أقسام اللغة العربية و تأثيرها على المجتمع وعلاقتها بثقافات الشعوب

تعتبر اللغة العربية من أقدم وأهم اللغات في العالم، وهي تتمتع بتنوع واسع في أقسامها التي تشمل النحو والصرف، والبلاغة، وغيرها من العلوم اللغوية التي تساهم في تعزيز قدرتها على التعبير عن أفكار الإنسان في شتى المجالات. كما أن اللغة العربية تؤثر بشكل كبير في المجتمع، حيث تعكس قيمه وتعزز ثقافته وهويته. علاوة على ذلك تلعب اللغة العربية دورًا محوريًا في بناء جسور التواصل بين مختلف ثقافات الشعوب، مما يجعلها أداة قوية في توحيد العالم العربي والإسلامي، وتأثيرها يتجاوز حدود الجغرافيا ليصل إلى كل من يتحدثها أو يدرسها. في هذا المقال سنتناول أقسام اللغة العربية، وأثرها على المجتمع، وعلاقتها بتفاعل ثقافات الشعوب

أقسام اللغة العربية

فتحة وضمة قد انكسروا وساد السكون بعدها، بسطت تاء مربوطة، وغدا التنوين نونًا، وأُكلت (ال) التعريف المسكينة، كل هذا وأكثر قد تجسدت ملامحه في لغتنا العربيّة المحدّثة حتّى أُدرج قسم ثالث للغتنا العربية فأصبح لدينا:

  1. لغة عربية فصحى (نادرة الاستخدام).
  2. لغة عربية عامية (للمحادثة).
  3. لغة الإنترنت أو لغة الشات (اللغة الشائعة)؛ وبعد أن نرى هذه الانقسامات فبالتأكيد سنرى كوارث قد حلّت على لغتنا.

علاقة اللغات بثقافة الشعوب

كل اللغات هي هوية وانعكاس ثقافي لشعوبها، حتى عندما تذهب إلى أي بلد غربي يأبون إلّا أن تحدثهم بلغتهم حتى لو كنت مجرد سائح يجب عليك أن تقدس لغتهم وتحدثهم بها.

أما نحن فقد غدونا نحن أغرابًا عنها بوسط بلادنا العربية ننسى جميل معانيها وأنس كلماتها، نستهجن كل عربيّ فصيح؛ وعملة نادرة من يخرج الحروف من مخرجها الصحيح فراح القاف همزة والطاء تاءً.

ونسينا الأحرف اللثوية فما عدنا نميز بين السين والثاء؛ صدقني عندما تتكلم بهذه الطريقة أو تكتب بها فلن تثير إلا الاشمئزاز في نفس الآخرين، هذه أمور لا تدل على الرقة واللين؛ بل الرِّقة واللين تبدو واضحة بالمعاملة وحسن الخلق.

اختفاء الأسماء العربية من سجلات العرب

وعلى ما يبدو أننا بعدَ سَنواتٍ سنشهد اختفاء الأسمَاء العَربيَّة مِن سجلّاتِ العَرب، خَاصَّة أسمَاء البنات فَلن تَجدَ اسم "مريم، أو سُميَّة، أو خدِيجَة، أو فَاطمة أو عَائِشة أو نور أو فرح...."، بل سَتجدُ إن دخلتَ صفًّا دراسيًّا للبنَات أسَماء: "جوان، ليليان، لارا، نتالي، إلين، آنيا....".

الموضوع ليسَ تافهًا كمَا يظنُّ البعض، هو موضوعٌ خطِيرٌ يتعلّقُ بهويَّةِ الأمَّةِ الإسلاميَّة خاصة والأمّة العربيّة عامّة، والتّبعيَّةِ الثَّقافيَّةِ للغربِ، وللأسف لا يُدرك هذا كثيرٌ مِنَ الأمَّهاتِ والآباءِ والأُسر الّتي تَبحثُ عَن اسمٍ مميَّزٍ لابنتِهَا فِي مَعَاجم اللغات الأخرى... اجعليها مميزة بارك الله بك بثقافتها وحشمتها ورزانة عقلها؛ ربما بهذه الطريقة تكون مميزة أكثر.

اللغة العربية لغة القرآن

اسم ولدك قد يكون دليلًا إلى معرفة تأثّرك بالهيمنة الغربيّة وتأثيرك فيها بعد سنين، لا تدع لعلماء المستقبل سبيلًا إلى سبِّك، سمّه اسمًا عربيًّا نفخر به جميعًا، لغتنا اليوم تفتقد أبناءها، كما هو حال أوطانها، وتفرح وتستأنس لكلّ من عاد إليها.

فتُهديه من دُررها ما يفوق الوصف؛ فهي لغة مقدسة تحمل بين حروفها تعاليم الأديان ولغة القرآن "وَإِنَّهُ لَتَنْزِيلُ رَبِّ الْعَالَمِينَ (192) نَزَلَ بِهِ الرُّوحُ الْأَمِينُ (193) عَلَى قَلْبِكَ لِتَكُونَ مِنَ الْمُنْذِرِينَ (194) بِلِسَانٍ عَرَبِيٍّ مُبِينٍ (195)"، سورة الشعراء.

