قديمًا كان الآباء الذين يُصاب أبناؤهم بالنزلة المعوية، يحرصون على تقليل كمية الأطعمة والمشروبات التي يتناولونها، والحد من الرضاعة! اعتقادًا منهم أنَّه بما أن النزلة المعوية تعني في نواظرهم زيادة المخرجات (من خلال الترجيع والإسهال)، بالتالي فإن علاجها يستلزم تقليل المدخلات (من الطعام والشراب)!
اقرأ أيضاً القرحة المعدية المؤلمة.. تعرف على الأعراض والأسباب والعلاج
المفهوم العلمي للنزلة المعوية
لكن قبل تفنيد هذا الفهم وإظهار خطئه دعنا نلج إلى عقر دار هذا المرض، ونتعرف على معناه وكيف يحدث، حتى إذا تم لنا ذلك، تسنى لنا أن نحكم على الأمور من منظار العقل.
نزلة معوية أو gastroenteritis باللغة الطبية، وفي رأيي أن التعبير الطبي أكثر دلالة على المعنى المراد بهذا المرض من الاصطلاح العربي، لأن معناه التهاب في المعدة والأمعاء في آن واحد، وهذه هي النزلة المعوية على الحقيقة.
يحدث هذا الالتهاب بسبب عدوى بكتيرية أو فيروسية أو طُفيلية، وعندما يصاب أي عضو في الجسم بالتهاب فإنه يستجيب له بتجمع الخلايا المناعية والدفاعية (كرات الدم البيضاء بأنواعها) لمهاجمة هذا التعدي الحادث على هذا الجزء من الجسم.
وتنتج عن ذلك أعراض موضعية (في موضع الالتهاب نفسه) وأعراض عامة (استجابة الجسد على الوجه الذي قال عنه النبي صلى الله عليه وسلم: تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى) وبهذا التفسير الباثو- فسيولوجي نستطيع التعرف على الأعراض الناجمة عن النزلة المعوية وكذلك نتفهم التعامل الأمثل معها وأنواع المدخلات المسموح بها من المأكولات والمشروبات والمنهي عنها.
اقرأ أيضاً عادات غذائية خاطئة تهدد الصحة
أعراض النزلة المعوية
1) أعراض عامة:
سخونة، وإرهاق وإعياء، وصداع، وفقدان الشهية، وضعف عام.. وهذه الأعراض عامة بمعنى أنها لا تخص النزلة المعوية تحديدًا، بل هي موجودة مع معظم الالتهابات التي يتعرض لها الجسم
2) أعراض موضعية:
مغص معوي، وإسهال، وترجيع.
3) أعراض المضاعفات:
وهي التي تحدث ليس كتسلسل طبيعي لحلقة المرض، وإنما هي تفاقم يحدث في حالة إهمال علاج المرض، وهي تشمل أشياء كثيرة في حالة النزلة المعوية:
أهمها الجفاف: الذي يحدث نتيجة حتمية للخلل الذي يحدث للجسد في عدم القدرة على المحافظة على السوائل الموجودة بها، نتيجة الإسهال (الذي يؤدي إلى فقدان السوائل مع البراز عبرَ فتحة الشرج) والتقيؤ أو الترجيع (الذي يُفقد الجسم سوائله من خلال المريء والبلعوم) .
عندما يحدث الجفاف فإن المعادن الموجودة في الجسم بصورة متعادلة، تختل بدورها زيادةً أو نقصانًا.
وقد تحدث مضاعفات بالقلب أو الكلى نتيجة نقص سوائل الجسم.
تجدر الإشارة إلى أن معظم الالتهابات الجسدية ومن بينها النزلات المعوية تتلاشى ذاتيًّا دون الحاجة إلى أي تدخل علاجي self limited، ولذلك بعض الدراسات تعده خطأ فادحًا أن نعطي أدوية مضادة للإسهال anti-diarrheal drugs ليس لكونها بلا جدوى فحسب، وإنما أيضًا لأن الإسهال هو ردة فعل جسدية يبديها الجسد في محاولة منه للتخلص من الميكروبات التي هاجمت الأمعاء، وبالتالي، فإن الأدوية التي تمنع نزول البراز تُسهم لا في حل المشكلة وإنما في حبس الجراثيم عالقةً في جدران الأمعاء!
اقرأ أيضاً ألم المعدة الذي لا ينتهي.. كيف تتخلص منها؟
النظام الغذائي لمريض النزلة المعوية
1. المشروبات:
ذكرنا أن الإقلال من السوائل خطأ فادح، وأن الصواب هو العكس حفاظًا على السوائل ومنعًا للجفاف، وأفضل هذه السوائل ما يلي:
الماء.
الكمون.
المرق.
العصائر الطازجة.
ماء جوز الهند.
المشروبات الرياضية.
الشاي منزوع الكافيين.
أما عن المشروبات التي ينبغي تجنبها: فأهمها الكافيين الموجود في الشاي والقهوة لكونه يؤدي إلى اضطراب في حركة الأمعاء والإسهال أحيانًا، والمشروبات الغازية (ولكن العجيب أن كثيرا ممن رأيتهم في عملي والذين يمنعون أبناءَهم من الرضاعة أثناء النزلة المعوية.
يحرصون على الإكثار من المشروبات الغازية لتعويض الجفاف!) ولا شك أن ذلك خطأ فادح لكون هذه المشروبات تحتوى على نسب عالية جدًا من السكر والكربوهيدرات صعبة الهضم، بالإضافة إلى العناصر الكثيرة التي لا تخلو من ضرر، وتضعف المناعة على المدى الطويل.
2. الأطعمة:
الأصل كذلك ألا يمنع الآباء أبناءهم المصابين بالنزلة المعوية من الطعام، بحجة أنه يزيد منها، لأن الطعام عندما يعطى بالطريقة الصحيحة فإنه يرفع من مناعة الجسم وبالتالي سرعة التعافي منها، بينما إقلال الطعام يفعل العكس بالإضافة إلى المشكلات الأخرى الناجمة عن سوء التغذية.
توجد قاعدة بسيطة في اختيار الطعام المناسب لمريض النزلة المعوية، وهي: أن يحتوي على كمية كبيرة من البروتين، وكمية منخفضة أو شبه معدومة من الدهون والنشويات صعبة الهضم، لأن البروتينات ترفع من مناعة الجهاز الهضمي، بينما الدهون تزيد من سوء اضطراب المعدة.
كما ينبغي الإقلال من الألياف لكونها تزيد من ليونة البراز وإمكانية حدوث الإسهال، وبناء على هذه القاعدة البسيطة، يمكننا أن نشير إلى الأطعمة المفيدة والضارة للنزلة المعوية كالآتي:
اقرأ أيضاً جرثومة المعدة
أهم الأطعمة المفيدة للنزلة المعوية
اللحوم والدواجن قليلة الدسم: ويفضل أن تكون مشوية أو محمصة للمزيد من تقليل الدهون بها.
البيض: غني بالبروتين والفيتامينات (خصوصًا فيتامين ب) والسيلينيوم (يرفع المناعة)، مع مراعاة ألا يكون مقليًّا بالزيت أو الزبدة (للحد من الدهون المتوفرة بهما)
البطاطا: وهي خارجة عن القاعدة التي ذكرناها، لكونها تحتوي لا على الكثير من البروتين، ولكن على نشويات سهلة الهضم وعلى البوتاسيوم (الذي يُفقد بكثرة في مريض النزلة المعوية)، وتتفق مع القاعدة في احتوائها على القليل من الدهون.
اللبن: يحتوي على مادة البروبيوتيك التي تزخر بالبكتريا النافعة (على أن يكون منزوعَ الدسم للحد من الدهون).
لبن الأم أو الحليب الصناعي: لا يُنصح أبدا بتقليل الرضاعة أثناء النزلة المعوية.
الخضراوات.
الحبوب الكاملة.
الأرز البني.
الكركم: مع العلم أن تأثيره النافع ضد النزلات المعوية لا يزال قيد الدراسة.
اقرأ أيضاً ماذا تأكل إذا كنت تعاني من قرحة في المعدة
أطعمة ينبغي تجنبها
الألياف: ومع أن الأصل في هذه الأطعمة أنها مفيدة (خاصة مع مرضى القولون العصبي الذي تحدثنا عنه في مقال سابق)، إلا أنه ينبغي تجنبها في النزلات المعوية للسبب الذي ذكرناه في القاعدة البسيطة بالأعلى.
الأطعمة المصنعة والمعبأة: تحتوي على الكثير من الدهون، والمواد الحافظة، والكربوهيدرات صعبة الهضم.
الأطعمة الجاهزة والمأكولات السريعة: التيك أواي لنفس السبب السابق.
الأطعمة المقلية: كثيرة الدهون.
الأطعمة الحارة.
أطعمة يجب تجنبها في حالة وجود حساسية منها لدى بعض الأشخاص.
الحليب ومشتقاته.
الجلوتين (يوجد في القمح، الشعير، الشوفان، الجاودار).
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.