في العصر الحالي تعدَّدت وسائل الإعلام وتطورت كثيرًا، فمنها ما يشغل الناس، ومنها ما يكون سببًا في نشر العلم والمعرفة، ومنها ما يكون سببًا في كسب المال، والحديث في هذا المقال عن وسائل الإعلام الإلكترونية التي تكون للمشاهدة فقط وليس للتفاعل معها، مثل التلفاز ووسائل التواصل بأنواعها المختلفة التي قد تُمثل خطرًا من قريب أو بعيد على الأطفال، وهو ما يغفل عنه كثير من الناس.
توجد وسائل إعلام لا غنى عنها في حياة الطفل، وتكون أساسية، وتأتي بعدها الوسائل التكنولوجية، وقد أطلق عليها وسائل إعلام يدوية؛ لقربها من الطفل وتعامله معها على نحو مادي وحسي.
من المعروف الآن أن الطفل يظل مشاهدًا ومستمعًا، ويخزن ما يشاهده ويستمع إليه إلى أن يأتي الوقت والسن المناسبين ليُخرج ما خزنه، ليفاجئ جميع من حول بما يفعل، لذلك لا بد من اختيار وسائل الإعلام للطفل على نحو مدروس.
اقرأ أيضًا: وسائل التواصل الاجتماعي والصحة العقلية للمراهقين
وسائل الإعلام قدوة
وسائل الإعلام قد تكون قدوة فعلًا، ولكن يجب ألا ننسى أن القدوة قد تكون حسنة أو قدوة سيئة، ويغفل كثيرون عن أن بعض وسائل الإعلام في سن معين من عمر الطفل قد تكون قدوة سيئة، وذلك إن لم يكن عليها رقيب ومتابع لما يشاهد الطفل.
متى يمكننا القول إن وسائل الإعلام قدوة حسنة؟
عندما تكون سببًا في بناء شخصية طفل قادرة على التمييز بين ما الصحيح وما غير الصحيح سواء في السلوك أو العقائد أو المعرفة، ولا ننكر أنه توجد فعلًا وسائل تنمي هذا التوجه، ولكنها قلة في ظل الانفتاح الثقافي الذي يمكن ألا يتناسب مع مجتمعاتنا أو عقيدتنا.
اقرأ أيضًا: فوائد ومخاطر استخدامات وسائل التواصل الاجتماعي
هل توجد وسائل إعلام يدوية ووسائل إعلام تكنولوجية؟
الإجابة: نعم، اليدوية؛ لأنها تكون في متناول يد الطفل أينما تحرك يجدها توجهه وتعلمه وتخبره بما يريد معرفته، وغالبًا ما تكون متاحة في كل وقت؛ لأن أينما سأل يجد إجابة تناسب سنه وعقله.
أما الوسائل التكنولوجية وهي المعروفة الآن من تلفاز وما يحتويه من قنوات وسائل التواصل بمختلف تطبيقاتها، وهي تكون محدودة الوقت، ويتحكم فيها المسؤول عن الطفل، وأحيانًا تكون إجاباتها لا تناسب عمر الطفل.
وحينئذ يأتي الحديث عن الآباء والمعلمين والمربين بوجه عام الذين لهم دور في تربية النشء، ويكون الآباء هم أول وسيلة إعلامية يتعرض لها الطفل منذ أن يعي ببصره، وحينها يبدأ الوالدان بإخباره عن كل شيء حوله عند المشي والتحذير من الاصطدام بشيء أو السقوط، وهكذا إلى أن يصل الطفل إلى عمر يبدأ فيه بالتمييز بين الأشخاص، فيبدأ الوالدان بإعلامه بمن حوله من أقارب وأشخاص مقربون.
ويبدأ الطفل في طرح أسئلة ويجيب عنها الآباء، وأحيانًا الأطفال لا يحبون الإجابات النظرية عن أسالتهم، بل يحبون الإجابة العملية بواسطة ما يفعل الآباء ويشاهد الطفل، وهذا يكون ممتعًا أكثر له.
ولأن الآباء قدوة لأبنائهم؛ فإنهم يكونون في أغلب الوقت بمنزلة فيلم كرتون لهم، يتخيَّل أباه بطلًا يفعل كذا وأمه تفعل كذا، ولا شكَّ أن هذا أكثر متعة وصحة عقلية واجتماعية للطفل.
وبعد أن يصل الطفل إلى عمر المدرسة هنا تزداد وسائل الإعلام لديه، لتكون المعلمة إحداهما والأصدقاء الأخرى، ولا بد أن يكون الآباء مراقبين لهذه الوسائل أيضًا إلى أن يصل الطفل إلى عمر يبدأ فيه باستخدام وسائل الإعلام الأخرى، وهنا يقع دور مهم على الآباء أيضًا في الرقابة والمساعدة في اختيار الوسيلة المناسبة أو الاستخدام على نحو مناسب.
توجد دراسة مقارنة قامت على المقارنة بين طفلين: الأول في أسرة كان 70% من وقتها قائم على النقاش والمحاورة في كل شيء، حتى في وقت فراغهم كانوا يقضونه في نشاط مثل الزراعة أو اللعب أو الطهي، وكان الأب في أثناء النشاط حريصًا على عدم الحديث، بل كان يترك الابن يشاهد ويقلد وعند الخطر يتدخل.
الثاني في أسرة كان 30% من وقتها عمل وجهد وترك الطفل للشاشات، عندما قدمت الدراسة أوراق الاختبارات التي أقيمت على الطفلين سواء اختبار ذكاء أو اختبار عاطفي أو اجتماعي، طبعًا كان يوجد فرق واضح بين الطفلين في الحياة الاجتماعية والذكاء والعاطفة والتعبير عن النفس واللغة أيضًا.
الشاهد من ذلك ليس الذم أو المدح في وسائل الإعلام، وإنما إيضاح خطورتها على الطفل في عمر النمو، وهو العمر الذي يبدأ الطفل فيه بتكوين شخصيته وذاته.
لا غنى عن وسائل الإعلام في حياتنا، ولا سيما في العصر الحالي، ولكن يجب أن أكون وسيطًا بينها وبين طفلي؛ للحفاظ على سويته ولكي ينضج على نحو سليم قادر على مجابهتها فيما بعد عند التعامل المباشر معها.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.