أهمية تقديم الدعم النفسي وجبر الخواطر في العلاقات الإنسانية

جبر الخواطر فنّ إصلاح القلوب، فهو مصطلح عربيّ أصيل يحمل في طياته معنىً عميقًا يتجاوز مجرد إصلاح الخاطر، بل يتعدّى إلى بناء جسور من المحبة والتسامح بين القلوب.

فهو فنٌّ رفيعٌ يتطلّب حكمةً ودرايةً نفسيةً عميقةً، وفطنةً في التعامل مع مشاعر الآخرين ومهارةً في تهدئة النفوس المتألمة.

أبعاد جبر الخواطر

لا يقتصر على تقديم العون الماديّ فقط، وإن كان ذلك جزءًا منه، بل يتعدّاه إلى أبعاد أخرى، منها:

الإنصات الجاد

فالاستماع بانتباهٍ وبتركيز لما يقوله الطرف الآخر وفهم مشاعره دون مقاطعة أو تحليل سريع أو إبداء أي ردة فعل لا سيما في عز احتياجه إلى شخص يستمع إليه، ويحتويه فهو أعظم جبر.

فالإنصات الحقيقي يُشعر المتحدث بالأمان والقبول، ويجعله يفيض بكل ما يجول في خاطره وبكل آلامه التي تغمره.

الاعتذار الصادق

يُمثل الاعتذار الصادق عن الأخطاء المرتكبة خطوة أساسًا في جمع الجروح، وتهدئة النفوس، فقد لا تفي كلمة آسف بهذا الأمر، بل يجب أن يكون الاعتذار صادقًا نابعًا من القلب يشعر به الطرف الآخر ويحتويه.

التعاطف والرحمة

يجب أن يتّسم الشخص بالتعاطف والرحمة مع الآخرين، وأن يُدرك مشاعرهم وأحاسيسهم، وأن يحاول وضع نفسه مكانهم لفهم ما يمرّون به، هذا التعاطف يُساعد على بناء علاقةٍ قائمةٍ على الثقة والاحترام والمحبة.

الكلام الطيب

اختيار الكلمات المناسبة بعناية، وتجنّب الكلام الجارح أو المُحبط أو النقد اللاذع، فالكلمات الطيبة كالدواء الشافيّ للنفوس الجريحة يجب أن تقال بعناية.

المساعدة العملية

تقديم المساعدة المادية أو المعنوية حسب الحاجة، سواءً كانت كبيرة أم صغيرة، فأحيانًا تكون أبسط الأشياء هي الأكثر تأثيرًا في الطرف الآخر.

الصبر والتحمّل

جبر الخواطر يتطلّب صبرًا وتحمّلًا، فبعض القلوب تحتاج إلى وقتٍ طويلٍ لتشفى وتتخطى، لا سيما إن كان الحدث جللًا، فلا تستعجل النتائج أو تشعره بتململك، وكن صبورًا عليه.

الغفران والتسامح

التسامح عن الأخطاء، ونسيان الماضي، هما أساسا جبر الخواطر، فالعفو عن الآخرين يُريح القلب، ويُسهم في بناء علاقةٍ قويةٍ قائمة على الاحترام والمحبة.

يُنمّي الأخلاق الحميدة

يُنمّي هذا الفعل النبيل الأخلاق الحميدة، مثل التواضع والرحمة والصبر والتسامح والعطاء.

إظهار الاهتمام

إن إظهار الاهتمام بالآخرين، والسؤال عن أحوالهم، ومشاركتهم أفراحهم وأحزانهم، يُعد من أهمّ مظاهر جبر الخواطر، هذا الاهتمام يُشعِر الآخرين بقيمتهم وأهمّيتهم.

أمثلة جبر الخواطر في الحياة اليومية

في العلاقات العائلية

- مساعدة والدتك في أعمال المنزل، أو مساعدة أخيك في دراسته، أو تقديم الدعم العاطفي لابنتك أو ابنك، لا سيما من يمر في سن المراهقة الحساس.

- التسامح في الأخطاء، مثل التسامح مع ابنك الصغير عند ارتكابه الأخطاء، واحتوائه في عز غضبك، فهذا يُساعد على بناء علاقةٍ قويةٍ قائمةٍ على الثقة بينكما وعدم الخوف المبالغ منك.

- إظهار الاهتمام مثل السؤال عن أحوال والدك المسنّ أو والدتك المسنة، لا سيما إن كانا مريضين، واحتواؤهما وتفهم وضعيهما، وبث البهجة والفرح في قلبيهما أو مشاركة أخوتك أفراحهم وأحزانهم، فهذا يُشعرهم بقيمتهم وأهمّيتهم في العائلة.

في العلاقات الاجتماعية

- مساعدة صديقك في مشكلةٍ ما، أو تقديم الدعم المعنوي أو العاطفي له في وقت صعب، أو إعطاؤه النصيحة الحكيمة التي يحتاج إليها عندك استشارتك.

- التعاطف مع زميلك في العمل عند مروره بضائقةٍ ما، أو تقديم المساعدة له.

- التسامح مع جارك عند حدوث مشكلةٍ ما، أو مساعدته في حاجةٍ معينة يُسهم في بناء علاقةٍ سلميةٍ وودّية بين أفراد الحيّ، ولا ننس أن الرسول صلى الله عليه وسلم وصى بسابع جار.

في العلاقات المهنية

- تقدير جهود فريقك في العمل، وتشجيعهم عند تحقيقهم الإنجازات يُسهم في تحفيزهم وتحسين أدائهم العملي.

- الاستماع الفعّال إلى موظفيك، وفهم المشكلات التي تعترضهم في العمل واحتياجاتهم يُساعد على حل الصعوبات والعقبات وبناء بيئة عملٍ صحية.

- التواصل الجيد مع زملائك في العمل، وتبادل الآراء والخبرات يُسهم في بناء علاقاتٍ قويةٍ قائمةٍ على الثقة والاحترام.

في الحياة العامة

التبرع للمحتاجين، أو تقديم المساعدة للضعفاء.

التطوع في العمل الخيري؛ مثل مساعدة المرضى أو كبار السنّ.

التسامح مع الآخرين.

تُعدّ هذه نماذج بسيطة من فنّ جبر الخواطر في مسارات الحياة اليومية المختلفة، فهو يُمارَس في شتى ميادين الحياة، ويُعد من أبرز الوسائل التي تُسهم في تأسيس علاقات إنسانية متينة وصحية بين الأفراد.

هل توجد مصادر أو مواقع إلكترونية متخصصة في مساعدة الأشخاص الذين يمرون بوقتٍ صعبٍ؟

نعم، توجد مصادر عدة ومواقع إلكترونية متخصصة في مساعدة الأشخاص الذين يمرون بوقت صعب، تُقدم هذه المصادر مجموعة واسعة من الخدمات من الاستشارات النفسية إلى الدعم المالي، وكذلك التوجيه إلى الموارد المتاحة.

بعض منصات الدعم النفسي في العالم

عطاء البلسم

تُقدم هذه المنصة الإلكترونية الخيرية خدمات الدعم النفسي للنازحين واللاجئين، وتُوفر استشارات نفسية تخصصية يقدمها متطوعون من اختصاصي الصحة النفسية.

مواقع الاستشارات النفسية

تُوافر مواقع إلكترونية عدة خدمات الاستشارات النفسية عبر الإنترنت؛ مثل (Better Help) و(Talk space).

بعض منصات الدعم النفسي داخل السعودية

وزارة الصحة السعودية

تُقدم وزارة الصحة السعودية خدمات الاستشارات النفسية المجانية عبر الهاتف أو الإنترنت، ويمكن التواصل معهم عبر رقم الهاتف (937) أو عبر موقعهم الإلكتروني.

جمعية الأطفال الهمم

تُقدم الجمعية خدمات الاستشارات النفسية للأطفال وعائلاتهم، ويمكن التواصل معهم عبر موقعهم الإلكتروني.

جمعية رعاية الأيتام

تُقدم الجمعية خدمات الدعم النفسي للأيتام، وكذلك تسهل عمليات التكفل بهم، وكذلك توفير الأسر لهم.

بعض منصات الدعم الاجتماعي في العالم

· مواقع الدعم الاجتماعي التي تُقدم خدمات الدعم الاجتماعي للأشخاص الذين يعانون مشكلات مثل الاكتئاب أو القلق أو العزلة الاجتماعية؛ مثل (7 Cups) و(Crisis Text Line).

· مواقع التطوع: تُتيح عدة مواقع إلكترونية الفرصة للتطوع في جمعيات خيرية أو مؤسسات تُقدم خدمات الدعم للأشخاص الذين يمرون بوقتٍ صعبٍ، مثل (Volunteer Match) و(Idealist).

بعض منصات الدعم الاجتماعي داخل السعودية

وزارة العمل والتنمية الاجتماعية

تُقدم الوزارة مجموعةً من الخدمات الاجتماعية؛ مثل المساعدة في العثور على عمل أو الحصول على مسكن.

جمعية حقوق الإنسان

تُقدم الجمعية خدمات الدعم القانوني للأشخاص الذين يعانون انتهاكات حقوق الإنسان.

جمعية الرفق بالحيوان

تُقدم الجمعية خدمات الرعاية للحيوانات، وتساعد في حماية الحيوانات من سوء المعاملة.

جمعية السرطان

تُقدم الجمعية خدمات الدعم للمرضى المصابين بالسرطان وعائلاتهم.

مبادرة دعم

تُقدم المبادرة خدمات الدعم للأسر المحتاجة، وتشمل هذه الخدمات المساعدة في العثور على عمل أو الحصول على مسكن، والتوجيه إلى الموارد المتاحة.

مبادرة أمل

تُقدم المبادرة خدمات الدعم النفسي للأشخاص الذين يعانون الاكتئاب أو القلق.

مبادرة الرحمة

تُقدم المبادرة خدمات الدعم للأشخاص الذين يعانون العنف الأسري.

مبادرة الشفاء

تُقدم المبادرة خدمات الدعم للأشخاص الذين يعانون الإدمان.

مثال على منصات الدعم المالي في العالم

مواقع الدعم المالي: تُقدم مواقع إلكترونية عدة خدمات الدعم المالي للأشخاص الذين يعانون مشكلات مالية؛ مثل (Charity Navigator) و(GiveWell).

بعض منصات الدعم المالي داخل السعودية

· وزارة العمل والتنمية الاجتماعية: تُقدم الوزارة برامج الدعم المالي للأسر المحتاجة.

· صندوق التنمية الاجتماعية: يُقدم الصندوق قروضًا، وقروضًا ميسرة للأسر المحتاجة.

تُعد هذه نماذج لبعض المنصات المتنوعة التي تقدم أشكالًا متعددة من الدعم، سواءً داخل المملكة العربية السعودية أم خارجها، وتُسهم في مساعدة الجميع، وتُخاطب مشاعرهم.

ويوجد بلا شك منصات عدة أخرى، سواء كانت تابعة إلى جهات حكومية أم إلى جمعيات أهلية أم مبادرات فردية، بعضها يُقدم خدماته مجانًا في حين يُشترط بعضها الآخر مقابلًا ماديًا، ولا يسعني حصرها جميعًا في مقالي المتواضع.

ما آثار جبر الخواطر بين الناس؟

· التّرابط الاجتماعي، فهو يُسهم في تعزيز العلاقات بين الناس، ويُقوّي الروابط الاجتماعية، فعندما يُقدم شخصٌ ما يد العون للشخص الآخر، فإنّه يُظهر له أنه يوجد من يهتمّ به ويُشّعرُه بالأمان والانتماء، وهو كذلك يُسهم في بناء التّضامن والتّعاون بين أفراد المجتمع.

· التّخفيف من المعاناة النفسية والاجتماعية التي يُعانيها الناس.

· الثّواب الإلهي، فهو من الأعمال التي تُرضي الله سبحانه وتعالى، ويُؤكد الإسلام على أهمية جبر الخواطر ويُشّدد عليها.

· تطوير الشخصية، فهو يسهم في تطوير الشخصية وتنمية الصّفات الحميدة لا سيما التسامح وحب المبادرة واللطف، وهو كذلك يُسهم في تعزيز الشعور بالمسؤولية تجاه الآخرين، ويُنمّي روح التّعاون والتّضامن.

· تغيير النّظرة إلى الحياة، فهو يساعد على تغيير نظرة الأشخاص إلى الحياة ويُشّعرهم بالأمل والتّفاؤل.

· الاستقرار الاجتماعي؛ لأنه يُسهم في تحقيق الاستقرار الاجتماعي الذي ينعكس بدوره على تقليل معدلات الجريمة والعنف.

· الانتشار الثقافي، فهو ينشر ثقافة التّضامن والتّعاون بين الناس.

· التّأثير في الأجيال القادمة، فهو يُسهم في غرس الصّفات والأخلاق الحميدة.

· التّأثير في الحالة النفسية للشخص الذي يُقدّم يد العون، فإنّه يُشعرُه بالرضا والسّعادة، وهو كذلك يساعد في بناء شخصياتٍ إيجابيةٍ ذات تأثيرٍ إيجابيٍّ في المجتمع.

· الاستفادة من الخبرات، وذلك عند تبادل الخبرات بين الناس الذي ينعكس على استحداث حلول للمشكلات المختلفة.

· ينشر ثقافة السّلام والتّسامح بين الناس.

إنّ جبرَ الخواطر ليس مجرّد مفهومٍ نظريٍّ يُعبر عنه بالكلمات فقط، بل هو سلوكٌ عمليٌّ يُمكن لكل واحد منّا أن يُمارسه بجدارة.

فلنتعهد جميعًا بإظهار التعاطف، وممارسة الاستماع الفعّال، واحتضان التسامح مع الآخرين، لنبني علاقاتٍ إنسانيةً راسخة تُعزز المودة والاحترام، فبأيدينا جميعًا نُتيح لهذا الفن أن يُحوّل حياتنا وحياة المحيطين بنا إلى تجربةٍ أكثر إشراقًا وجمالًا. 

 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة