أقوى سلطانات الدولة العثمانية

غالبًا ما يذكر التاريخ الملوك والسلاطين الرجال الذين كان لهم تأثير كبير في الحياة السياسية والصراعات والحروب والقرارات التاريخية، لكن بعض النساء كان لهن تأثير كبير أيضًا في هذه القرارات والصراعات، بقربهن من الأمراء والملوك والسلاطين، وهو ما يأخذنا إلى تاريخ الدولة العثمانية التي أسسها عثمان بن أرطغرل، واستمرت أكثر من 600 عام، فقد كان هناك كثير من النساء المؤثرات، واللاتي أُطلق عليهن سلطانات الدولة العثمانية. فمن أين جاء هذا المصطلح؟ ومن أقوى سلطانات الدولة العثمانية، صاحبات النفوذ الواسع والتأثير الكبير والحضور القوي في كتب التاريخ؟

من أين جاء المصطلح؟

جاء هذا المصطلح ليعبر عن النساء القريبات من الحكم والحاكم في عصور ومراحل الدولة العثمانية المختلفة، من البناء والقوة والازدهار حتى الضعف والسقوط والانتهاء. ويطلق على كل امرأة ذات تأثير في السلطان أو الأمير، فتستطيع التدخل في شؤون الدولة، سواء بطريقة مباشرة أو بطريقة خفية، وهو ما كانت له تبعات هائلة وتأثيرات عميقة في مسار الدولة العثمانية.

كان لكثير من سلطانات الدولة العثمانية أدوار كبيرة، ظهر ذلك بسبب زوجات السلاطين وأمهاتهم، وكان هناك أيضًا ما يُعرف بجناح الحريم الذي يتبع قصر السلطان العثماني، وفيه كانت موازين للقوة والتأثير والتحكم، وفيه أيضًا كانت تدبر الحيل والمؤامرات التي تؤثر في قرارات الحاكم حسب الظروف السياسية، ومدى استعداد الحاكم وقوته وقدرته على إدارة الأمور.

أقوى سلطانات الدولة العثمانية

على الرغم من أن عدد سلطانات الدولة العثمانية كبير، إضافة إلى أن صاحبات التأثير القوي كثيرات، فإننا نقدم لك أقوى سلطانات الدولة العثمانية، وأكثرهن تأثيرًا وشهرة وحضورًا في كتب التاريخ.

السلطانة عائشة حفصة سلطان

تُعد السلطانة عائشة من أقوى سلطانات الدولة العثمانية. وُلدت عام 1479 وتُوفيت عام 1534، وكانت زوجة السلطان سليم الأول، لكن مدة نفوذها الكبيرة كانت في عهد حكم ولدها سليمان القانوني الذي بدأ حكمه عام 1520، فكانت المرأة الأولى التي تحمل لقب (السلطانة الأم)، إضافة إلى قدرتها الهائلة على السيطرة على كثير من الأمور، وعلى رأسها إدارة المشكلات الكبيرة بين زوجتي ابنها السلطان، ومُنح زوج ابنتها إبراهيم باشا كثير من الصلاحيات والحماية.

وقد أنجبت السلطانة عائشة حفصة سلطان من البنين كلًّا من (سليمان القانوني - أورهان جلبي - موسى - كوركت) وأنجبت من البنات (خديجة خاتون - بيهان - شاه - فاطمة)، وتُوفيت عام 1534 ودُفنت بجانب زوجها السلطان سليم الأول في مدينة إسطنبول.

السلطانة حوريم

تُعد السلطانة حوريم أشهر سلطانات الدولة العثمانية، وتناول حياتها كثير من المسلسلات وأعمال الدراما التركية وغيرها، وأطلقت عليها اسم (السلطانة هويام) على الرغم أن اسمها الحقيقي هو ألكسندرا.

وهي من أصل أوكراني، وكانت جارية تم اختطافها وإهداؤها إلى القصر، ثم أصبحت بعد ذلك أول جارية تصبح زوجة للسلطان بعد أن أسلمت وتقربت من السلطان سليمان القانوني وأحبها وتزوجها، لتصبح زوجته الثانية وتلد له ابنه وخليفته سليم الثاني، وتصبح المرأة المفضلة في حياته؛ وهو ما جعل لها كثيرًا من السيطرة على قرارات السلطان، فدفعته إلى إعدام أحد أبنائه من زوجته الأخرى، ودفعته أيضًا إلى قتل زوج أخته، لكنها كانت ترعى كثيرًا من الأوقاف الخيرية حتى توفيت عام 1558 عن عمر ناهز 52 عامًا، ودُفنت في المسجد السليماني.

السلطانة مهرماه

وهي ابنة السلطانة حوريم والسلطان سليمان القانوني، وتزوجت في سن صغيرة من رستم باشا. وعلى الرغم من نفوذها وقدرتها على التأثير في أبيها السلطان سليمان القانوني ومشاركتها في كثير من حروبه وتنقلاته، لكنها أصبحت من أقوى سلطانات الدولة العثمانية بعد أن تولى شقيقها سليم الثاني الحكم، وأصبحت هي السلطانة الأم.

وقد عاشت في صراع كبير مع السلطانة نوربانو زوجة أخيها من أجل السيطرة على الحرملك، وبجانب ذلك كان للسلطانة مهرماه كثير من الأنشطة والأعمال الخيرية، وذلك بسبب ثروتها الكبيرة التي كانت تتصرف فيها بحرية بعد موت زوجها.

السلطانة نوربانو

كانت السلطانة نوربانو من أقوى الشخصيات بين سلطانات الدولة العثمانية، وكانت زوجة السلطان سليم الثاني، وخاضت صراعًا كبيرًا من أجل السيطرة على الحرملك خاصة مع السلطانة مهرماه، ثم أصبحت السلطانة نوربانو هي السلطانة الأم بعد أن تولى ابنها مراد الثالث الحكم.

وكانت نوربانو من أرقى عائلات البندقية حتى اختطفت، لتصبح جارية في قصر السلطان سليم، وتتحول إلى الإسلام، وتتزوجه وتنجب له أول أبنائه، وتحظى بكثير من السيطرة والقوة حتى وفاتها في عام 1583.

السلطانة صفية سلطان

عاشت السلطانة صفية سلطان السيناريو نفسه، فقد كانت جارية في قصر السلطان العثماني بعد سرقتها من قبل القراصنة وبيعها بمبلغ كبير بسبب جمالها اللافت، لتصبح بعد ذلك الجارية المحببة والمفضلة لمراد الثالث الذي كان أميرًا في ذلك الوقت، لكنه جعلها السيدة الأولى بعد أن تولى الحكم، وكان يأخذ رأيها في كل كبيرة وصغيرة.

وعلى الرغم من الصراع الكبير الذي عاشته مع السلطانة الأم نوربانو، فإنها سيطرت على الأمور تمامًا في عهد ابنها محمد الثالث الذي أصبح سلطانًا على البلاد قبل أن تُتوفى عام 1619، وتُدفن في مقبرة مراد الثالث في إسطنبول بمسجد آيا صوفيا.

السلطانة كوسيم

صاحبة أطول مدة للحكم بين سلطانات الدولة العثمانية، وهي يونانية الأصل جاءت إلى إسطنبول وأعلنت إسلامها وتزوجت من السلطان أحمد الأول، وكانت والدة مراد الرابع وإبراهيم الأول، وكانا سلاطين للدولة العثمانية، وهو ما جعلها صاحبة نفوذ واسع، وجعل كثيرين يطلقون عليها أنها (أقوى امرأة في التاريخ العثماني)، ثم أصبحت هي الحاكم الفعلي على البلاد بعد أن تولى حفيدها محمد الرابع الحكم، وكان قاصرًا في ذلك الوقت.

ومن المعروف عن السلطانة كوسيم أنها كانت صاحبة نشاط واسع في الأعمال الخيرية، وكانت تدفع ديون الغارمين وتزور السجون وتساعد الفقراء، حتى تُوفيت عام 1651 ودُفنت بجانب زوجها في إسطنبول.

السلطانة نخشديل

تُعد قصة السلطانة نخشديل هي الأكثر إثارة بين قصص سلطانات الدولة العثمانية؛ فقد كانت أكثرهن ذكاءً وقدرة على إدارة الأمور الصعبة، وهي من أصول فرنسية، وتُعد قريبة لزوجة الإمبراطور نابليون بونابرت، لكنها تعرضت للاختطاف، وقُدمت هدية للسلطان عبد الحميد الأول الذي تزوجها وجعلها زوجته المفضلة بين زوجاته الأربع.

وبعد أن تُوفي تزوجت أخاه السلطان سليم الأول بعد كثير من الحيل والإغواء؛ ما جعلها تتعرض لمحاولات قتل عدة من قبل زوجات السلطان عبد الحميد، حتى أصبح ابنها محمود الثاني سلطانًا على البلاد.

والغريب في الأمر أنها ظلَّت على ديانتها ولم تدخل في الإسلام، وعندما تُوفيت عام 1817 استدعى السلطان محمود الثاني قسيسًا ليصلي على والدته المسيحية أول مرة في تاريخ الحرملك العثماني.

وهكذا فإن النساء يتشابهن في كل مكان، ولا توجد خصوصية معينة لسلطانات الدولة العثمانية، فحيثما كانت هناك نزاعات على السلطة والتحكم والثروة والرجال كانت هناك غيرة ومؤامرات وأحزاب بين النساء كما يحدث في عالم الرجال، لكن الأمر يحدث في الظل والخفاء تحت ستار من الجمال والرقة والإغواء.

وفي نهاية هذا المقال الذي تناول أقوى سلطانات الدولة العثمانية نرجو أن نكون قد قدمنا لك المتعة والإضافة، ويسعدنا كثيرًا أن تشاركنا رأيك في التعليقات، ومشاركة المقال على مواقع التواصل لتعم الفائدة الجميع.