يعتبر تهيج القولون العصبي من أكثر الأمراض انتشارا لاسيما في العصر الحديث. وسوف نتطرق إلى عنصر واحد بالحديث وهو التغذية المناسبة لمرضى القولون العصبي في هذا المقال.
قبل الدخول إلى التغذية الأنسب لمرضى القولون العصبي، دعنا نتطرق أولًا لتعريف هذا المرض الذي قد يختلط على الكثيرين منا.
اقرأ أيضاً 10 نصائح للقضاء على مشاكل القولون العصبي
تعريف القولون العصبي
يُدعى متلازمة القولون العصبي، وباللغة الطبية irritable bowel syndrome التي تعني متلازمة القولون الهائج أو المتعصب، والآن دعنا نتساءل ما الذي يجعل ذلك القولون يثور ويتعصب؟
في أعراف الأطباء، يجعلون الأمراض قسمين: إما عضوية وإما وظيفية، ويومئونَ بالوظيفيةِ إلى أي خلل يحدث في وظيفة العضو دون تلف عضوي ملحوظ، ومرض القولون العصبي من هذا النوع، فما يحدث هو أن القولون عند المرضى بمتلازمةِ القولون العصبي، يتخلف جزئيًّا عن أداء الوظيفة أو المهمة المنوطة به، وهي الإخراج -بالرغم من عدم وجود علة ظاهرة فيه كالالتهاب أو التقرح أو غيرها.
بمعنى أنه لا يؤدي وظيفة الإخراج للبراز على الوجه المطلوب، ولشرحِ الديناميكية التي يحدث بها ذلك، فيمكنك أن تتخيلَ بالونًا يعاني تَهدُّلًا في جداره، في هذه الحالة لن يتمكن البالون من التمدد بالصورة المناسبة، وسوف يتجمع الهواء في مواضعَ منه لا تكفي لامتلائه ومن ثم تحليقه في الفضاء بانسيابية.
ولعله يوجد سبب آخر لهذه التسمية -العصبي- بعيدًا عن كونه خللًا وظيفيًّا، وهو أن هذا المرض ينتج عن خلل عصبي في كيمياء الأعصاب المغذية للقولون، على شاكلة الكهرباء الزائدة في المخ التي تحدث في مرضى الصرع والتشنجات، وعلى شاكلة سرعة ضربات القلب في حالة مرضى البؤرة المتهيجة sinus atrial fibrillation وهكذا، وبالتالي فإن الحالة المزاجية والنفسية تنعكس بالتأكيد على كفاءة عمل القولون، وكلما ساءت الحالة النفسية بالقلق والاكتئاب والحزن، انعكسَ ذلك على كفاءته العملية.
اقرأ أيضاً تصالح مع القولون العصبي بـ 3 خطوات سهلة
علاج القولون العصبي
يوجد عامل ثالث قد يعزى له نصيب وافر في الإصابة بهذا المرض من عدمها، وهو القابلية الوراثية للإصابة به من عدمها، وبما أن هذا العامل ليس داخلًا تحت التحكم، فهو ليس موضعَ الحديث في هذا المقال ولا في غيره.
توجد نقطة أخيرة قبل الانتقال إلى التغذية المناسبة لمرضى القولون، وهي أنه مرض مزمن وليس حادًّا، بمعنى أنه لا يوجد علاج قاطعٌ يتعاطاه المريض فيشفى تمامًا كما في حالة نزلات البرد، وإنما يحتاج إلى طريقة علاجية على مدى الحياة كأمراض السكر والضغط والقلب عافاني الله وإياكم، وإن لم يكن بنفس خطورة هذه الأمراض.
1- تغيير في نمط الحياة
مثل تغيير عادات النوم والاستيقاظ (على الأقل في أوقات محددة)، وعدم الجلوس لمدد طويلة، وممارسة المشي والجري أو أي نوع محبب للنفس من الرياضات
2- التفكير الإيجابي
فكما قلنا إن الحالة النفسية تنعكس سلبًا وإيجابًا على كفاءة عمل القولون، ولا ريبَ أن رأسَ مال المشاعر هي الأفكار، فالتخلصُ من الأفكار السلبية كفيلٌ أن يقلص كثيرًا من اضطرابات القولون، وبالطبع كثير من الأمراض الأخرى المعروفة بـ psycho-somatic diseases أو النفسية والجسديةٌ في آنٍ واحد.
3- النظام الغذائي
عدم تأخير الطعام إلى وقت متأخر من الليل، بهدف إراحة القولون من العمل في مدة النوم
الحرص على تناول الوجبات الثلاث في أوقات محددة
الإقلال من المشروبات المحتوية على الكافيين مثل الشاي والقهوة
الامتناع التام عن التدخين، لكونه يهيج عمل القولون بقوة، ناهيك عن آثاره المدمرة الأخرى
الابتعاد عن الأطعمة المهيجة للقولون مثل: البصل والثوم والكراث.
اقرأ أيضاً القولون العصبي.. علاجه وأعراضه وكيفية التعايش معه
الفواكة والماء تحسن عمل القولون
الإكثار من الأطعمة التي تحسِّنُ من عمل القولون، وأهمها المحتوية على الألياف (انظر النقطة الأخيرة من هذا المقال)
الإكثار من شرب الماء 2 لتر على الأقل يوميًّا
الاعتماد على المأكولات الطازجة
الإقلال من الأطعمة التي تحوي كربوهيدرات صعبة الهضم مثل التي توجد في هذه الأطعمة (مصنفةً حسب نوع الطعام كالتالي) :
الفواكه، مثل: التفاح، والتوت، والمانجا.
الفواكه المعلبة أو الفاكهة المجففة.
الخضراوات، مثل: الفاصوليا، والملفوف، والخَرشوف، والبصل.
منتجات الألبان، مثل: الحليب وغيره.
منتجات القمح.
الأغذية التي تحتوي على شراب الذرة عالي الفركتوز، والعسل.
الحلوى والعلكة
4- العلاج الدوائي
وللأسف ليس له دور يذكر اللهم إلا في تخفيف بعض الأعراض والحد منها في مدّة تعاطي هذه الأدوية، ثم تلاشي هذا الدور تمامًا بعد الإقلاع عنها، كأن يُعطي المريض مثلا أدوية للإمساك الذي يعانيه أو التقلصات والانتفاخ أو غيرها.
دور الألياف في علاج القولون
بما أن المشكلة الرئيسة في مرض القولون العصبي هي الإمساك الناجم عن الحركات غير
المجدية في القولون، ولما كانت الألياف تعمل على التقليل من هذا الإمساك وجعل البراز لينًا دون مشكلة؛ لذا فإن تناول الأطعمة الغنية بالألياف هو الحل الأمثل للتغلب على هذا المرض، أو التعايش معه على أقل تقدير.
والآن يوجد نوعان من الألياف: قابلة للذوبان وغير قابلة للذوبان، ولا شك أن النوع الأول (القابلة للذوبان) هو الأكثر تأثيرًا ونفعًا في علاج القولون، وتوجد الألياف القابلة للذوبان في المنتجات التالية:
(الشوفان، الفول، والشعير، والمكسرات، والبذور، والفاصوليا، والعدس، والبازيلاء، وبعض الفواكه، وبعض الخضار)
أما النوع الثاني، فمن أمثلة الأطعمة التي تحوي أليافًا غير قابلة للذوبان أو التحلل ما يلي: الخضراوات، ونخالة القمح، والحبوب الكاملة الأخرى.
توجد لمحة أخيرة.. الألياف تؤدي -في الأصل- إلى علاج القولون، لكن ينبغي التنبيه على أمر مهم جدا، من خلال ملاحظتي للكثير من المرضى وجدت أنهم يتهمون الموز مثلا أو الفول وغيرها من الأطعمة الغنية بالألياف بأنها تفاقم من أعراض القولون فضلًا عن أن تحل المشكلة!
وهذا صحيح نسبيًّا، والسر في ذلك أن الإفراط في تناول الأطعمة الغنية بالألياف وبطريقة مفاجئة، يكون مصحوبًا بتكوين الغازات ومن ثم الانتفاخ الذي هو أحد الأعراض المزمنة للقولون العصبي، وإذ إن الصواب في كل شيء هو التوسط والاعتدال، انطلاقا من قول الله تعالى، وكلوا واشربوا ولا تسرفوا.
فإن الاستخدام الأمثل للألياف كنوع من العلاج لمرض القولون ينبغي أن ينطلق من نفس القاعدة (الاعتدال والتوسط)، ولكي يحدث ذلك فلا ينبغي أن تهجم على هذه الأطعمة دفعة واحدة وبشراهةٍ وشراسة، بحيث لا تزيد كمية الألياف التي تتناولها يوميًّا على 2 إلى 3 جرامات.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.