إن الأجيال تختلف من وقت لآخر حسب التربية والبيئة التي تنشأ فيها، فجيل التسعينيات يختلف عن الجيل الحالي، ونجد أن طريقة التربية قد اختلفت كثيرًا حينما نقارن بينهما، ومع تطور أساليب التربية التي يستخدمها الآباء والأمهات في تربية أبنائهم، تنشأ مختلف الشخصيات الصغيرة التي تتطور مع مرور الأيام والسنين، فإما أن تكون شخصيات قوية أو شخصيات مهزوزة.
تأثير البيئة على الشخصية
وإذا رجعنا لبداية نشوء الفرد وهو طفل، نجد أن شخصيته تكون قوية، فهو قادر على إثبات ذاته، ويشعر أنه قادر على القيام بكل شيء، وقادر على التعبير عما يجول داخله إذا غضب وإذا فرح وإذا شعر بالحزن، لا يكبت ما بداخله، وهو يعبر عنه بالصراخ أو البكاء أو العبارات غير المفهومة... المهم أنه يشعر أنه يستحق كل شيء، ويستحق أن يطالب بما يريد، يعيش بعفوية يندهش ويغامر ويتساءل ويعبر عن كل شيء.
وعندما يكبر هذا الطفل يبدأ تأثير البيئة المحيطة والتربية في التعبير، فلا يُسمح له بأن يقول ما يريد ولا أن يعبر عن مشاعره. حينما يسأله أحدهم من تحب أكثر جدَّك أم جدَّتك ...هنا يرمقه والده بنظرات يعجز فيها عن الإجابة، فيجيب عوضًا عنه أنه يحبهما كليهما!
لماذا هذا الكبت حتى في المشاعر؟ فهي غير متساوية حقًّا ولا يُسمح لنا بإبدائها. وهذه الطريقة في التعبير التي يتحكم فيها الوالدان في تربية أبنائهم تنطبق على كثير من المواقف والأحداث التي يمرون بها؛ ومن هنا تصبح شخصية أطفالهم مهزوزة وهم لا يشعرون، على اعتقاد أنهم قد أحسنوا تربيتهم.
لا مشكلة في فسح المجال لهم في التعبير عما بداخلهم، ولكن بطريقة مدروسة وباحترام، بالتوجيه والتصحيح وليس بالتوبيخ والصريخ. صحيح إذا قويت شخصيات أطفالنا صعبت تربيتهم، ولكن إذا اهتزت شخصياتهم صعبت حياتهم.
أسباب الشخصية المهزوزة عند الأطفال
وعليه فقد أوضحت الدراسات النفسية كثيرًا من الأسباب التي تجعل شخصية الأطفال مهزوزة. ومن هذه الأسباب:
- التثبيط والسخرية والنقد: يولد الطفل ولديه كما ذكرنا قوة في شخصيته في التعبير عما بداخله، وتبدأ عملية التطعيم والتلقيح عن طريق التشجيع والتوجيه ضد السخرية والفشل والنقد اللاذع الذي يتلقاه من المحيط الذي يعيش فيه.
وكلما قلَّ التلقيح أو كثر؛ زادت نسبة أمراض نقص الشخصية في الجسد. كأن يقال له مثلًا: "يا غبي، يا أحول، يا قصير القامة..." إلى آخر هذه الكلمات المؤلمة التي تؤدي فيما بعد إلى كدمات تبقى طوال الحياة والشباب، وتبقى بداخله، ويصبح مع مرور الأيام شخصية مهزوزة غير واثق بنفسه.
- الدلال الزائد للطفل: صحيح أن المتزوجين حديثًا يكونون في حالة من الفرح، فقد أصبح لديهم أول ولد ويفرحون به لأنه بكرهم، وكل ما يريد يُستجاب له من دون رفض، وأي كلمة تؤذيه لا يقولونها، لكن هذه الطريقة تنعكس عليه على نحو سلبي جدًا، فهو اعتاد أن يوجد حوله كل ما يريد ومتى يريد، وحين يصطدم بجدار الحياة التي لا يوجد فيها سوى الجدية ولا يوجد أحد يساند الآخر، هنا يصبح شخصية مهزوزة غير قادرة على تجاوز صعوبات الحياة.
- الثناء الزائف: إن المبالغة في الثناء على كل صغيرة وكبيرة تُفقد التحفيز قيمته، وتمحو أثره، وتوحي بعدم المصداقية من قبل المادح، وتقلل ثقة الممدوح في ذاته؛ لأنه يشعر أنه ضعيف، فيجب علينا نحن الآباء التوسط في الإطراء لأطفالنا، وأن ننوع في عبارات الثناء، فهذا يجعل منهم شخصية قوية دائمًا.
- طلب الكمال: الرغبة في أن يكون أطفالنا الأفضل والأحسن والأجمل والأذكى. فهنا نقلق ونتردد قبل جعلهم يقومون بأي عمل، وهذا التفكير يؤثر فيهم ببقاء شخصياتهم مهزوزة كلما كبروا في السن.
- شدة العقاب حين ارتكاب الأخطاء: ولوم الذات واحتقارها وانعدام الحب والتربية الصارمة، وعدم السماح باكتساب المهارات والمعارف والخوض في التجارب والانعزال عن الجماعة.
مهما تعددت الأسباب التي بها تهتز شخصية أطفالنا علينا أن نعمل على تقديم الدعم والتشجيع والمساندة لهم، واتباع أسلوب الحوار معهم في إقناعهم بترك القيام بشيء سلبي والقيام بكل شيء جيد وإيجابي يعود عليهم بالنفع في حياتهم وشخصياتهم.
المختصر المفيد .....بارك الله جهودك آنسة شهد......هذا المقال يجب أن يصلح لأكبر شريحة من الأمهات والآباء
نحن في مجال التعليم نواجه صعوبات عديدة بسبب الأساليب السلبية المتبعة بتربية الأبناء
أعجبني
موضوع رائع ومتميز، دمتي متفوقة ومتآلقة، ودمتم بخير وسلام وسعادة.
محتوى غني بالفائدة
محتوى جيد
موضوع ممتاز ومفيد جدا شهد
دائم التفوق والنجاح الباهر والمقالات الرائعة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.