يحتل فيلم درب المهابيل للمخرج توفيق صالح المركز الثاني والأربعين في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية، وقد عُرِض الفيلم في عام 1955، ويُصنَّف على أنه دراما اجتماعية.
قصة فيلم درب المهابيل
يتحدث فيلم درب المهابيل عن حارة فقيرة جدًّا، وكان وسط هذه الحارة طه العجلاتي الفقير الذي يتمنى الزواج بخديجة، ابنة أحد التجار المتصوفين الذي كان يقضي ليله كله في أحد الأضرحة في مساجد القاهرة.
وذات يوم، يشتري هذا العجلاتي ورقة يانصيب ويعطيها إلى خديجة، ولكن والد خديجة يرمي هذه الورقة، ويقول إن هذا أمر حرام ولا ينبغي الاعتماد على الحظ، فيمسك قفَّة، وهو شخص مجذوب بالورقة، وكان لدى قفَّة معزة يشرب لبنها، ثم يأتي الحظ، وتفوز ورقة اليانصيب بـ1000 جنيه، ويحاول الجميع التقرب إلى قفَّة للحصول على 1000 جنيه، ولكن عنزة قفَّة تأكلها، ثم تحدث خلافات كثيرة بين أهل المنطقة.
أبطال فيلم درب المهابيل
فيلم درب المهابيل مملوء بعدد كبير من النجوم، أبرزهم:
- شكري سرحان في دور طه العجلاتي.
- برلنتي عبد الحميد في دور خديجة.
- عبد الغني قمر في دور قفّة.
- نادية السبع في دور سنية.
- توفيق الدقن في دور عبده عمارة.
- عبد العزيز أحمد في دور الشيخ عزوز.
- حسن البارودي في دور الأسطى عمار العجلاتي.
- سعد أردش في دور شيخ الزاوية.
- شفيق نور الدين في دور مدبولي الفوال.
- عبد الغني في دور تاجر الموبيليا.
منطقة درب المهابيل
منطقة درب المهابيل هي منطقة شعبية تقع في مدينة القاهرة، بين شارع محمد علي وشارع عبد العزيز، وهي حاليًّا تتبع منطقة حي عابدين.
سبب تسمية المنطقة بدرب المهابيل
اختلفت الأقوال في سبب تسمية منطقة درب المهابيل بهذا الاسم، وبعض الأقوال تقول إن سكان درب المهابيل كانوا يرفعون أيديهم ويخفضونها تعظيمًا للوالي حينما كان يمر بتشريفته العسكرية، وكان كل من يرى مشهد هؤلاء الناس وهم يفعلون هذا يطلق عليهم "المهابيل".
توفيق صالح يحكي بداية ميلاد فيلم درب المهابيل
يقول المخرج توفيق صالح عن بداية ميلاد فيلم درب المهابيل: "لدى عودتي إلى مصر، بدأت أشاهد في سينمات الدرجة الثانية كل ما أُنتج من أفلام في غيابي، ولفتني اسم نجيب محفوظ في فيلمين اكتشفت فيهما تركيبةً مختلفة عن السرد الذي كان موجودًا في السينما المصرية. كان هناك بناء مختلف تمامًا عن سرد الحدوتة المعتمدة في الأفلام.
ذهبت وتعرفت إلى نجيب محفوظ وسألته إذا كان يقبل أن يعمل معي على المعالجة التي كنت بدأت أكتبها في فرنسا لسيناريو فيلمي الأول، فوافق، لكنه انتقد أشياء أساسية في المعالجة، وطلب مني أسبوعًا ليعيد كتابتها بطريقة مختلفة.
وبعد أسبوع تحديدًا، جاء مع تسعة مقاطع من أربع ورقات، صُعقت لأنه غيّر الشخصيات، التي أصبحت شخصيات مصرية حقيقية، كما أعطى للفيلم عنوانًا فاجأني: درب المهابيل.
ودرب المهابيل هي حارة بكل تفاصيلها الواقعية. بالنسبة إلي، يعود الفضل في الواقعية في السينما المصرية إلى نجيب محفوظ، كما له الفضل في واقعية درب المهابيل. اكتشفت فيما بعد مدى تأثير نجيب محفوظ في السينما الواقعية، وأهمية دور محفوظ في هذا الإطار، كما اكتشفت مدى تأثير محفوظ في صلاح أبو سيف."
الرقابة تعترض
اعترضت الرقابة على بعض المشاهد في فيلم درب المهابيل، وكان من بينها مشهد الفنانة برلنتي عبد الحميد، وفعلًا حُذف هذا المشهد من الفيلم.
فشل الفيلم جماهيريًّا
فشل فيلم درب المهابيل فشلًا كبيرًا، إذ لم يحقق الأرباح المتوقعة منه؛ وذلك لأن الفيلم لم تكن قصته رومانسية كعادة باقي الأفلام في ذلك الوقت.
صلاح أبو سيف يتوقع فشل الفيلم
كان المخرج صلاح أبو سيف مستشارًا لشركة الهلال للإنتاج، وكان يقرأ السيناريوهات ويوافق عليها أو يرفضها، وفعلًا قرأ سيناريو فيلم درب المهابيل، وقال: "هذا فيلم فاشل، وسيحقق فشلًا كبيرًا جدًّا في السينمات"، وقارنه بفشل فيلم "السوق السوداء" الذي لم يحقق نجاحًا جماهيريًّا، ما أصاب مخرج العمل بالصدمة، إلى أن وجد عبد الحميد جودة السحار ومحمد فرج اللذين تحمّسا لإنتاج الفيلم.
المخرج يعاني من البطالة
بعد فشل فيلم درب المهابيل إنتاجيًّا، حاول المخرج توفيق صالح التواصل مع المخرجين لإنتاج أي عمل، ولكن الجميع رفض، وظل عاطلًا مدة خمس سنوات.
المهرجان القومي للسينما ينقذ المخرج توفيق صالح
أقامت الدولة المصرية مهرجانًا قوميًّا للسينما في نسخته الأولى، وسمحت بمشاركة الأفلام التي أُنتجت في آخر خمس سنوات، وكان من ضمن هذه الأفلام فيلم "درب المهابيل"، وكانت النتيجة هي فوز "درب المهابيل" بالمركز الثاني مناصفةً مع فيلم "رد قلبي"، في حين حصل فيلم "شباب امرأة" على المركز الأول.
عز الدين ذو الفقار يغضب لمناصفة درب المهابيل الجائزة مع رد قلبي
غضب الفنان عز الدين ذو الفقار غضبًا شديدًا بسبب أن الجائزة التي حصل عليها كانت مناصفةً مع فيلم "درب المهابيل" الذي لم يحقق أي نجاح جماهيري يُذكر، في حين كان فيلم "رد قلبي" قد حقق نجاحًا جماهيريًا.
وكان عز الدين ذو الفقار في ذلك الوقت مريضًا وملازمًا للفراش، فطلب نسخةً من الفيلم في بيته وشاهدها، وبعد ما شاهدها، أُعجب إعجابًا شديدًا بالفيلم وطريقة الإخراج، فاتصل بتوفيق صالح وطلب منه أن يخرج فيلم "الصراع الأبطال".
منتج الفيلم
شارك عبد الحميد جودة السحار في إنتاج فيلم "درب المهابيل"، وتولى أيضًا كتابة الحوار للفيلم، ولأنه كان المنتج، حاول أن يُطعِّم الفيلم ببعض النكات، وذلك حتى يُضفي نوعًا من المرح والكوميديا على الفيلم، وهذا ما رفضه مخرج العمل بصورة كبيرة، ولكنه سمح بالقليل من النكات والاسكتشات الضاحكة الموجودة، ومن أهم هذه الاسكتشات "مبروك يا قفة يا ذوق يا خفة" التي كتبها أحمد جودة السحار، ولحَّنها عبد العزيز محمود.
درب المهابيل وأول دوبلير لمعزة
طوال أحداث الفيلم، كانت المعزة ترافق قفَّة، ولكن حملت المعزة في أثناء تصوير الفيلم، ما اضطر المخرج إلى البحث عن دوبلير للمعزة لينهي تصوير الفيلم.
أزمة الدراجات
كانت ميزانية فيلم "درب المهابيل" ضعيفةً جدًّا، إذ بلغت 11 ألف جنيه فقط، وعلى الرغم من ذلك، كان المخرج توفيق صالح مصرًّا على وجود 24 دراجة في دكان طه العجلاتي، ولم يملك المنتج سوى الاستجابة له، فجرى تأجير 24 دراجة مدة ستة أشهر كاملة، وهي مدة تصوير الفيلم.
توفيق صالح وقائمة أفضل 100 فيلم مصري
ما لا يعلمه كثيرون أن المخرج توفيق صالح لم يُخرج سوى خمسة أفلام فقط، وهي: "درب المهابيل"، "صراع الأبطال"، "المتمردون"، "يوميات نائب في الأرياف"، و"السيد البلطي". والجدير بالذكر أن أربعة من هذه الأفلام اختيرت ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما المصرية، وهي: "درب المهابيل"، "صراع الأبطال"، "المتمردون"، و"يوميات نائب في الأرياف".
فيلم درب المهابيل وقائمة أفضل 100 فيلم عربي
احتل فيلم "درب المهابيل" الترتيب الثامن والثمانين في قائمة أفضل 100 فيلم عربي التي اختيرت في مهرجان دبي عام 2003.
عبد الحميد جودة السحار يتحدث عن المخرج توفيق صالح
قال عبد الحميد جودة السحار في كتاب "ذكريات سينمائية" عن المخرج توفيق صالح: "كان توفيق صالح دمث الأخلاق، حلو الحديث، ولكن ما أن بدأت في كتابة الحوار حتى وجدت الأمر يختلف تمامًا، تغيرت الصورة التي في ذهني عن العبقري الذي قبلنا المشروع (إنتاج الفيلم). كان يشطب الحوار بقلمه الأحمر دون أن يناقشني فيه. لم أكن أعلم سبب اعتراضه، ولم يكن يحدثني عما يريد. كنت أعيد الكتابة.
وكان توفيق الحاكم التركي الذي يلهب ظهري بالسياط ولا ينطق حرفًا!! ولم يقتنع أبدًا بأن الحارة المصرية لا تكون حارةً مصريةً إذا لم تسُدها خفة الظل، وراح يشكوني لأصدقائنا بأني أحاول أن أنكت في الحوار، كأنما قد خدشت كرامة صلاة جنائزية."
توفيق صالح يرد على عبد الحميد جودة السحار
رد المخرج توفيق صالح على كلام عبد الحميد جودة السحار، وقال: "كان السحار رجلًا نزيهًا يتمتع بكل خُلق رفيع، وهو كاتب رواية من طراز جيد، ولكن تجربتنا في درب المهابيل كانت قاسية، فحين كتب السيناريو وفي ذهنه الأفلام المصرية السائدة التي تهتم بالأفيهات والنكت والمشاهد الغرامية، كان في ذهني صورة أخرى للسينما، هي التي ظهرت في درب المهابيل. ولقد كان الموضوع يحتاج إلى معالجة جادة وسيناريو صارم."
الفنان شكري سرحان يحكي تجربته مع فيلم درب المهابيل
تحدث النجم شكري سرحان عن فيلم "درب المهابيل" في صحيفة "المصور"، وقال: "كانت قصة عجيبة، فبعد أن وقّعت العقد، استلمت 50 جنيهًا دفعة أولى، وذهبت مع المخرج توفيق صالح، ومدير التصوير عبد العزيز فهمي، ومهندس الديكور عبد المنعم شكري، وترافقنا إلى استوديو الأهرام لنشاهد ديكور الحارة التي سوف تقع فيها أحداث الفيلم، ففوجئت بديكور للحارة في غاية الإتقان وفي قمة الواقعية، ما أصابني بحالة من الخوف والقلق، وأشفقت على نفسي من عدم القدرة على أداء دور صبي العجلاتي كونه جزءًا من أهل الحارة المصرية الخالصة".
يُضاف إلى هذا مجموعة العمالقة التي تمثل أمامي، أو بالتحديد الدقيق، أمثل أنا أمامهم، وهم: شفيق نور الدين، وحسن البارودي، وتوفيق الدقن، وعبد الغني قمر، وعبد العزيز أحمد، وأحمد الجزيري.
عدت إلى منزلي، وقد تملكني خوف شديد من عدم القدرة على إقناع المتفرجين بهذا الدور بأنني فعلًا من أبناء هذه الحارة، وأن أكون في قمة الصدق وعمق الواقعية مع هذه المجموعة العظيمة من أبناء حارة درب المهابيل.
وقررت أن أضع حدًّا لهذا الخوف وهذا القلق، فذهبت إلى مقر الشركة المنتجة، وأخبرت الأساتذة الكبار: المخرج توفيق صالح، ونجيب محفوظ، وعبد الحميد جودة السحار، بأنني أخشى أن أخذلهم في اختيارهم لي لأداء هذا الدور.
والتزم الجميع الصمت، وأنا معهم، ثم بدأ كل واحد منهم يحاول إقناعي بالعدول عن هذا القرار، حتى أحاطوا بي، ووجدت نفسي قد رضخت لإلحاحهم. بعد ذلك، بدأت أطلب منهم نوع الملابس التي سوف أرتديها في الفيلم، وأدخلنا عليها التعديلات اللازمة من تمزق وترقيع وتوسيخ بالشحم الأسود، وقمت بقص شعري على طريقة أولاد العجلاتية."
صُنَّاع فيلم درب المهابيل
ألَّف فيلم "درب المهابيل" كلٌّ من: (نجيب محفوظ - توفيق صالح - عبد الحميد جودة السحار).
وأخرجه توفيق صالح، وكان مدير التصوير عبد العزيز فهمي، ومهندس الديكور عبد المنعم شكري.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.