تُعد أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه محل اهتمام كثير من الأشخاص بمختلف أعمارهم، وعلى وجه الخصوص المراهقين وذويهم. فاضطراب القلق الاجتماعي عادةً ما تظهر أعراضه مع بداية مرحلة المراهقة؛ لذا جمعنا في مقالنا جميع المعلومات التي تخص أسباب القلق الاجتماعي، وأعراضه، وكيفية تشخيصه وعلاجه.
أسباب الرهاب الاجتماعي
يرجِّح المختصون أن أسباب الرهاب الاجتماعي تتنوع بين العوامل الوراثية والبيئية والتفاعل بينها، وسوف نتناولها في ما يلي:
1- العوامل الوراثية
نظرًا إلى أن الرهاب الاجتماعي يعد أحد أنواع اضطرابات القلق، التي تكون عادةً متوارثة، فيرجَّح أن السبب الوراثي له دخل في الإصابة بالرهاب، ولكن لم يقف العلماء بعد بوضوح على نسبة تدخل العامل الوراثي أو أنه سلوك مكتسب بسبب صدمة نفسية أو لغيرها من أسباب.
2- التأثيرات البيئية
البيئة أحد أهم العوامل المؤثرة في الإصابة باضطرابات القلق، فيمكن أن يكون الرهاب الاجتماعي سلوكًا مكتسبًا بسبب المرور بموقف اجتماعي محرج؛ ما يُنشئ ردة فعل دفاعية نفسية بالرغبة في الانعزال حتى لا يتعرض الشخص لهذا الشعور السيئ مرة أخرى.
وقد يكون للآباء أيضًا دور في إنشاء هذا السلوك لدى أبنائهم نتيجة حرصهم الزائد وقلقهم المستمر حيال المواقف الاجتماعية الجديدة على أطفالهم.
3- البنية الدماغية
تُعد اللوزة الدماغية هي المنطقة المسؤولة عن استجابتنا للخوف؛ لذا يرجَّح أن الإصابة باضطراب القلق الاجتماعي قد يرجع للنشاط الزائد في هذه المنطقة من الدماغ، ما يجعل شعور المصاب بالخوف والقلق من المواقف الاجتماعية أكثر شدة من أقرانهم.
اقرأ أيضًا: ماهو "الرهاب الاجتماعي" وطريقة علاجه والوقاية منه؟
تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي
ما زلنا نتحدث في إطار الكشف عن أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه. وبعدما أشرنا إلى أسباب مرض الرهاب الاجتماعي نجد أنه من المهم تسليط الضوء على كيفية تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي.
يعمل المختص على التشخيص بعد التحقق من التالي:
1- يلجأ المتخصص للفحص البدني في البداية من أجل التأكد من أن المريض لا يتناول أية عقاقير أو لديه حالة طبية هي المتسببة في شعوره بأعراض القلق.
2- الاستفسار حول مجموعة من المواقف الاجتماعية المختلفة من أجل التعرف على ما إذا كانت تسبب ظهور أعراض القلق على المصاب.
3- يعمل كذلك على النقاش مع المصاب حول الأعراض ووتيرتها، والمواقف الاجتماعية التي تحفز تلك الأعراض.
4- تقييم حالة المصاب حسب معايير التشخيص وفقًا لـ DSM-5 (الدليل التشخيصي والإحصائي باضطرابات العقلية) حيث يتضمن المعايير اضطراب القلق الاجتماعي التالي:
5- الخوف الشديد باستمرار من مواقف اجتماعية معينة خشية تلقي ردة فعل سلبية والتعرض للإهانة أو الإحراج.
6- الإفراط في القلق بشأن المواقف الاجتماعية بما لا يتناسب معها، ما يؤدي بالمصاب إلى تجنبها تمامًا أو تحملها وهو في حالة خوف شديد.
7- أن يتدخل القلق والضيق في حياة المصاب باضطراب القلق الاجتماعي للدرجة التي تؤثر في سلوكه في أثناء تأدية مهامه اليومية في الدراسة أو العمل.
8- ظهور الخوف والقلق على المصاب دون وجود تفسير خاص بحالة طبية يعاني منها المريض أو تعاطي عقار هو المتسبب في هذا النوع من القلق.
اقرأ أيضًا: اضطراب القلق الاجتماعي "Social phobia"
ما أعراض اضطراب القلق الاجتماعي؟
في أثناء كشفنا عن أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه، سلَّطنا الضوء على كيفية تشخيص اضطراب القلق الاجتماعي، وأوضحنا أن المتخصص خلال التشخيص يقيِّم الأعراض الظاهرة على المصاب، ولأن الشيء بالشيء يذكر سوف نتناول في الفقرات التالية أعراض مرض الرهاب الاجتماعي.
أعراض الرهاب الاجتماعي النفسية
تشمل أعراض مرض الرهاب الاجتماعي دلائل شعورية وسلوكية تظهر على المصاب بهذا الاضطراب، وتتمثل في التالي:
- الخوف بشأن المواقف الاجتماعية التي قد تعرض المصاب للحكم عليه من الآخرين.
- تجنب المصاب فعل أي شيء مع من حوله من غرباء بما في ذلك الحديث معهم تجنبًا للتعرض للإحراج.
- الشعور بعدم الراحة تجاه التعامل مع الأشخاص الجدد والغرباء بشدة.
- القلق غير المبرر حيال الإحراج أو الإهانة.
- توقع أسوأ السيناريوهات الممكن حدوثها بناءً على تجربة سيئة في موقف اجتماعي سابق.
- القلق بصورة مسبقة قبل حدوث نشاط اجتماعي أو حديث يخافه المصاب.
- ينتاب المصاب خوف وقلق شديدان في أثناء وجوده في المواقف الاجتماعية.
- الشعور بالخوف من ملاحظة الآخرين للقلق الذي يعتري المصاب.
- الخوف كذلك من ظهور الأعراض الجسدية للرهاب.
أعراض الرهاب الاجتماعي الجسدية
ذكرنا أن الأعراض النفسية للرهاب تشمل الخوف من ظهور الأعراض الجسدية على المصاب، لذا نجد أنه من المناسب الآن تناول أعراض الرهاب الجسدية التي تتمثل في التالي:
- الارتجاف والتعرق.
- الاضطراب وتلاحق الأنفاس.
- احمرار الوجنتين.
- خفقان القلب على نحو متسارع.
- الشعور بالغثيان والاضطرابات في المعدة.
- الشعور بالدوار.
- التوتر العضلي.
- الشعور بفراغ عقلي تام.
تأثير أعراض الرهاب في الحياة اليومية
يكون المصاب باضطراب القلق الاجتماعي غير قادر على تحمل مواقف اجتماعية يومية بسيطة مثل:
- العجز عن التواصل البصري.
- عدم القدرة على استخدام المراحيض العامة.
- الابتعاد عن الدخول إلى غرفة بها عدد من الأشخاص الجالسين.
- عدم القدرة على تناول الطعام أمام آخرين.
- تجنب التعامل مع أشخاص جدد.
- صعوبة الذهاب إلى المدرسة أو العمل.
- تجنب حضور الأحداث الاجتماعية مثل الحفلات.
- العجز عن بدء المحادثات مع الآخرين.
تختلف أعراض القلق الاجتماعي وشدتها باختلاف المواقف والمتغيرات، وحسب العمر، فقد تظهر الأعراض على الأطفال في صورة نوبات من الغضب أو البكاء والتعلق بالوالدين، وبالرغم من شعور المصاب بالتحسن عند تجنب المواقف الاجتماعية المقلقة، لكن ذلك دون اللجوء للعلاج على يد متخصص لن يساعد المصاب في التخلص من القلق وسوف يظل موجودًا.
اقرأ أيضًا: مفهوم الفوبيا ما بين الاعتقاد والتعريف
علاج الرهاب الاجتماعي
لا نزال نستكمل عرض أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه، وننتقل بعدما أشرنا إلى كيفية التشخيص والأعراض إلى علاج اضطراب القلق الاجتماعي الذي يكون إما بالعلاج النفسي (العلاج الكلامي والاستشارة النفسية) أو باللجوء للأدوية، أو يمكن أن يكون العلاج مزيجًا بين الاثنين حسب شدة الأعراض وتأثيرها في المصاب بالرهاب الاجتماعي.
1- العلاج النفسي (العلاج السلوكي المعرفي CBT)
يعد العلاج السلوكي المعرفي أحد أهم أنواع العلاج النفسي الفعالة في علاج اضطرابات القلق؛ فهو يعمل على تعزيز ثقة المريض ومهاراته في التأقلم عن طريق تعريضه للمواقف الاجتماعية التي تقلقه في بيئة آمنة.
قد يعتمد العلاج المعرفي السلوكي على جلسات فردية أو في مجموعة يقوم فيها المصاب بأداء أدوار وتمثيل مواقف اجتماعية مختلفة من أجل اكتساب الثقة، والتعرف على الأفكار السلبية التي تسيطر على سلوكياته، والتدرب على مقاومتها وتطوير مهارات الاندماج فيها.
2- أدوية الرهاب الاجتماعي
ذكرنا آنفًا أن علاج الرهاب الاجتماعي قد يحتاج إلى بعض التدخل الدوائي بجانب العلاج النفسي، وتعد مثبطات إعادة امتصاص السيروتونين هي الخيار الأول الذي يلجأ له الطبيب المعالج مع حالات اضطراب القلق الاجتماعي، وقد يصف المتخصص للمريض الباروكسيتين أو السيرترالين.
ويمكن الاعتماد في العلاج على مثبط إعادة امتصاص السيروتونين من نوع فينلافاكسين، ويعتمد المعالج أسلوب التدرج في الجرعات، فيبدأ بجرعة منخفضة مع المريض، ويستمر في زيادة الجرعة تدريجيًّا حتى يصل إلى الجرعة الكاملة؛ وذلك تجنبًا لأثر الأعراض الجانبية.
3- خيارات دوائية أخرى
في بعض الحالات قد يحتاج المعالج إلى وصف أنواع أخرى من الأدوية إلى جانب أدوية الرهاب الاجتماعي المذكورة، ومنها ما يلي:
1- مضادات الاكتئاب: قد يجرب المعالج مع مريض الرهاب الاجتماعي مجموعة متنوعة من مضادات الاكتئاب من أجل اختيار العقار الأنسب له من ناحية الفاعلية وأقلهم إظهارًا للآثار الجانبية.
2- أدوية مضادة للقلق: توصف هذه النوعية من الأدوية من أجل الحصول على مفعول سريع للتخلص من شعور القلق المصاحب للمواقف الاجتماعية، لكن يجب التحذير من أن هذا النوع من الأدوية قد يسبب الإدمان لمتناوله، لذا يوصف دواءً للاستخدام قصير المدى.
3- حاصرات مستقبلات بيتا: وظيفة هذه الأدوية هي مكافحة مجموعة من الأعراض الجسدية مثل خفقان القلب السريع والرجفة، وذلك عن طريق حصر تأثير الأدرينالين، وتكون هذه الأدوية فعَّالة عند اللجوء لها عند الحاجة وليس المواظبة على تعاطيها؛ لذا فإنها لا يوصى بها علاجًا دائمًا لاضطراب القلق الاجتماعي.
اقرأ أيضًا: كيف تتغلب على الخجل
نصائح للوقاية من اضطراب القلق الاجتماعي
بعدما غطينا كافة التفاصيل حول أسباب الرهاب الاجتماعي وعلاجه مرورًا بالأعراض والتشخيص، نجد أن من الجدير بالذكر أنه يمكن للمصاب بالرهاب الأخذ ببعض الإجراءات الوقائية مثل:
1- الاحتفاظ بدفتر يوميات: يساعد وجود دفتر اليوميات المعالج المختص من التنبؤ بأسباب الاضطراب بشكل أكثر دقة، وكذلك معرفة الأمور التي تساعد في شعور المصاب بالتحسن.
2- طلب المساعدة مبكرًا: يصعب علاج مرض اضطراب القلق الاجتماعي كلما تأخر المصاب في بدء مراحل العلاج.
3- ترتيب الأولويات: عن طريق وضع نظام لليوم، وتخصيص الوقت لأداء أنشطة مثل القراءة أو المشي ما سوف يعمل على التقليل من شعور القلق والتوتر في اليوم.
4- الابتعاد عن تناول المواد الضارة: يعد الإدمان على الكحول أو المخدرات وكذلك التدخين والكافيين من مسببات القلق، وعلى وجه الخصوص عند محاولة الإقلاع عنها، لذا يجب الحد من تناول مثل هذه المواد الإدمانية، وعند مواجهة مشكلة في ذلك يمكن اللجوء للمعالج المختص من أجل وضع برنامج علاجي مناسب.
اقرأ أيضًا: قصص حقيقية عن أشخاص ومشاهير مصابين بالرهاب
كيف تتخلص من القلق الاجتماعي بنمط الحياة الصحي؟
على الرغم من وجوب اللجوء إلى متخصص من أجل علاج الرهاب الاجتماعي، لكن يمكن عن طريق نمط الحياة الصحي مكافحة أعراض القلق؛ والحد من تأثيرها في حياة المصاب. وفي النقاط التالية نعرض مجموعة من نصائح العلاج المنزلي للرهاب الاجتماعي:
- ممارسة الرياضة بانتظام، وعلى وجه الخصوص رياضات مثل المشي وركوب الدراجات؛ فهي تعمل على مكافحة التوتر والقلق.
- النوم لعدد ساعات كافٍ من أجل الحفاظ على الجهاز العصبي.
- التعلم حول مهارات الحد من القلق.
- اتباع نظام غذائي صحي.
- تجنب تناول الكافيين بكميات كبيرة، وكذلك الابتعاد عن المشروبات الروحية.
- محاولة المشاركة في المناسبات التي يمكن التواصل فيها مع أشخاص مألوفين، ويشعر المصاب معهم بالارتياح.
خلاصة ما تقدم نكون قد تعرفنا على أسباب الرهاب الاجتماعي، وعلاجه، وكيفية تشخيصه بناءً على معرفة الأعراض الموجودة لدى المصاب وشدتها. وننصح في النهاية بعدم محاولة الشخص تشخيص نفسه حسب المعلومات المطروحة واللجوء إلى المتخصصين.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.