أفضل مائة فيلم في السينما المصرية (29).. فيلم ميرامار

يحتل فيلم (ميرامار) للمخرج كمال الشيخ المركز التاسع والعشرين في قائمة أفضل 100 فيلم مصري في تاريخ السينما المصرية، وقد عُرِض الفيلم في عام 1969، ويُصنَّف على أنه دراما اجتماعية سياسية.

اقرأ أيضًا: أفضل مائة فيلم في السينما المصرية (11).. قراءة في فيلم الناصر صلاح الدين

قصة فيلم ميرامار

تدور أحداث قصة فيلم ميرامار عن فتاة تهرب من قريتها بمحافظة البحيرة، وذلك بسبب أن جدها يريد أن يزوجها برجل عجوز، وتذهب إلى مدينة الإسكندرية ولا تجد سوى بنسيون ميرامار لتعمل به خادمة.

هناك، يقع الجميع في حب هذه الفتاة زهرة، وأولهم بائع الصحف الذي يردد على لسانه: "الست تستاهل ضرب الجزمة". وداخل البنسيون تقابل زهرة فئات كثيرة من الشعب المصري، فتقابل العجوز المتصابي الذي كان إقطاعيًّا في يوم من الأيام، ولكن الثورة وضعته تحت الحراسة.

كما تقابل الكاتب الصحفي الوفدي الشهير، ولكنه أصبح على المعاش، كذلك الشاب الفاسد الذي يرافق راقصة لتنفق عليه من أموالها، ويعمل بشركة للنسيج وعضو لجنة السياسات بالاتحاد الاشتراكي، والفلاح صاحب الأطيان، والمذيع الذي ينضم إلى خلية ثورية.. وتتحرك الأحداث داخل الفيلم في مجموعة من العلاقات المتشابكة بين هؤلاء الأفراد.

اقرأ أيضًا: أفضل مائة فيلم في السينما المصرية (10).. قراءة في فيلم الفتوة

أبطال فيلم ميرامار

أدى بطولة فيلم ميرامار الفنانة شادية في دور زهرة، ويوسف وهبي في دور طلبة مرزوق، ويوسف شعبان في دور سرحان البحيري، وعماد حمدي في دور عامر وجدي، وأبو بكر عزت في دور حسني علام، وعبد المنعم إبراهيم في دور محمود أبو العباس، ونادية الجندي في دور صفية، ونظيم شعراوي في دور اللواء إبراهيم باهي، وأحمد توفيق في دور علي بكير، وسهير رمزي في دور درية.

كما يضم الفيلم مجموعة من النجوم مثل: إبراهيم سعفان، وإسكندر منسي، وعبد الرحمن علي، وسهير سامي.

صُنَّاع فيلم ميرامار

فيلم ميرامار من إخراج المخرج الكبير كمال الشيخ، ومن تصوير عبد الحليم نصر، ومن إنتاج جمال الليثي والمؤسسة المصرية العامة للسينما والتلفزيون والمسرح والموسيقى.

الفيلم من تأليف الكاتب الكبير نجيب محفوظ، وكتب السيناريو والحوار ممدوح الليثي، والمونتاج من إعداد سعيد الشيخ، وكان الصوت لمهندس الصوت مصري عبد النور.

أما الديكور فقد أعدَّه ماهر عبد النور، والموسيقى التصويرية للفيلم كانت من تأليف ميشيل يوسف.

الفيلم مأخوذ عن رواية

فيلم ميرامار مأخوذ عن رواية للكاتب الكبير نجيب محفوظ، ونشر نجيب محفوظ هذه الرواية في صحيفة الأهرام عام 1966 ضمن سلسلة من الحلقات، ولم يُحذَف أي جزء من الرواية، واشترى المنتج جمال الليثي هذه الرواية بمبلغ وقدره 750 جنيهًا لتحويلها إلى فيلم سينمائي.

اختلافات ما بين الفيلم والرواية

في رواية ميرامار نجد أن أخت زهرة وزوج أختها زارا بنسيون ميرامار وطلبا من زهرة أن تعود إلى قريتها، لكنها رفضت، وهذا المشهد غير موجود داخل أحداث الفيلم.

في الرواية، بعد أن تكتشف الراقصة صفية خيانة عشيقها، تذهب وتتشاجر معه في ميرامار لأنه تركها، ثم يفك حسني علام الاشتباك بينهما وتصبح هي عشيقته. أما في الفيلم، أغراها حسني علام وعيَّنها سكرتيرة عنده.

الرقابة تعترض على فيلم ميرامار

اعترضت الرقابة على المصنفات الفنية ورئيسها اعتدال ممتاز على الفيلم وطالبت بمنعه وحذف بعض مشاهده، وكان السبب هو لفظة "طز" التي قالها الفنان يوسف وهبي ضمن أحداث الفيلم، بعد ما قال له الفنان يوسف شعبان إنه عضو باللجنة السياسية للاتحاد الاشتراكي.

كمال الشيخ يلجأ إلى الرئيس جمال عبد الناصر

تقدم المخرج كمال الشيخ والسيناريست ممدوح الليثي بشكوى إلى الرئيس المصري جمال عبد الناصر، فشاهد الرئيس جمال عبد الناصر الفيلم وأعجب به، ثم عرض الفيلم على الرئيس محمد أنور السادات الذي كان وقتها رئيس مجلس الأمة.

وفعلًا شاهد الرئيس السادات الفيلم مع وزير الداخلية شعراوي جمعة ووزيرة الشؤون الاجتماعية حكمت أبو زيد. وحينما شاهد الرئيس السادات الفيلم، اعترض. ولكنه لم يعترض على لفظ "طز"، بل اعترض على المفردات التي تهين المرأة، وطالب بحذفها بأمر من الرئاسة.

موقف نجيب محفوظ من السادات

بعد ما عرف الكاتب الكبير نجيب محفوظ أن الرئيس جمال عبد الناصر اختار محمد أنور السادات ليفصل في أزمة الفيلم والرقابة، قال في نفسه: "عليه العوض، الفيلم راح". لكنه فوجئ بأن الرئيس السادات وافق على عرض الفيلم ودعا الجمهور إلى مشاهدته، وهذا يُعدُّ دعاية صريحة. وقال نجيب محفوظ حول هذا السبب إنه اكتشف بعد وفاة الرئيس جمال عبد الناصر أن السادات كان يعادي الاتحاد الاشتراكي.

موقف نجيب محفوظ من يوسف وهبي

يقول الكاتب الكبير نجيب محفوظ إنه كان يهدف إلى القضاء على الرجعية حينما كتب شخصية الفنان يوسف وهبي داخل العمل، ولكن تمتع الفنان يوسف وهبي بخفة ظل كبيرة جعلته شخصية محبوبة داخل أحداث الفيلم. وبهذا انقلب الأمر، فبعد ما كان الهدف هو القضاء على الرجعية أصبح الأمر دعاية للرجعية بما فعله يوسف وهبي.

شهادة نجيب محفوظ بحق موقف ثورة يوليو وجمال عبد الناصر من أعماله

"كانت السلطة في عهد عبد الناصر واثقة من حسن نواياي في كتاباتي، ومن أنني أقصد من انتقاداتي صالح الوطن، لا لإثارة أو تأليب الجماهير. وأظن أن عبد الناصر نفسه كان مدركًا لهذه الحقيقة، بدليل أنه تدخل لمصلحتي بعد نشر رواية «ثرثرة فوق النيل»، ولم يترك الأمر لانفعالات المشير عبد الحكيم عامر".

الناقد الكبير علي أبو شادي ينتقد فيلم ميرامار

انتقد الناقد الكبير علي أبو شادي فيلم ميرامار بصفة عامة وأعمال نجيب محفوظ في السينما المصرية بصفة خاصة وموقفها من ثورة يوليو، إذ قال: "هناك تعدٍّ من الفيلم على النص الأصلي للرواية". ويرى في كتابه «كلاسيكيات السينما المصرية» أن نجيب محفوظ عانى من العبث في معظم أعماله التي نُقلت إلى السينما المصرية، عدا تلك التي قدمها صلاح أبو سيف.. يذكر أن فيلم ميرامار كان النموذج الفذ في تشويه رؤية الكاتب وقلب الحقائق، بل والتعدي على شخصيات الرواية.

ويُحمِّل أبو شادي المسؤولية في ذلك على ممدوح الليثي، كاتب سيناريو الفيلم، قائلاً إنه كشف عن موقف معادٍ للثورة بدأه في ميرامار، وتصاعد معه في ثرثرة فوق النيل ثم المذنبون، ووصل إلى قمته في فيلم الكرنك، وكلها أعمال نجيب محفوظ التي اقتنع بها ليغرس أنيابه في التجربة، وليظهر روحًا كارهة لثورة 23 يوليو، ويبدي تعاطفًا بل انحيازًا للطبقات التي حاولت الثورة تقليم أظافرها، وتعاليًا على الطبقات الكادحة والمطحونة، مستغلًا ظروف ما بعد الهزيمة عام 1967.

الناقد كمال رمزي يمتدح فيلم ميرامار ومخرجه كمال الشيخ

بينما كان يرى الناقد السينمائي علي أبو شادي أن الفيلم كان منحازًا في وجهة نظره للطبقات التي حاولت ثورة يوليو القضاء عليها، كان يرى الناقد كمال رمزي أن الفيلم كان موحدًا بدرجة كبيرة وأعطى مساحات كبيرة للأبطال للتعبير عما بداخلهم، إذ قال: "إنه بصرف النظر عن الطرح أو المضمون الذي يريد الفيلم أن يطرحه، فإن الفيلم رائع، ويعد من أعظم أفلام كمال الشيخ على الإطلاق؛ لأنه كان محايدًا، فطرح وجهات نظر أبطال الفيلم دون أن يتحيز لشخصية ضد الأخرى. ومن هنا ظهرت نقاط الرمز التي يرتكز عليها كمال الشيخ".

مكان تصوير فيلم ميرامار

جرى تصوير فيلم ميرامار داخل فندق ميرامار في المدخل والأسانسير فقط، أما مشاهد الفيلم الداخلية فكانت داخل أستوديو وليس داخل البنسيون؛ وذلك لأنهم كانوا يريدون أن يكون الفندق ذا طابقين. والغريب أن مدخل فندق ميرامار لم يتغير حتى الآن، وكذلك الأسانسير، فقد أراد ملاك الفندق الحفاظ على تراثه القديم كما هو.

تغيير اسم الفندق

على الرغم من احتفاظ الفندق بكل تفاصيله القديمة، لكن شيئًا واحدًا تغير فيه وهو اسمه، فقد صار اسمه فندق فؤاد؛ وذلك لأن مالكته كانت تمتلك مجموعة من الفنادق جميعها تحت هذا الاسم، وكانت لها شهرة كبيرة في مدينة الإسكندرية.

نجاح الفيلم جماهيريًّا

حقق فيلم ميرامار نجاحًا جماهيريًّا كبيرًا بعد عرضه في دور السينما، لدرجة أن السيارات توقفت في شارع 26 يوليو بسبب كم الناس التي تريد حجز تذاكر من سينما ريفولي.

ميرامار وكل أطياف الشعب

داخل ميرامار جسَّد نجيب محفوظ المجتمع المصري، فأوجد دور الإقطاعي الذي ذهبت أمواله وأرضه بعدما صادرتها الثورة، وهو طلبة مرزوق الذي قدمه الفنان يوسف وهبي.

وقدم أيضًا شخصية الوصولي والانتهازي، وهو شخصية سرحان البحيري الذي قدمه يوسف شعبان.

كما قدم شخصية الصحفي الذي وصل إلى سن المعاش وجسَّد دوره الفنان عماد حمدي.

وأيضًا قدم شخصية صاحب الأطيان الذي جسَّد دوره الفنان أبو بكر عزت، كما جسَّد شخصية الشخص اليساري، والفتاة الريفية التي يتصارع عليها الجميع داخل أحداث الفيلم التي أدت دورها الفنانة شادية.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة