عندما يكون الإنسان غير راضٍ بما أعطاه الله سبحانه وتعالى ويكره غيره؛ لأنه يمتلك شيئًا كان يتمناه، فهذا الشيء باب لكثير من الشرور، فالإنسان غير الراضي هو الذي لا يعرف معنى السعادة، ولو تطور شيئًا ما في حياته؛ لذلك، فمن أسباب الحقد والكراهية في مجتمع الإنسان هي كالتالي.
السبب الأول: عدم الرضا
إننا نُسحر بالمظاهر ولا نعرف ما تخفيه البواطن، فنجد إنسانًا لديه صفات رائعة نتمنى أن نمتلكها أو نمتلك بعضها، ولكننا لا نرى كمَّ الأحزان التي ربما مر بها أو ما زال يمر بها.
لماذا نحسد من أنعم الله سبحانه وتعالى عليه بنعمة؟! فبدلًا من أن نحسده ونحقد عليه، حبذا لو أخذناه إلى جانبنا واستفدنا منه وقوَّينا مهاراتنا معًا لننهض بالمجتمع، فالحاسد إنسان لديه مشكلة في الثقة بالنفس، فلا يثق بما عنده من قدرات.
وربما نتمنى أمرًا ما، لكنه يكون غير مناسب لنا، أو أنه غير مناسب في الوقت الحالي، وقد يناسبنا أمر آخر، ألم يحدث أن تمنينا شيئًا من قلوبنا، وبعد مدة من الزمن قلنا: الحمد لله أنه لم يحدث؟ فنحن لا نعلم ما الخير وما الشر، فلنأخذ بالأسباب ونتوكل على الله سبحانه وتعالى ونرضى بما كتبه لنا، فهذا الرضا هو سر السعادة ومفتاح الخير لنا ولمن حولنا.
السبب الثاني: عدم التضامن
في مجتمع نجد فيه بعض البلدان ناسًا يلقون الطعام في سلة المهملات، وفي بلاد أخرى أناسًا لا يجدون لقمة عيشهم، في ذلك المجتمع من الطبيعي أن نجد الحقد والبغضاء يتغلغل فيه.
نحن في هذه الحياة لنا أدوار مختلفة، يكمل بعضنا بعضًا، دون تمييز بين الطبقات، فلو تخيلنا أننا جميعًا أغنياء، فمن سيقدم لنا الخدمات البسيطة؟ فكلنا نحتاج إلى بعضنا البعض.
عندما يعطي الغني الفقير، يطمئن الغني ويكسب، فالأمور المادية إلى تحوُّل، فبذلك يطمئن أنه لو افتقر، لوجد من يمد له يد العون، وربما لا تكون المساعدة مالية، فالمال ليس كل شيء، فقد نجد شيئًا ذا قيمة لا يملكه إنسان لديه الكثير من المال.
السبب الثالث: الغيبة والنميمة
عندما يحترم أحدنا إنسانًا بوجوده، فهو احترام لهذا الإنسان، لكن عندما يحترمه بغيابه ولا يتكلم عنه إلا بالخير، فهو يحترم نفسه.
عندما يحترم شخصٌ ما الآخرين أمامهم، لكنه يتكلم عنهم بكلام بذيء في أثناء غيابهم، فهذا يعني أن احترامه للآخرين أكبر من احترامه لنفسه.
ويا ليت الأمر يتوقف عند هذا الحد! فتلك إذن مشكلة، أما حين ينقل النمَّام هذا الكلام بينهما، فتلك مشكلة أكبر، فالنمَّام لا يسعى لإفساد علاقة بين شخصين فقط، بل يدمِّر مجتمعات. فمن الممكن أن يكون هذان الشخصان مقدِمَين على مشروع سينفذانه معًا، وعندما أفسد النمَّام العلاقة بينهما، فسد المشروع أيضًا.
فلنبتعد عن الحقد، ولنصارح الشخص الذي تحدث عنا بطريقة سيئة ونعرف نواياه، فلربما كان قصده خيرًا لكنه لم يعرف كيف يعبر، وقد يكون الإنسان يسعى بكلامه لإصلاح أمر ما وتحسينه، ولكن عندما ينقل النمَّام الكلام، ينقله بأسوأ صورة.
السبب الرابع: التكبر
بعضنا يتظاهر بمظاهر التكبر بسبب مظاهر اجتماعية؛ فبعض الناس يستهينون بمن تظهر عليه سمات اللطف وطيبة القلب للأسف، فهذا الشخص -ليحافظ على شخصيته- يتصرف ويتظاهر بما هو ليس عليه حقيقة، فلا يعرف كيف يوازن بين لطفه وتواضعه وبين المحافظة على شخصيته، فيظهر بمظهر المتكبر مع الأسف، فلا نحكم على أحد، فالتكبر أمر داخلي.
وإذا تأكدنا مما يبدو لنا أنه تكبر، فلنعلم أن المتكبر إنسان يتوهم أنه يستطيع عزل المجتمع وتقسيمه إلى طبقات، لكنه لا يعزل إلا نفسه.
السبب الخامس: الظلم والكبت
بعض الناس بحاجة لمن يساندهم ويدعمهم ليعيشوا حياة كريمة خالية من المشكلات، فقد تجد طفلًا تعرض لظلم زوجة أب، مثلًا، وقد سيطرت على حياته وتفكيره وأبعدته عن الناس كليًا، فلا يعي ولا يدرك إلا ما ألقت في أذنه، فإذا قالت له: "إن كل الناس يكرهونك"، وهي دائمًا تظلمه وتشعره بذلك، يكبر الطفل ولديه عدوانية تجاه الناس وردة فعل تجاه ذلك الكره الذي يتوهمه منهم.
وما أصعب أن يُغرس في ذهن طفل، في مرحلة تُزرع فيها أغلب القيم بداخله، أفكار سيئة تعكر حياته، ومن ثم ستعكر حياة من حوله. وعلى أثر تلك العدوانية، لا ندري ماذا يمكن أن يفعل بعد أن امتلأ قلبه بالحقد تجاه المجتمع.
السبب السادس: الخلافات والمشكلات بين الناس
عندما يحدث خلاف في الحوار أو في موقف من المواقف، ترى قلوب البعض تضع على ذلك الخلاف غطاءً، وتغلفه وتضعه في قلبها ليعرقل مسيرة حياتها ويثقلها بالأوجاع، وعندما لا تسامح، لا أحد خاسر سوى أنت! أنت فقط من يتعب فكره، ويقلق، وينجرح خاطره، ويتألم فؤاده.
لذا علينا أن ندرك أن التسامح أمر يعود بالنفع والخير، ومن مصلحتك أن تسامح بغض النظر عن نوعية من تسامحه أو نوعية الخطأ الذي ارتكبه بحقك.
المرجع
ص ص : 74-60 كتاب هل السعادة حلم أم قرار (دعوة إلى الإنسانية)، تأليف نهى حنتبر، الناشر: الأجواد - دبي: الإمارات العربية المتحدة .
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.