مرحبًا بك في جولة سياحية داخل تلافيف العقل البشري، أو بالأحرى الجزء المتحكم به من خارج الشخص، بين كتفيك يا صديقي توجد آلة جبارة قادرة على استيعاب ملايين المعلومات يوميًّا، وكلنا يعلم ذلك، ولكن دعني آخُذك لمنحنى مختلف يؤثر بالسلب على قراراتك اليومية التي تتخذها بشكل لا واعٍ وأنت لا تشعر بذلك.
هل سمعت يومًا عن مصطلح «الولاء الخفي»؟؟
ببساطة شديدة، هو يُعبّر عن سعيك الحثيث تجاه شيء ما أو فكرة دون إدراك منك، بمعنى آخر.. تمكن تلك الفكرة من شغاف قلبك حتى أصبحت تُكوِّن وجدانك وتوجهك في الحياة، مثل إدمانك لعادة معينة في المأكل أو المشرب، أو حبك لاتجاه معين، أو لشيء خفي داخل شخص ما، ولكي أصدقك القول، يصعب التخلص منها إلا بعد محاولات مريرة في الجهاد مع النفس للتغلب عليها.
وهي ليست وحيدة، بل توجد مصطلحات أخرى تُعبِّر عن اتجاهات العقل في التفكير، منها: «التفكير الازدواجي».. وهو يُعد من أخطر حيل العقل البشري التي يُمنى بها معظم بني آدم، وتكمن خطورته في أنه يُمَارَس بطريقة واعية، ويكون من يستعمله منتشيًا به، رائق البال، بل يجد أعذارًا منطقية له.
ومن ألطف ما قرأت عن التفكير الازدواجي.. وصف جورج أورويل عنه في رواية «1984» فقال: «أن تعرف وأن لا تعرف، أن تعي الحقيقة كاملة، ومع ذلك لا تفتأ تقص الأكاذيب محكمة البناء، أن تؤمن برأيين في آن، وأنت تعرف أنهما لا يجتمعان ومع ذلك تُصدّق بهما.
أن تُجهض المنطق بالمنطق، أن ترفض الالتزام بالأخلاق فيما أنت واحد من الداعين إليها. أن تنسى كل ما يتعين عليك نسيانه، ثم تستحضره في الذاكرة حينما تمس الحاجة إليه، ثم تنساه مرة ثانية فورًا، وفوق كل ذلك أن تطبّق الأسلوب نفسه على الحالتين.
ذلك هو الدهاء الكامل.. أن تفقد الوعي عن عمد ووعي، ثم تصبح ثانية غير واعٍ بعملية التنويم الذاتي التي مارستها على نفسك. بل حتى إن فهم عبارة التفكير الازدواجي تستدعي منك اللجوء إلى التفكير الازدواجي...» وهؤلاء من ألد أعدائك.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.