في هذه القصيدة العذبة، يتحول «الظلّ» من نتيجة مرئية إلى كيان رمزي عميق يظهر الروح، والهوية، والذكرى. ويتنقّل الشاعر بين تقلبات النفس والوقت، ليمنح للظلّ صفات الحضور والصحو والرجاء، ولا يكتفي النص بالرمزية الصوفية، بل يتوسّع ليحتضن إفريقيا كونها صورة للكرم والامتداد، في إسقاط حميمي يربط الجغرافيا بالوجدان. هذه القصيدة ليست وصفًا للظل، بل استبطان شعري لحقيقته في ذات الإنسان.
أخفـــاك ظلُّك…أبدى أبدى الذي كان أهــدى
أهدى الذي كان أردى أردى الذي قـــد تردَّى
يا ظلُّ إنـــــــــك روحٌ لكل ما لا يلــــــــــوحُ
وفيك تحيا جـــــــروحٌ وكنتِ في الجسم رِفْدا
يا ظلُّ طالت ظــــــلالٌ وفيك تحــــــــسنُ حالُ
ولا يــــــــــــدوم زوالٌ وأنت أصبحتَ وعــدا
يا ظلُّ ما زلــــــتَ ظلًّا ما زلتِ للنفسِ حـــبلا
وكنت للروح فضــــــلا وكنت في الوعد عقدا
يرمـــــــيك يا ظلُّ وقتٌ وليس جــــــنبَك مقتُ
وعـــــــندما طابَ سمتٌ أبــــداك ما كان أبدى
عساك يا ظلُّ صـــــــحوٌ وليس في الصحو شجوُ
وفيك يصدقُ لـــــــــــهوٌ والجود في الظلِّ أجدى
إفريقيـا أنــــــــــــت ظلٌّ وأنت بالنفعِ نــــــــخلُ
والضرُّ بالذوقِ يـــــــخلو نداك فــــي الظلٍِ أندى
تنقلنا هذه القصيدة عبر ظلال الروح والزمن، فيتماهى الظلّ مع الإنسان والذاكرة، ويغدو وعدًا وسكنًا وسؤالًا لا ينتهي. وفي حضور إفريقيا كشجرة وظلّ ونخلة، تتجلى الرسالة الإنسانية للقصيدة، داعيةً إلى التأمل في العلاقة بين الذات والأرض والرمز، في تجربة شعرية ناضجة ومفعمة بالحب والتسامح والامتداد.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.