ألبير كامو وفلسفة العبثية

"إن الطريقة الوحيدة للتعامل مع عالم غير حر هي أن تصبح حرًّا جدًّا، لدرجة أن يصبح وجودك في حد ذاته عملًا ثوريًّا" ألبير كامو.

هل سبق لك أن تساءلت يومًا لماذا تحدث بعض الأشياء في العالم بالطريقة التي تحدث بها؟ لماذا بالضرورة يجب أن يموت جد اليوم كي يولد رضيع غدًا؟ أو لماذا نحاول جاهزين لتحقيق كثير من الإنجازات في أعمارنا القصيرة، على الرغم من معرفتنا للحقيقة الأبدية الوحيدة، وهي أننا جميعًا سينتهي بنا المطاف مدفونين تحت التراب على أية حال؟

إن جعلتك كلماتي هذه تفكر فيها ولو لثوانٍ معدودة، سأكون ممتنة جدًّا؛ لأن هذا ما فعلته حينما قرأت رواية قصيرة جميلة، للكاتب الفرنسي الجزائري ألبير كامو، تحت عنوان "الغريب".

جعلتني هذه الرواية أُعيد التفكير في كثير من الأمور في الحياة، أو بالأحرى كلمات ألبير كامو وأسلوبه الشيق في الكتابة هو ما جعلني أتأمل وأنظر في كل الأشياء. يمكنني القول إنني أصبحت أرى الأمور من زاوية مختلفة.

"أمي توفيت اليوم أو ربما أمس، لا يمكنني أن أكون أكيدًا". رواية "الغريب"

اقرأ أيضًا ملخص رواية الغريب.. ورؤية لإحدى الروايات المترجمة لألبير كامو

رواية الغريب وتجسيدها لأفكار ألبير كامو

رواية الغريب هي أفضل تجسيد لأفكار ألبير كامو واتجاهاته الفلسفية، يحدثنا عن كل ما يجول في خاطره وعقله، في الشخصية الرئيسة للرواية، رجل فرنسي يعيش في الجزائر المستعمرة في الأربعينيات، يعيش حياة فارغة بلا معنى، حياة مفعمة بالعبثية والرتابة.

فقد أمه للتو، لكنه لا يبدو أنه يهتم، يرجع لمزاولة عمله في مكتبه بعد الجنازة، جنازة لم يتمكن فيها من توديع والدته بطريقة مناسبة. يبدو الرجل طبيعيًّا من الخارج، حتى بالنسبة لنفسه يبدو طبيعيًّا للغاية، لا يعلم لماذا؟ ولا كيف يجدر به التصرف، حين توفيت والدته للتو؟ لقد أصبح غريبًا عن ذاته، يعود لعمله الرتيب ولحبيبته ماري.

وفي يوم من الأيام يتورط الرجل في جريمة قتل شديدة الخطر، دون أن يخطط لها، قتل رجلًا في عراك مفاجئ وعبثي بينهما، قتل روحًا فقط ليحمي صديقه، صديق تعرف عليه منذ أسابيع قليلة مضت. وما كان غريبًا ليس جريمته تلك، بل عدم إحساسه بالذنب إطلاقًا، لقد انغمس في حياته العبثية الرتيبة، لدرجة نسيانه لإنسانيته نفسها، ولدرجة صار قتل إنسان بالنسبة إليه أمرًا عاديًا.

بل إنه حينما حكمت المحكمة بإعدامه أمام نفر من الناس عقابًا على جريمته، لم يبدُ عليه الخوف من الموت، ولا من الناس الذين سوف يبتسمون وهم يشاهدونه يفارق الحياة، ونظرة العتاب والغضب في أعينهم، كل ذلك لم يشعر بالخوف ولو للحظة منه.

"حينما أتأمل في حياتي وفي ألوانها السرية، أشعر بالرغبة الشديدة في البكاء". ألبير كامو

اقرأ أيضًا الغريب لألبير كامو

الفلسفة العبثية أساس روايات ألبير كامو 

 هذه الرواية وأعمال أخرى لألبير كامو، تساعدنا على نحو مثالي في فهم فلسفته العبثية، فلسفة تقول إن الحياة عبثية، والوجود كله عبثي، وبأن كل شيء نقوم به كل يوم ونعتقد أنه في بالغ الأهمية، هو في الحقيقة ليس مهمًّا ولا يغير الكون؛ وذلك لأن الكون بلا معنى، وإن كنا راغبين فعلًا في عيش حياتنا في سلام ووئام، يجدر بنا التوقف عن محاولة البحث عن معنى الحياة.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة