك يكون أدعى أن يرده عن خطئه.

مخاطبة عقل المراهق

من الأمور التي تقوي النزعة الإيمانية لدى الأبناء، النوازل والشدائد والأمراض وغيرها من الأمور الصعبة التي تلم بالإنسان، فتظهر ضعفه أمام أقدار الخالق عز وجل، فلا يكون منه سوى إظهار الانكسار واللجوء إلى الله في هذه الأوقات الصعبة.

وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم في التعليقات أسفل هذه المقالة، حول أهمية تنمية الوازع الديني لدى الأبناء في مرحلة المراهقة؟

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة