أفضل مائة فيلم في السينما المصرية (5).. قراءة في فيلم الحرام

يحتل فيلم (الحرام) للمخرج هنري بركات المركز الخامس ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في تاريخ السينما الذي اختاره النقاد في عام 1996.

كانت أول ليلة عرض لفيلم الحرام في الثاني من مارس عام 1965، وقد عُرِض في سينما ميامي بالقاهرة، ويُصنَّف الفيلم على أنه فيلم واقعي رومانسي اجتماعي، سنتعرَّف في هذا المقال على أبرز المعلومات وكواليس فيلم الحرام.

قصة فيلم الحرام

تدور أحداث فيلم الحرام حول فتاة ريفية بسيطة تدعى "عزيزة" التي أدت دورها الفنانة (فاتن حمامة)، تعمل مع زوجها "عبد الله" الذي أدى دوره الفنان (عبد الله غيث) وهو أحد عمال التراحيل، ولكن يصاب زوجها بالمرض ويصبح غير قادر على العمل، فتضطر "عزيزة" للعمل وإعالة البيت.

وذات يوم يشتاق زوجها "عبد الله" لأكل البطاطا، فتذهب "عزيزة" لتقتلع ثمرة بطاطا من الأرض، فيعتدي عليها أحد الشباب ويغتصبها، وللأسف تحمل منه، وتخفي حملها عن الجميع إلى أن تلد رضيعها في مكان ناءٍ تحت شجرة كبيرة.

وبعد مولده تخشى أن يفتضح أمرها؛ بسبب صراخ الرضيع، فتحاول إسكاته، وتضع يدها فوق فمه، فيموت الطفل، فتحزن حزنًا شديدًا على حالها، وتحاول أن تتناسى، ولكنها تظل تنظر للشجرة بحزن وأسى من بعيد كلما مرت أمامها، حيث تتذكر ما فعلته.

أبطال فيلم الحرام

أدى دور بطولة فيلم الحرام عدد من النجوم، مثل (فاتن حمامة) و(زكي رستم) و(عبد الله غيث) و(سامي سرحان) و(حسن البارودي) و(كوثر العسال) و(حسن مصطفى) و(عبد السلام محمد) و(محمد شوقي) و(فادية عكاشة).

خلف كاميرا فيلم الحرام

قاد كتيبة العمل في فيلم الحرام المخرج الكبير هنري بركات، والقصة ليوسف إدريس، والسيناريو والحوار لسعد الدين وهبة، والمونتاج لرشيدة عبد السلام، والموسيقى التصويرية التي جاءت معبرة جدًّا كانت للمبدع سليمان جميل، وكان مدير التصوير ضياء المهدي الذي جاء بكادرات رائعة تُعبِّر عن حالة الريف المصري.

موقف الكاتب يوسف إدريس من سيناريو فيلم الحرام

مع أنَّ كاتب سيناريو فيلم الحرام هو السيناريست والكاتب الكبير سعد الدين وهبة، لكن الكاتب يوسف إدريس حينما قرأ سيناريو الفيلم غضب وقال إنه بعيد كل البعد عن القصة الأصلية التي كتبها.

حكاية الكاتب يوسف إدريس مع النساء الأمريكيات في مهرجان كان

يقول الكاتب والأديب الكبير يوسف إدريس إنه في أثناء عرض فيلم الحرام في مهرجان كان السينمائي وجد ثلاث نساء يبكين بشدة؛ لحال الفنانة (فاتن حمامة)، وحين سألهن عن جنسيتهن، أخبرنه بأنهن أمريكيات.

فسألهن عن سبب بكائهن الشديد مع أنهن لا يعرفن بطلة الفيلم، فردَّا عليه بالسؤال عن سر اهتمامه بهذا الأمر، فأجاب أنه كاتب هذه الرواية، فقلن له إنهن ينظرن إلى هذه الفتاة المسكينة من الداخل، وأنهن تأثرن بها أكثر من تأثرهن بجيرانهن ومعارفهن.

استعداد الفنانة فاتن حمامة لدور عزيزة

استعدَّت الفنانة فاتن حمامة جيدًّا لفيلم الحرام، فذهبت إلى إحدى القرى في مدينة الفيوم، وتحدثت مع الفلاحين؛ لتعرف عن طباعهم وعادتهم وتقاليدهم، ولتعرف كيف يتحدثون وفيم يفكرون، وعاشت مع أهل هذه القرية مدة بحجة أنها باحثة اجتماعية، وفعلًا استطاعت أن تعرف كثيرًا عن حياة الفلاحين، وأكثر ما لفت انتباهها هو كرمهم الشديد، وحبهم لأي غريب يأتيهم، وترحيبهم به كأنه واحد منهم.

تحدي زكي رستم لفاتن حمامة تمثيليًّا

أجاد الفنان (زكي رستم) في هذا الفيلم إجادة شديدة جدًّا؛ وذلك بسبب اهتمامه الشديد بكل تفاصيل الفيلم، وتفاصيل شخصيته بداية من الطربوش والمنديل الذي كان يضعه فوق رأسه حتى حركته وسط الأرض الزراعية ونغمة صوته.

وفي أحد مشاهد الفيلم أعادت الفنانة (فاتن حمامة)  المشهد مرات عدة وصلت إلى أربع مرات، وفي النهاية بعد ما شعر الفنان (زكي رستم) بالضيق من كثرة الإعادة، وأخذ ينظر إلى الفنانة فاتن حمامة، وقال لها: "مش هتتفوقي عليا يا فاتن فبلاش تعيدي المشهد ثاني".

فيلم الحرام في مهرجان كان السينمائي

رُشِّح فيلم الحرام للعرض في مهرجان كان السينمائي، وكان ذلك في عام 1965، ولاقى الفيلم نجاحًا كبيرًا جدًا على مستوى النقاد والصحف، لدرجة أن الفيلم قد رشح للحصول على جائزة السعفة الذهبية.

وزارة الثقافة المصرية ترفض عرض فيلم الحرام

رفضت وزارة الثقافة المصرية وكذلك مؤسسة السينما عرض فيلم الحرام خارج مصر سواء في الدول العربية أو الأجنبية؛ وذلك بسبب أن الفيلم عرض صورة سيئة للفلاح المصري بتصوير حالة الفقر الشديد والجهل الذي كان يعانيها، لدرجة أن معظم مشاهد الفيلم كان الفلاح يسير وهو حافي القدمين.

إطلالة الفنانة فاتن حمامة في مهرجان كان السينمائي

تُعدُّ إطلالة الفنانة فاتن حمامة في مهرجان كان السينمائي هي أفضل إطلالة للفنانة مصرية في مهرجان دولي، فكانت ترتدي فستانًا أسودًا بسيطًا وبه بعض اللمسات من الحضارة الفرعونية، وكان الفستان من تصميم شادي عبد السلام.

رأي المؤرخ الفرنسي جورج سادول في فيلم الحرام

قال المؤرخ الفرنسي جورج سادول عن فيلم الحرام في صحيفة الآداب الفرنسية: "إن فيلم الحرام مفاجأة طيبة بعد ما اعتدنا أن نراه من الأفلام في المهرجانات السابقة، وقد كتبت عن الحرام قبل ذلك بعد أن عدت من رحلتي إلى مصر، ولكني خشيت أن يكون إعجابي بالفيلم نتيجة لتأثري الشديد بما شاهدته هناك، وللقائي بالمخرج هنري بركات، لكنني بعد أن شاهدت الفيلم ثانية في المهرجان تحققت من صحة رأيي، وأعتقد أنه يشاركني في ذلك نقاد كثيرون أعجبوا جميعًا بالواقعية التي عرض بها الفيلم الحياة اليومية في القرية المصرية، وإن كان الفيلم طويلًا بعض الشيء لكني أعجبت بالتفاصيل التي تجعلنا نعيش مع أولئك الفلاحين في حياتهم الفعلية، الحرام قصة دون مبالغة أو انفعال ونقد اجتماعي دون دعاية هو أفضل فيلم واقعي ويستحق عددًا من الجوائز".

فشل فيلم الحرام جماهيريًا

على الرغم من نجاح فيلم الحرام على المستوى النقدي، فإنه فشل جماهيريًّا فشلًا شديدًا، لدرجة أن الجمهور الذي شاهد الفيلم غضب غضبًا شديدًا وانهال بالسب على جميع العاملين بالفيلم وأخذوا يقولون "كفاية فقر".

أهم القضايا التي عالجها فيلم الحرام

عالج فيلم الحرام عددًا من القضايا المهمة التي من أبرزها مشكلات الجهل والفقر التي يعانيها الفلاحين، ومشكلة العمالة المؤقتة؛ كعمال التراحيل التي لا يوجد ما يحفظ لهم حقوقهم، ولا سيما بعد مرضهم، ويتناول نظرة المجتمع للمرأة المظلومة، وبدلًا من أن يقفوا معها ويساندوها يأخذون موقفًا منها سيئًا، وناقش عددًا من قضايا المرأة ومنها المرأة العائلة، ونظرة المجتمع لها، وطمع الجميع في جسدها، ومحاولة استغلالها.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة