تتنوع الأعمال الزراعية في المجتمع الأردني، وكأمثاله من المجتمعات الزراعية والرعوية، عرف المجتمع الأردني صنوفًا من الأعمال الزراعية، سيما زراعة الحبوب. نتعرف في هذا المقال على بعض هذه الأعمال.
الحراثة
كانت وظيفة الحراثة تختص بالرجال دون النساء في المجتمع الأردني كأمثاله من المجتمعات القائمة على الزراعة والرعي، وكانت الأسر الفلاحية تعد وجبة خاصة بهذه المناسبة كانت تسمى سيرة الفدان، وتتمثل بالفتيت المكون من الخبز والسمن التي تُوزَّع على الناس في البلدة.
وعلى نحو فريد، كانت عشيرة الحويطات التي تتخذ من الحسينية في معان مُستقرًّا لها تزاول مهنة الحراثة بواسطة الإبل، ما عُدَّ أمرًا فريدًا على مستوى البادية الجنوبية من الأردن.
وكانت حراثة البدو تكون في تشرين ثانٍ الذي يسمى شهر أجرد، وكانوا يقولون: اللي ما زرع في أجرد يوم الصليبة يحرد.
الحصاد
يشترك أفراد الأسرة في عملية الحصاد، سواء بواسطة الأيدي أو المناجل التي كانت تُستخدم في حصاد القمح، وكانت الناس تهم بمساعدة بعضها بعضًا في عملية الحصاد، ضمن مبدأ العونة المتأصل في الثقافة الفلاحية المشرقية عمومًا.
وكان صاحب المزرعة يتكفل بصنع الوليمة التي لا تكون سوى لحم ومنسف لإكرام من شاركوه في الحصاد، فكان يجمع المحصول على شكل مجاميع تسمى "غمر"، تمهيدًا لنقله إلى البيادر "الرجادة"، وهي مهمة الرجال، وكان البيدر يُسمى "الجرن"، فتُجمع أكوام المحصول في كومة كبيرة، تُسمى الحلة، ويدرس الحلة (تجزئتها) ثم تذرية الحبوب وفصلها عن التبن، وما بقي من عقدة الحبوب يفصل بواسطة الكربال.
وبعد تلك العمليات، تبدأ عملية الكيالة، وذلك لحساب صافي الإنتاج، وتعبئتها في الشوالات، تمهيدًا لعملية الخزن، ثم يوزع صاع يسمى صاع الخليل على الفقراء أو مسجد القرية، أو مبادلته بالحلاوة التي تُوزع على العاملين في الجرن.
وتتكفل النسوة بتنظيف الحب من الحصى الكبيرة والقصب بالكربال ثم الغربال، فيجرش بعضه، ويبيعون بعضًا آخر، ويُخزَّن القسم الثالث للبذار لموسم الزراعة المقبل.
التخزين
وبعد نهاية عملية الحصاد وتوابعها، يقوم الناس بخزن الحبوب، وتكون العملية في كواوير مكونة من الطين، تُصمم داخل المنازل، وتصنعها المرأة، وتسع الكوارة نحو 6 شوالات في الغالب.
وكانت الأسر في الشوبك تخزِّن حبوبها في عقود خاصة في قلعة الشوبك التي كانت تحوي الكواير المصنوعة من الطين والتبن، وكانت تغلق أبواب القلعة لمنع السرقة.
أما في وادي موسى، فكان الناس يخزنون حبوبها في الخرائب، وهي القرية المبنية من الحجارة في كواير وأحواض، تأخذ شكل البراميل المعدني، وتُبنى بواسطة الطين.
فيما كانت الحويطات تحتفظ بحبوبها في المطامير، وهي حفرة يتم حفرها في المُغر، وتُغلق بسدها، ويضع صاحبها بصمته عليها، ولا يتم حمايتها، ذاك أنه من الصعب التعرف على المطامير من غير البدو، وإذا حدثت سرقة، يُتعرَّف على اللص بواسطة قصاصي الأثر.
أنظمة العمل
وتعارف الناس في المجتمع الأردني الفلاحي على نُظم عمل مختلفة، منها المرابعة والمناصفة، فكان مالك الأرض والمرابعي أو الشريك - بالمناصفة، ويتكفل الواحد منهما بالبذار والفدان، ويتكفل المرابعي ببقية الأعمال من حراثة وحصاد ودراس وتذرية.
ولجأ شيوخ القبائل لاستخدام العاملين بالأجر، مقابل عشراوية قمح أو شعير. وكان هناك نظام المكاراة، فقد كان صاحب الأرض يتعهد الأرض بالحراثة والبذار والمكاري بالبقية من حصاد ودراس مقابل نسبة من المحصول.
وكان يوجد نظام المخادمة، وهي قيام الفلاحين برعاية أراضي البدو، مقابل حصول مالك الأرض البدوي على ثلث المحصول، ويتكفل الفلاح بجميع الأعمال.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.