تعد المخدراتآفة العصر الحاضر وعُضال القرن العشرين، فهي أكبر الجرائم وأخطرها على الفرد والجماعة وأثرها جلي واضح في البدن والسلوك، فهي تسبب للأسرة والمجتمع معًا أضرارًا بالغة شديدة الْخَطَر، ويمكنني إجمالها في الآتي:
اقرأ أيضاً الآثار النفسية والجسدية لتعاطي المخدرات وعلاقتها بالجريمة
أضرار المخدرات على الأسرة
يُحدث تعاطي المخدرات اضطرابات نفسية عند متعاطيها ما يجعله على خلاف مع زوجه وأولاده ومن حوله، ويسبب الشقاق في الأسرة والتوتر والخلاف بين أفرادها لا سيما في حالة فقده مادة التخدير فيغدو أكثر ميلًا إلى الانحراف والثوران العصبي، ولا يجد ما يُنفس به ضغط المخدر إلا الشتم والضرب، وقد يمتد الخلاف إلى خارج نطاق الأسرة كالأقارب والجيران.
لا يكون لدى متعاطي المخدرات غالبًا القدرة التامة على رعاية أبنائه وتنشئتهم التنشئة السوية وتوجيه أسرته الوجهة الصحيحة ما يترتب عليه حدوث انحرافات سلوكية وأمراض نفسية لديهم فينشؤون نشأة غير سليمة، ويجعلهم يحترفون السرقة والتسول وأنواعًا من الجرائم طلبًا للمال والقوت ولو كان ذلك على حساب العرض والشرف؛ لأنه لما أهمل الأب أسرته انحرف أولاده وزوجه.
أصبح كل منهم يفكر في مصلحته ولو داس على رقاب الآخرين لا سيما وهم يرون أباهم يشتري بقوتهم المخدرات، ويسلمهم للجوع والحرمان، هذا بالإضافة إلى جناية المخدرات على النسل، فقد ثبتت الصلة بين العيوب الخلقية والعقلية للجنين وبين تعاطى الأبوين أو أحدهما للمخدرات.
اقرأ أيضاً لوحة اختبار المخدّرات 10-Panel Drug Test
أضرار المخدرات على المجتمع
المخدرات مادة سامة مهلكة تؤدي إلى الموت البطيء للمتعاطي، فإذا كان مآل المتعاطي الموت فإن أفراد المجتمع يتناقصون باستمرار مطرد كلما كثر فيهم تعاطي المخدرات، وقبل الموت يكون الفرد قد ضعف جسمه وفسد عقله فلا نفع يُرجى منه ولا خير يُؤمل فيه، بل يصبح عالة على المجتمع يأخذ ولا يعطي ويُفسد ولا يُصلح.
إن مهربي المخدرات أصبحوا مجموعة من المنحرفين المتوحشين، وهم يشعرون بأن رجال الإصلاح يقاومونهم، لذا يكونون عصابات لديها جميع الإمكانيات من مال ورجال وسلاح، ذلك أن هذا النوع من التهريب أو التجارة يتطلب أموالًا طائلة وحماية للتنفيذ، وبما أن مهرب المخدرات مُعرّض للقبض عليه في كل ساعة للتخلص من شره وإيقاع العقوبة اللازمة عليه.
فإنه مستعد لمقاومة أي شيء يقف في طريقه ويهدده فيقضي عليه سواء أكان ذلك عن طريق الاغتيالات أو إلصاق التهم ولو بزميله أو صديقه لينجو بنفسه أو يتخلص من منافسه، وكم من معارك طاحنة دارت بين المهربين ورجال الأمن ذهب ضحيتها عشرات القتلى، فَشُرِّدت الأسر ويُتِّم الأطفال.
اقرأ أيضاً أعراض تعاطي المخدرات عند المراهقين
أضرار المخدرات على الإنسان
تثير المخدرات في بادئ الأمر تهيجًا جنسيًا، ثم تضعف صاحبها بعد ذلك وتصيبه بالعنة، وهذه الإثارة في بادئ الأمر تدفع متعاطيها نحو إرواء شهواتهم، والمتعاطي إن كان متزوجًا فهو في خصام دائم مع زوجته لذا يتوجه لقضاء شهوته بالزنا واللواط.
وإن كان أعزبًا فالمصيبة أعظم، بل إن تجار المخدرات كثيرًا ما يقيمون السهرات الماجنة في الليالي الظلماء حيث تُسخّر العاهرات وأصحاب الشذوذ لشراء ذمة أو ترويج بضاعة أو إيقاع شاب جاهل، ولا يمكنني في هذا المقال المختصر أن أوضح أضرار جريمة المخدرات على المجتمع، لكنني اقول إن المجتمع لا يرضى أن يكون فيه منحرف أو ساقط أخلاق.
لا يتأتى ذلك إلا باليقظة ومحاربة أهل الشرور والفساد بشتى الوسائل التي تقضي على الجرائم عامة، والتعاضد في وجه من يعتدي على إحدى حرماته مطالبًا بإيقاع العقوبة على المجرم، فالعقوبة ليست حقًا فرديًا يطالب به المعتدى عليه، وإنما هي حق جماعي، ولا ينبغي الرفق بمعاملة هؤلاء الذين يعتدون على الناس بالشر، ويستعيرون من آساد الغاب شرهها إلى الدماء.
يستبدلون بالظفر والناب السيف والرصاص، فالرفق بهم قسوة في ذاتها؛ لأنه إن كان رفقًا بالذين أجرموا فهو قسوة على فرائس هذا الإجرام، فـ «مَن لا يرحم لا يُرحم»، وهذه القاعدة يقوم عليها بناء المجتمع، فإن شذوذ المجتمعات كالناتئ من الأبنية لا بد لكي يكون النسق رائعًا جميلًا وقويًا موثق الأركان من أخذ هذا الناتئ بالمعول ليتقوّم البناء.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.