أسئلة كثيرة تشغل بال كثير من الآباء والأمهات حول صعوبات التعلم، حسب أسبابها وعلاماتها وأعراضها، وعلاقتها بالذكاء والأداء الأكاديمي والتحصيل الدراسي لدى الطفل. في أي عمر يصاب الطفل بصعوبات التعلم؟ وهل تبقى معه بقية حياته؟ ما مدى فعالية بعض العقاقير في علاج صعوبات التعلم؟ هل الإصابة الدماغية السبب المباشر لصعوبات التعلم؟ هل يمكن اكتشاف صعوبات التعلم لدى الطفل قبل الالتحاق بالروضة أو المدرسة؟ ما الذي يمكن عمله لمساعدة طفل صعوبات التعلم؟ في هذا التقرير نجيب عن هذه الأسئلة التي تشغل بال كثير من الآباء والأمهات بشأن صعوبات التعلم.
كيف أعرف أن ابني يعاني من صعوبات تعلم؟
السؤال الأول الذي يتبادر إلى أذهان كثير من الآباء والأمهات، يتعلق بالعلامات التي تشير إلى إصابة الطفل باضطراب صعوبات التعلم؛ وهو واحد من أهم الأسئلة التي تشغل بال الآباء عن صعوبات التعلم، وذلك حتى يمكنهم علاج الطفل وتأهيله مبكرًا.
6 علامات أساسية تشير إلى وجود الاضطراب
- أولها أن مستواه التعليمي يكون أقل من مستوى ذكائه بعامين. بمعنى أن الطفل الذي يبلغ من العمر ثمانية أعوام، ويعاني من صعوبات تعلم، نجد أن مستوى ذكائه طفل يبلغ من العمر ستة أعوام وليس ثمانية.
- العلامة الثانية تتمثل في عدم قدرة الطفل على تتبع الكلمات في أثناء القراءة، وهو ما تعبر عنه الأمهات بحالة التوهان التي تصيب الطفل في أثناء القراءة، وضعف التركيز دقائق معدودة وربما أقل من ذلك، فتجده كثير الالتفات والحركة في أثناء القراءة.
- العلامة الثالثة لصعوبات التعلم لدى الطفل تتعلق بحالة الطفل داخل الفصل الدراسي، إذ تجده يعاني من صعوبة وبطء نقل الكلمات والجمل من على السبورة، وإن حدث فإنه يخطئ في نقلها، ويكتبها على نحو خاطئ في كراسته.
- العلامة الرابعة لصعوبات التعلم لدى الأطفال تتمثل في الضغط بقوة على القلم في أثناء الكتابة، وقد يفسر هذا بعض المعاناة التي تجدها الأمهات مع أطفالهن في أثناء المذاكرة، والشكوى المتكررة من كسر الأقلام في أثناء الكتابة بسبب الضغط عليها بقوة، وتوجيه اللوم والعتاب للطفل لعدم حفاظه على أدواته المدرسية، مقارنة بإخوته وأقرانه بالمدرسة.
- العلامة الخامسة، هي صعوبة وضع الأفكار على الورق، وهو ما نسميه بموضوعات التعبير التي يجد الطفل صعوبة كبيرة في كتابة ما يملى عليه، لذلك فهي أحد أهم العلامات على معاناة الطفل من صعوبات التعلم.
- العلامة السادسة والأخيرة تتعلق بالمسائل الحسابية، والصعوبة الكبيرة التي يجدها الطفل في حل المسائل الرياضية، فهذا الطفل يجد صعوبة كبيرة في حساب الأشياء والتعامل مع المال والجداول الحسابية. ليس هذا فحسب، بل إنه يلجأ إلى العد على أصابعه، وغالبًا ما يعرف الإجابة، لكنه يخفق في كتابتها على الورق.
هل توجد علاقة بين الإصابة بصعوبات التعلم ودرجة الذكاء لدى الطفل؟
قد يفاجئ البعض الإجابة عن هذا السؤال؛ لاعتقاد كثير من الآباء والأمهات بوجود علاقة قوية بين صعوبات التعلم وانخفاض مستوى الذكاء لدى الطفل، خاصة وأن أولى علامات إصابة الطفل بصعوبات التعلم هي أن مستواه التعليمي يكون أقل من مستوى ذكائه بعامين. غير أنه لا توجد علاقة بين صعوبات التعلم ونسبة الذكاء لدى الطفل؛ كونها -أي صعوبات التعلم- توجد لدى الطفل العادي والموهوب على السواء.
ولإزالة اللبس هنا لا بد من التفرقة بين وجود علاقة بين صعوبات التعلم ونسبة الذكاء لدى الطفل، وبين انخفاض المستوى التعليمي للطفل بسبب الإصابة بالتخلف العقلي على سبيل المثال. فالدرجة التي يحصل عليها الطفل في اختبار الذكاء قد لا تظهر حقيقة قدراته، ونقصد هنا الطفل الذي يعاني من صعوبات تعلم، لأسباب عدّة.
في أي عمر يُصاب الطفل بصعوبات التعلم؟ وهل تبقى معه بقية حياته؟
بداية الإصابة باضطراب صعوبات التعلم لا يرتبط بعمر معين، ولكنه يظهر بوضوح خلال المرحلة الابتدائية. وما يجب أن يدركه الآباء والأمهات أن الاضطرابات ليست أمراضًا يمكن العلاج منها دوائيًّا، وإنما هي مشكلات تظل مع الشخص طوال حياته. غير أن اكتشاف هذه الاضطرابات في مرحلة مبكرة تساعد في تأهيل الطفل جيدًا، بحيث إنه يكون أقرب للشخص الطبيعي، فضلًا على أنها توقف تدهور الموقف أكثر.
وما قد يبدو مفاجئًا للبعض هنا أن صعوبات التعلم لا تمس الصغار فحسب، بل إنه تم اكتشاف إصابة البالغين بها قبل تطبيقها على الأطفال الصغار.
بالتالي، نكون قد أجبنا عن السؤال الذي يشغل بال كثير من الآباء والأمهات ممن لديهم أطفال يعانون من صعوبات التعلم، تتعلق بإمكانية العلاج منها أم أنها سوف تظل معهم ما تبقَّى من حياتهم؟
ما مدى فاعلية بعض العقاقير في علاج صعوبات التعلم؟
ما يجب فهمه جيدًا أن صعوبات التعلم تعدُّ اضطرابًا وليست مرضًا، لذا فإنّ العقاقير غير مجدية في علاج صعوبات التعلم التي تظل على الأغلب ما تبقَّى من حياة الإنسان. الفارق أنه إذا ما تم اكتشافها في سن مبكرة، فإنه يمكن استخدام استراتيجيات تعلم فعَّالة من شأنها أن تجعل الطفل قادرًا على الاندماج في المشكلات التي تواجهه.
وعلى الرغم من أنه لم تتضح بعد أسباب الإصابة بهذا الاضطراب، لكن الراجح أنها وراثية تنتج عنها مشكلات في الدماغ، وتصيب الذكور والإناث على السواء. ويقودنا هذا إلى السؤال التالي:
هل الإصابة الدماغية هي السبب المباشر لصعوبات التعلم؟
في السنوات الأخيرة، لم تثبت صحة هذه الفرضية، بل على العكس، الأطفال المصابون باضطراب صعوبات التعلم لا يعانون من أية إصابة دماغية، أيضًا فالكفة متساوية بين الأطفال العاديين وأقرانهم من ذوي صعوبات التعلم.
هل يمكن اكتشاف صعوبات التعلم لدى الطفل قبل الالتحاق بالروضة أو المدرسة؟
تقودنا الإجابة عن هذا السؤال إلى نقطة غاية في الأهمية، ألا وهي أهمية الملاحظة الدقيقة من قبل الوالدين لأية أشياء غير طبيعية تظهر على الطفل في السنوات الثلاث الأولى من عمره. ويرجع ذلك لأهمية الاكتشاف المبكر، ومن ثم التشخيص المبكر وتقديم الرعاية الممكنة في وقت يمكن التعامل بسهولة مع المشكلة التي يعاني منها الطفل، قبل أن تتفاقم.
عندما يلاحظ الأبوان بأن الطفل يعاني من تأخر في النطق والكلام، أي تأخر نمو اللغة، مقارنة بأقرانه في المرحلة العمرية نفسها، فإن ذلك يعدُّ مؤشرًا يستحق الاهتمام من الوالدين، والذهاب إلى المختص لتقييم الحالة، والوقوف على المشكلة، والبدء بوضع برنامج علاجي لها. ينطبق هذا الكلام على بقية مظاهر النمو لدى الطفل، الحركية والاجتماعية، غير أن هذا لا يُعد جزمًا بأن الطفل يعاني من صعوبات تعلم.