وقد كرّمها الله تعالى أيضًا بجعلها لغة أهل الجنة؛ فهي عظيمة مُعظّمة من عظيم فلماذا كلّ هذا الإهمال بحقّها حتّى كدنا نحن أبناء اللّغة العربيّة نجهلها... على الرّغم من أنّ الّذي ملأ اللّغات محاسنًا جعل اللّغات وسره بالضّاد.

لماذا تهتم الأهالي باللغات المختلفة؟

في المدارس ومنذ نعومة الأظافر تهتمّ الأهالي باللّغات المختلفة وبالأخصّ اللّغة الإنكليزيّة لماذا لا نعلّمهم اللّغة العربيّة الفصيحة ففيها من المفردات ما نجهله حتّى نكاد نمحو هذه الكلمات من اللّغة وإذا قرأنا قصائد أو رواية ربما ليست من زمن بعيد وكأنّنا نقرأ من أيّ لغة إلّا اللّغة.

العربيّة نكاد لا نفهم منها إلّا أحرف الجر؛ لماذا كلّ هذا الإجحاف والجور بحقها؛ هي جميلة لا تستحقّ كلّ هذا النّسيان...
أمّا عندما نكبر فأوّل مؤهل من أجل أن تتوظّف وظيفة مرموقة يجب عليك أن تكون متقنًا للّغة الإنكليزيّة كأنّك ابنها؛ نعم هي مهمة وواجب علينا أن نتعلّم العديد من اللّغات لكن ليست على حساب لغتنا الأم؛ فمن المعيب أن يكون الشخص معلّمًا في لغة غير لغته وجاهلًا في لغته حتّى يكاد ألّا يعرف أبسط الأمور فيها... أمِن العدل أن يكون الشخص مثلًا متأهلًا لأعلى المستويات باللّغة الإنكليزيّة لكنه جاهل لا يعرف معانٍ في لغته الأم؟ أكرّر بأنّها مهمّة بالتّأكيد لكن ليس على حساب لغتك العربيّة.

كثيرًا ما أقرأ تعليقات على مواقع التّواصل، تعليقات أكاد أجزم بأنّ من وضعها ليس بعربيّ؛ يضع للفعل تاء مربوطة؛ أو قد بدّل التنوين نونًا؛ أو وضع لـ(ال التعريف) همزة فوق ألفها؛ وأحدهم قد كتب الضمير نحن على شكل (نحنو)؛ والله، إنّه أمر ليس مضحكًا، بل ينمّ عن قلّة الوعي بهذه اللّغة العظيمة؛ وأظلّ أتساءل لماذا كلّ هذا الإهمال؟
أيتجرأ أحدنا على نسيان حرف الـ(e) غير الملفوظ من نهاية كلمة إنكليزيّة مثلًا؟
قبل أن يظهر أمام الملأ بأنّه شخص أُمّيّ سيسقط من عين نفسه؛ فلماذا التّهاون على حساب لغتك الأمّ؟هناك مشكلة طويلة عريضة يجب حلّها في مجتمع كامل؛ بل في الأوطان كافّة على أنّ اللّغة العربيّة هي لغتنا وثقافتنا ونفتخر بها أكثر من كلّ علومنا الّتي قد توصّلنا إليها؛ وأنّ الغرب ما سبقونا بشيء إلّا بأنانيتهم وحبّهم لثقافتهم ووطنهم وذاتهم..

أأكون لك من النّاصحين؟ حتّى تحيي هذه اللّغة لن تحبّ العربيّة ما لم تتدبّر في آيات القرآن الكريم، ولن تدرك ما تحمله لك اللّغة ما لم تبحر في سفينة المعاجم بنفسك، ولن تقترب من سيرة حبيبك المصطفى ﷺ وتفهم ما أوصاك به ما لم تكن تدرك مضامين اللغة.
وأوصيك بالقراءة فهي من تثقل شخصك الكريم؛ وليرحم الله سلمان العودة فقد كتب في أحد كتبه عن أثر القراءة:
قلت مرةً لشيخي: قرأت الكتاب ولم يعلق شيء منه بذاكرتي، مدّ لي تمرة وقال: امضغها...
‏ثم سألني: هل كبرتَ الآن؟ ‏قلت: لا...
‏قال: ولكن هذه التمرة تقسمت في جسدك فصارت لحمًا وعظمًا وعصبًا وجلدًا وشعرًا وظفرًا وخلايا.
‏أدركتُ أن كتابًا أقرؤه يتقسم فيعزز لغتي، ويزيد معرفتي ويهذب أخلاقي.

في الختام تظل اللغة العربية أساسًا متينًا للثقافة والهوية في العالم العربي، وهي تواصل تأثيرها العميق في المجتمع وفي تفاعل الثقافات المختلفة. من خلال أقسامها المتنوعة تساهم اللغة في تعزيز التواصل والفهم بين الشعوب، مما يجعلها أداة حيوية في بناء جسور من التفاهم والتعاون العالمي.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة