خاطرة «أمضي إلى اللاوجهة».. خاطرة وجدانية

أمضي إلى اللاوجهة أقصدها 

لا ريح تسعفني، ولا قمر 

كل الدروبِ مشاعلٌ أطفأتها 

يدُ الظلام، وحين يسألني السفرُ: 

أين المدى؟

أجيبه: لا أفْق أنظره هنا 

كل الحدود تُسدُّ في وجهي

وأحلامي تموج بها الصدى

أمضي، وكلي حيرةٌ وحكايةٌ 

خُطايَ تمحوها الرمالُ 

ولا أنسى أن الليل سيفٌ في دمي 

ينسابُ كالماء في تعاريجِ الجبالِ

لكنني أُكملُ الطريقَ على مضضٍ 

علّي أجدُ شيئًا في اللاشيء

أو يضيءُ لي نجمٌ من غفلةِ الليلِ 

دربًا، ولو كان للسرابِ الوجهةُ 

أمضي وأعلمُ أنني لا أعودُ 

فالأفقُ ليس ما ترسمه الخطواتُ 

ولا النورُ ما تهمسُ به الأحلامُ 

لكنني رغم الضياع أمضي 

أمضي والريح تشدُّ لثامي 

وفي قلبي، صدى الكلمات 

أبحث في المدى عن دربٍ 

لكن أقدامي تنزلقُ في الرمال 

كلما ضحكتُ، صرخ الصدى: 

إلى أينَ؟ والأفقُ لا يجيب 

جُدرانُ المدى تسقطُ في العدم 

وكلُ ضوءٍ يذوبُ في السُرُب 

تتراقصُ الأمواجُ حولي، غامضةً 

تشكلُ الأملَ من بقايا الرماد 

وفي السكونِ، يتراءى لي سرابٌ 

يمثلُ الحلمَ في واقعٍ تلاشى 

أمضي إلى اللاوجهة، وأتساءل 

هل سيردُّني النجمُ إلى بدايةِ الطريق؟ 

أم أنني سأبقى في المجهولِ 

كقطعةٍ ضائعةٍ بين الأمواج؟ 

أمضي، وأتعلمُ من كل خطوةٍ 

أن الوجهة ليست ما أبحثُ عنه، 

بل السرُّ يكمنُ في الرحلةِ ذاتها 

وفي كل لحظةٍ تتجلى أمامي.

أمضي، وكأن الأفق يُسائلني 

عن معنى الخطوات في الجُدران 

تبتسم النجومُ ببرودٍ خفيّ 

وتمنحني الوهمَ بألوانٍ 

أراوغ الرياحَ بقلبي التائه 

وأبحثُ عن حكاياتٍ تُجسّدُ 

في صمتِ الليل، أرى صورًا 

لكائناتٍ تظلُّ في الأفقِ ممدودة 

كل وجهةٍ ألتقي بها تبدو بعيدة 

وكل شعاعٍ يبدو زائفًا 

كأنما أنا مُسافرٌ في الأحلام 

بلا طريقٍ يُرشدُ أو يثبّتُ 

أمضي، وأنا أعلمُ أن العودةَ 

لن تكون إلى ذاتِ النقطة 

فكلُ ما أبحثُ عنه يُوجدُ 

في الرحلةِ، وفي المجهولِ المُشرِق 

سأستمرُّ رغم المدى الذي ينحسر 

وسأحتفظُ بالأملِ كرفيق 

فلا الوجهةُ تعني شيئًا 

بقدر ما تعنيه روحي في السير

أمضي وأنا أحتضنُ الغموض 

كأنما هو صديقي في المدى 

أسألُ كل نجمةٍ عن حقيقتي 

وكل إشارةٍ تكون خافتةً في الفضاء 

أمضي في دروبٍ لا تنتهي 

تتلاقى فيها الخيوط والظلال 

وعلى ضوءِ القمر المُخبأ 

أسمعُ صدى الأيام كأغنيةٍ زوال 

تتحركُ الحياةُ في صمتٍ عميق 

وتصبحُ المعاني كسائلٍ مائع 

كل نجمٍ يقودني لوجهةٍ جديدة 

تُضيءُ بشفافيةِ السرابِ الدامع 

أمضي في رحلتي إلى اللانهاية 

وكل خطوةٍ تقربني من أسرار 

أحاولُ أن أستمتعَ بالرحيل 

وأستقبلُ المجهولَ بذراعي المفتوحين 

فالحقيقةُ ليست في النهاية 

بل في كل لحظةٍ أعيشها بصدق 

وأمضي إلى اللاوجهة، بغير ضجر 

لأكتشفَ الألوانَ في السكونِ الممدود

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

أمضى وأنا احتضن الغموض
كأنما هو صديقى فى المدى
يالها من كلمات لها سر فى
جذب الروح والقلب
دمت مبدع صديقى الكريم ❤🌹
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

الكلام هو صفة المتكلم أستاذتي العزيزه صفة الابداع توصف لمن هو مثل ابداعك أستاذتي
كل الاحترام والتقدير
أضف ردا

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة