لكن كيف يأخذ الأغنياء من الفقراء. . . الأغنياء هم من يتواجدون في مركز قوة وهم الذين يفرضون القوانين على كل المجتمع بما فيها قيمة الأجور التي يتقاضها الآخرون. . . ولا شك أن الأقوياء يشرعون لصالحهم فنجد جيوبهم تمتلئ وتكتظ بالمال في الوقت الذي تستنزف فيه جيوب الضعفاء. . .
فالمجتمعات التي تتمايز إلي طبقات شديدة الغني وطبقات شديدة الفقر ما هي إلا نتاج لقوانين وقرارات غير عادلة أدت إلى خلل في التوزيع. . . ولطالما أن هناك أقوياء يشرعون وضعفاء يستسلمون فتظل دائماً كفة العدالة مائلة مضطربة. . .
فما يحرك الناس هو مبدأ المصلحة وليس مبدأ العدالة. . . . والمصلحة تخضع للخوف والطمع فكل إنسان يخاف من تهديد وجوده فيلجأ لأي وسيلة لتأمين هذا الوجود، وفي خلال هذا التصارع كثيراً ما تغشى الأبصار عن مبدأ العدالة ومبدأ أن الآخر له نفس الحقوق. .
المجتمعات المنقسمة لأغنياء وفقراء هي مجتمعات فشلت في إيجاد وسيلة موضوعية للعدالة والمجتمعات التي يقل فيها البين بين الغني والفقير هي المجتمعات التي خرجت من زيف قضية الغنى والفقر إلى جوه قضية العدالة وغياب العدالة. . . . وتلجأ المجتمعات المتخلفة لتعويض الخلل الناتج عن غياب العدالة في صورة تعويض إحسان الأغنياء للفقراء وهي صورة ربما لا تكون مقبلة من الناحية الاجتماعية إذ إنها تصنف الناس إلي قوي وضعيف وعني وفقير. . .
ولكن الصيغة الأكثر قبولًا والأكرم للوجود الإنساني هي عدالة الأجور من البداية وتساوي الفرصة التعليمية والبيئية والاجتماعية لكل المواطنين حتى لا يتمايزوا لأغنياء وفقراء، ولكن يظلون تحت ستار العدالة والمقاربة الاجتماعية. هذا هو التحدي الأكبر وهو أن تكون هناك مساواة في الفرص وعدالة في الأجور وأن لا تسعى الفئات القوية إلى احتكار المزايا المادية في المجتمع وتكرس الانفصال الطبقي. . . لن نحتاج إلى رعاية الفقراء إذا كانت هناك عدالة فالعدالة الحقيقية هي التي تمنع ظهور الفقر. . فبدلاً من الإنفاق على رعاية الفقراء دعنا ننفق على إيجاد نظام اجتماعي عادل يتحاشى نشوء طبقات فقيرة نتيجة عدم تلقيها فرص عادلة في التعلم والتربية أو نتيجة إهدار حقوقها من خلال أنظمة أجور يتحكم فيها الأقوياء. .
بقلم/ أ. د. محمود سطوحي
13. 12. 2020
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.
تسجيل دخول إنشاء حساب جديد
♥️♥️💓💓💓💜💜