يحتل فيلم حياة أو موت المركز الثامن والثلاثين في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية، وقد عُرِض الفيلم في عام 1954، ويُصنَّف على أنه دراما اجتماعية تشويقية.
قصة فيلم حياة أو موت
يتحدث فيلم حياة أو موت عن موظف اسمه أحمد إبراهيم الذي يؤدي دوره الفنان الكبير عماد حمدي، يسكن في منطقة دير النحاس بمصر القديمة، وقد استغنت عنه الشركة التي يعمل بها، فذهب لصرف مكافأة نهاية الخدمة، ولكن للأسف أجلت الشركة الصرف إلى بعد عيد الفطر، فلم يجد مفرًا أمامه سوى بيع ساعته ليشتري لابنته فستانًا جديدًا.
وعندما عاد إلى البيت، وجد زوجته (الفنانة مديحة يسري) تطلب منه الذهاب لقضاء العيد مع أهلها (والدها ووالدتها) اللذين أدى دوريهما الفنان عبد البديع العربي والفنانة رفيعة الشال، لكن الزوج رفض، فأخذت الأم ابنتها وذهبت إلى بيت أهلها، تاركة الزوج وحيدًا في المنزل.
وبعد ترك الزوج وحده بالمنزل أصيب بوعكة صحية وفوجئ بابنته تأتي إليه، فلم تتحمل البعد عن أبيها، فأعطى الأب لابنته 25 قرشًا وطلب منها الذهاب للصيدلية لتحضر الدواء، فذهبت إلى الصيدلية القريبة، لكنها وجدتها مغلقة، فتوجهت إلى صيدلية أخرى في العتبة، وأعدَّ الصيدلي (الفنان حسين رياض) الدواء لها، وبعد أن دفعت ثمن الدواء لم يتبقَّ معها مال للعودة؛ فاضطرت للعودة سيرًا على الأقدام وسط شوارع القاهرة.
بعد مغادرة الفتاة، اكتشف الصيدلي أنه وضع كمية كبيرة من كبريتات النحاس القاتلة في الدواء، فأخذ يبحث عنها، لكنه لم يستطع، فذهب إلى قسم البوليس وطلب المساعدة.
توجه إلى الحكمدار (الفنان يوسف وهبي) الذي قرر مساعدته، ولكن كيف سيبحثون عن هذه الفتاة قبل أن تصل إلى أبيها، فذهبوا إلى الصيدلي الذي كتب لها هذا الدواء ليعرفوا العنوان، وجرى تكليف دوريات الشرطة بالبحث عنها في كل مكان.
وعندما فشلوا لجأوا إلى إذاعة الخبر عبر الراديو في المقولة الشهيرة التي تقول: "من حكمدار العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس، لا تشرب الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه الدواء فيه سم قاتل، الدواء فيه سم قاتل حين سماعك هذه النشرة بلغ الحكمدارية".
لم يستمع أحمد إبراهيم (عماد حمدي) إلى الراديو، لكن زوجته سمعت الخبر، فخرجت هي الأخرى إلى زوجها لتزيح الدواء عن فمه في اللحظة الأخيرة، ثم وصل الحكمدار ومعه الصيدلي حاملًا زجاجة دواء سليمة.
عقبات تصوير فيلم حياة أو موت
من أكبر العقبات التي واجهت صناعة فيلم حياة أو موت تصوير معظم مشاهده في الشارع، وكان المارة كلما رأوا كاميرا التصوير التفوا جميعًا حولها، فنتج عن ذلك تعطيل التصوير أوقاتًا طويلة جدًّا، لذلك اضطر المخرج كمال الشيخ إلى وضع كاميرا تصوير في نصف الشارع كالعادة ليلتف الناس حولها، في حين وضع الكاميرا الفعلية داخل سيارة لتصوير المشاهد الخارجية.
أشهر جمل فيلم حياة أو موت
من أشهر جمل فيلم حياة أو موت وأشهر جمل السينما المصرية على الإطلاق: "من حكمدار العاصمة إلى أحمد إبراهيم القاطن بدير النحاس، لا تشرب الدواء. الدواء الذي أرسلت ابنتك في طلبه، الدواء فيه سم قاتل."
اشتهرت هذه الجملة بدرجة كبيرة وأصبحت من أيقونات السينما المصرية.
أبطال فيلم حياة أو موت
ضم فيلم حياة أو موت عدد من النجوم، منهم:
- عماد حمدي في دور أحمد إبراهيم
- مديحة يسري في دور زوجته
- حسين رياض في دور الصيدلي
- يوسف وهبي في دور حكمدار العاصمة
- رشدي أباظة في دور ضابط البوليس
- الطفلة ضحى إبراهيم في دور ابنة عماد حمدي ومديحة يسري
كما شارك عدد كبير من الفنانين في أدوار مختلفة، منهم: عدلي كاسب، أحمد الحداد، عبد المنعم بسيوني، عز الدين شاكر، رفيعة الشال، عبد القادر المسيري، عبد الغني النجدي، عبد البديع العربي، وعبد المنعم إسماعيل.
صناع فيلم حياة أو موت
كتب وأخرج الفيلم العبقري كمال الشيخ، وكتب السيناريو علي الزرقاني، وشاركه في الكتابة كمال الشيخ، وكتب الحوار علي الزرقاني، والفيلم من تصوير أحمد خورشيد، ومونتاج أميرة فايد، وإنتاج لوتس فيلم للمنتجة آسيا داغر.
مدة تصوير فيلم حياة أو موت
استغرق تصوير فيلم حياة أو موت ستة شهور؛ وذلك بسبب أن أحداث الفيلم كلها تدور في وقت الظهيرة، فلم يكن بالإمكان التصوير في الصباح أو المساء.
حكاية الطفلة بطلة الفيلم
كانت الطفلة التي أدت هذا الدور "ضحى" قد تعرف عليها المخرج كمال الشيخ في قصة غريبة روتها بنفسها، فقالت ضحى التي كانت في التاسعة من عمرها عند المشاركة في الفيلم، في مقطع فيديو خلال حوارها مع التميمي:
"الناس في الأحياء الشعبية كانت تخلع سلاسلها الذهبية للتبرع ودعم جهود تسليح المصري. وكنت في طفولتي أطوف كل شوارع الإسكندرية للمساعدة، وأجمع يوميًا بين 8 أو 9 علب بها أموال التبرعات".
تابعت: "في إحدى المرات ذهبت إلى ميناء الإسكندرية، وكان هذا خطأ، لأن بها فرنسيين، وكنا وقتها في حالة حرب معهم. ومع ذلك ورغم رفضهم التبرع، فضلت وراهم لحد ما خليتهم دفعوا، ومن هنا بدأت قصة إني ممكن أشتغل في السينما، وقابلت المخرج الأستاذ كمال الشيخ".
وأوضحت أن خلف هذا التصريح قصة، وهي أن المسابقة التي أجريت لاختيار الطفلة بطلة الفيلم انتهت باختيارها مع الفنانة زيزي البدراوي بوصفهما أبرز المتسابقات، وكان على اللجنة اختيار إحداهما، لكن الضابط حسن أبو سعده الذي أصبح لاحقًا أحد أبطال حرب أكتوبر 1973، قال للمخرج كمال الشيخ، صديقه، إن عليه اختيار ضحى للدور لأنها من الإسكندرية التي قضى فيها الزعيم عبد الناصر صباه وجزءًا من شبابه، وتربطه بها ذكريات خاصة.
فيلم مختلف
ظهر فيلم حياة أو موت مختلفًا عن بقية الأفلام التي عُرضت في ذلك الوقت، فالفكرة كانت جديدة على السينما المصرية، وكانت بعيدة عن الكوميديا وبعيدة عن الغناء وبعيدة عن الرقص، وركزت معظم أحداثه في الشارع، وهو ما جعله فيلمًا مختلفًا يعيش في ذاكرة السينما حتى هذه اللحظة. إذ كانت الفكرة إنسانية بحتة، صاغها المؤلف والمخرج في جو من التشويق، بحيث يظل المشاهد متشوقًا طوال الفيلم لمعرفة مصير الرجل والفتاة.
موقف حكمدار العاصمة الحقيقي من الفنان يوسف وهبي
من المواقف الطريفة أن حكمدار البوليس الحقيقي سمح للفنان يوسف وهبي باستخدام سيارته الخاصة مع سائقه، ولذلك عمل يوسف وهبي بدور حكمدار العاصمة فعليًّا لمدة نصف يوم.
آسيا استأجرت الترام
نسمع كثيرًا عن شراء التورماي، لكن من استأجر التورماي كانت الفنانة آسيا لتصوير مشاهد الفيلم، لذلك جميع الركاب داخل الترام كانوا ممثلين باستثناء السائق، وكان طوال سير الترام تواجهه مشكلات، فقد كان الركاب يحاولون دخول الترام عند كل توقف، فاضطر الكمسري لإخبارهم بأن الترام ذاهب إلى المخزن.
المارة يستنكرون موقف عماد حمدي
لمح أحد المارة الفنان عماد حمدي وهو يركب الترام فقال: "غريبة بيكسبوا دهب وبيركبوا التورماي".
أزمة الفنانة مديحة يسري
لم يكن الجمهور معتادًا على مشاهدة كاميرات التصوير في الشارع، فكان هذا الأمر غريبًا من نوعه. لهذا حينما شاهدوا الفنانة مديحة يسري تجري، تطوع الجمهور؛ فمنهم من أوقف سيارته وطلب توصيلها، وهناك من حاول حملها على ذراعه من شدة إعجابه بها، وكل هذا كان يوقف التصوير ويُصيب المخرج كمال الشيخ بغيظ شديد جدًا، فلجأ إلى الحيلة التي سبق ذكرها.
رأي الناقد علي أبو شادي في فيلم حياة أو موت
كتب الناقد الكبير الراحل (علي أبو شادي) نقدًا طويلًا عن الفيلم في كتابه (كلاسيكيات السينما العربية)، وقال في نهاية نقد الفيلم: في فيلم (حياة أو موت)، نجد معظم ملامح سينما كمال الشيخ بعد ذلك، منها البناء القوي، المحكم، المتماسك، الاهتمام بالتفاصيل، والسيناريو المنطقي الذي يعتمد على النمط البوليسي.
أي القائم على إثارة نوع من التوتر والترقب والتشويق، وهو النمط الذي استطاع كمال الشيخ أن يطرح بواسطته عددًا من القيم الإنسانية النبيلة، دون السقوط في شرك السطحية والتبسيط الذي يصاحب هذا القالب الفني.
وربما افتقد هذا الشكل، في استخداماته الأولى عند كمال الشيخ، القدرة على تحليل معطيات الواقع وتشريح الظروف الاقتصادية والاجتماعية والسياسية أيضًا.
لكن الصيغة التي توصل إليها كمال الشيخ، باستخدامه الخلاق لعناصر اللغة السينمائية على شريطي الصوت والصورة، ضمنت لأفلامه البقاء والاحتفاظ بقيمتها وقدرتها على الاستحواذ على مشاعر المشاهد، حتى وإن سبق له مشاهدة العمل قبل ذلك.
وعلى الرغم من احتشاد فيلم (حياة أو موت) بنجوم ذلك الوقت مثل (يوسف وهبي، عماد حمدي، ومديحة يسري)، لكن البطولة الحقيقية كانت للعملاق القدير (حسين رياض)، والفتاة الصغيرة الموهوبة (ضحى أمير)، والمونتيرة المرهفة (أميرة فايد). وتلك الغرفة -غرفة المونتاج- المظلمة التي أضاءت سينما (كمال الشيخ).
لقب هيتشكوك العرب
لُقِّب المخرج كمال الشيخ بلقب "هيتشكوك العرب"؛ وذلك بسبب تأثره بالمخرج الإنجليزي هيتشكوك الذي كان يجمع في أفلامه بين البعد الاجتماعي والبعد النفسي، وكان ذلك يتم في إطار درامي وحبكة درامية قوية جدًّا، وهذا ما قام به كمال الشيخ في معظم أفلامه، وظهر بقوة في فيلم حياة أو موت.
أهم الجوائز التي حصل عليها فيلم حياة أو موت
حصل فيلم حياة أو موت على جائزة أحسن فيلم من المركز الكاثوليكي المصري في عام 1954، كما شارك الفيلم السينمائي في عام 1955 في مهرجان كان.
فيلم حياة أو موت وقائمة أفضل 100 فيلم عربي
حصل فيلم حياة أو موت على الترتيب الثاني والسبعين ضمن قائمة أفضل 100 فيلم في السينما العربية، وذلك بناءً على رأي النقاد في مهرجان دبي السينمائي عام 2013.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.