ما الذي يمكن عمله لمساعدة طفل صعوبات التعلم؟
يصاب البعض بالحيرة، فضلًا عن القلق والتوتر والخوف على مستقبل الطفل، عندما تبدأ علامات صعوبات التعلم في الظهور، ويتساءلون: كيف أتعامل مع طفلي فهو لديه صعوبات في التعلم؟ وما الطريقة الأفضل التي يمكن بها مساعدة الطفل على تخطي الصعاب في التعلم عامة، والمدرسة خاصة.
في البداية يجب تحديد المشكلة بدقة، ويحدث هذا عن طريق المختصين، فإذا تبين أن الطفل يعاني مشكلات نفسية، في هذه الحالة، تعهد به أسرته لاختصاصي نفسي، جنبًا إلى جنب مع تقديم الخدمات الأكاديمية التي تساعده في عملية التعلم.
هل عدم قدرة الطفل على الحفظ دليل على إصابته بصعوبات التعلم؟
من مظاهر إصابة الطفل بصعوبات تعلم، ما يظهر في المواد التي تحتاج إلى حفظ، مثل القرآن الكريم، وجدول الضرب، والأناشيد، وغيرها. وهي مشكلة تتفاوت من طفل لآخر، من حيث الشدة والنوع. ما يميز هؤلاء الأطفال أن ذاكرتهم ضعيفة، وهنا يجب التفرقة بين أنواع ثلاثة للذاكرة، السمعية، البصرية، والحسية.
على سبيل المثال، الطفل الذي يعاني من صعوبة في تذكر ما سمعه من أرقام أو نصوص، فإن ذلك يندرج تحت الذاكرة السمعية. في حين أن مشكلات الذاكرة البصرية، تظهر في تذكر الأشياء التي شاهدها الطفل، بحيث يستدعيها عند الكتابة. أما الذاكرة الحسية، فتعني عدم قدرة الطفل على تذكر الأشياء الحسية الملموسة.
للتقليل من آثار هذه المشكلات أيًّا كان نوعها، نعتمد في المقام الأول على تحديد طبيعة المشكلة. غير أنه توجد مجموعة من النصائح العامة التي يُنصح بها، مثل أهمية تنظيم المعلومات على نحو يسهل حفظه وتكراره، وغالبًا ما تحتاج الخرائط الذهنية للربط بين المعلومات وتنظيمها على نحو يسهِّل استدعاءها عند الضرورة. ليس هذا فحسب، بل أيضًا ضرورة ربط المعلومة الجديدة بالأخرى المختزنة في عقل الطفل، وتكرار المعلومات وعرضها بأكثر من طريقة أمر غاية في الأهمية.
هل توجد علاقة بين صعوبات التعلم واضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه؟
يوجد خلط واضح بين اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه. في البداية، يجب التفرقة بين اضطراب فرط الحركة، واضطراب تشتت الانتباه، فلكل اضطراب مظاهر وعلامات خاصة به. وأيًّا كان نوع الاضطراب فإنه يؤثر في أداء الطفل أكاديميًّا.
أما اضطراب صعوبات التعلم، فيرجع إلى طريقة معالجة المعلومات، في حين أن اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه، يعني عدم قدرة الطفل على التركيز في المهام المطلوبة منه، أو التسرع في الاستجابة، أو كثرة التنقل من مهمة لأخرى، ما يعني غياب التركيز والانتباه الذي تعد الخطوة الأولى نحو التعلم.
هل انخفاض الأداء الأكاديمي يعدُّ دليلًا على الإصابة بصعوبات التعلم؟
بداية، الأسباب المؤدية إلى انخفاض أو تراجع الأداء الأكاديمي عدّة، قد يكون لأسباب صحية، كوجود إعاقة بصرية أو سمعية أو فكرية، أو أن الطفل يعاني من اضطراب فرط الحركة وتشتت الانتباه وغيرها. وقد تكون لأسباب أخرى خاصة بالطفل، تتمثل في عدم رغبته في الدراسة والتعلم، وربما كان السبب ضعف من المدرس.
في حالة إذا ما كانت المشكلة بعيدة عن كل ما سبق من اضطرابات ومشكلات، فعندها يمكن البحث في اضطراب صعوبات التعلم.
وأنتم أعزائي القراء من الآباء والأمهات، شاركونا آراءكم بالتعليقات في أيٍّ من التساؤلات التي تشغل بالك عن صعوبات التعلم.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.