أثر معالجة المرضى النفسيين على صحة الطبيب النفسي ذاته مرضى كورونا... نموذجاً

ترتسم معالم هذه المقالة العلمية على شاكلة نظرية رياضية مؤلّفة من نصٍ صريحٍ وواضح يتأسس عليه فرضٌ وطلب، ليأتي دور الباحث بجلب البرهان الذي قد يثبت صحة هذه النظرية أو يقوم بدحضها، حيث تقول النظرية: "أن الأطباء النفسيين الذين يعالجون المرضى المصابين بحالات نفسية يتأثرون بشكل سلبي بالحالات المرضية التي يعالجونها"، فيكون فرض النظرية كما يلي: هناك علاقة تأثير متبادل بين الطبيب النفسي ومريضه، وأمّا الطلب فيكون على النحو التالي: أثبتت مصداقية الفكرة القائلة بأن هناك علاقة تأثير متبادل بين الطبيب النفسي ومريضه.

أوّلاً لا بد من التذكير بأن الأصل في علاقة الطبيب بالمريض متوقفة على القرب منه، والتفاهم معه، والصبر عليه، للوصول معه إلى صيغة معينة تساعد الطبيب على فهم سبب المرض وتشخيصه بدقة، ومن ثم محاولة الوصول إلى العلاج المناسب، حيث إن هذا الكلام يتمثل بالشكل العام.

ولكن ما يجب التركيز عليه هنا أن الطبيب النفسي مجبر على الاقتراب الجسدي من المريض، وعلى الإصغاء له وإعمال فكره وشعوره لفهم حالة المريض، وقد يغوص في أعماقه حتى يفهمه، وكذلك يجب التركيز على طبيعة المرض الذي يعاني منه المريض، لأن بعضها معدٍ وينتقل بالعدوى إلى الطبيب المعالج، ولا يستطيع أي إنسان بالعالم أو أي آلة اكتشفها العلم والعلماء إثبات أن الطبيب لا يتأثر بالأمراض، لأن الطبيب بشر مثله مثل المريض، وأحياناً إن مدى معرفته بالمرض وتعمّقه بتفاصيل يشكِّل سبباً رئيساً في أن يعيش المرض الذي يعاني منه المريض كحالة نفسية يمر بها، كذلك لا وجود لمضادات نفسية يأخذها الطبيب لمنع إصابته بالمرض ذاته الذي يعاني منه المريض، بالنتيجة إنّ تعَّقد المشكلات النفسية تؤثر سلباً على علاقة الطبيب بالمريض إذا لم تؤخذ جيداً بعين الاعتبار، ففي هذا الموضع لا يوجد شيء يسمى المعالجة عن بعد بل إن المعالجة النفسية تكون عن قرب، وصولاً إلى التفاصيل الدقيقة حول مرض المريض والمريض ذاته.

بخصوص المعطيات والأدلة التي قد ثبت صحة النظرية أو عكس ذلك، فهي تتمثل في تأثر الطبيب بالمريض أثناء العلاج، فقد برزت أثناء تفشي فيروس كورونا المستجد العديد من الحالات النفسية الخطيرة "القابلة للانتقال بالعدوى" حيث تزامنت حالة تفشي فيروس كورونا المستجد مع مظاهر الخوف والقلق والهلع والهلوسة لدى الأشخاص والتي عملت على ازدياد فرصة وإمكانية تشخيص إصابتهم بالفيروس وانتقال العدوى، والشعور بالعزلة والضجر والوحدة، والوسواس القهري، وحالة من عدم الثقة والنفور الاجتماعي والنظر للطبيب بأنه يمثل بنفسه سبباً للعدوى بحكم وجوده بالمشافي، وتصوّر البعض بأن الوباء غضب رباني، ووجود صعوبة بإقناعهم بعدم صحة ذلك طوال فترات العلاج.

ولإثبات تأثر الأطباء النفسيين بالمرضى، فالدليل يتمثل في النتائج التي ظهرت عليهم والتي نصنفها تحت العديد من المحاور:

1. التعب النفسي: حيث تروي مينغ يوي، وهي طبيبة نفسية متدربة في كلية التربية في جامعة بكين أن "بعض الأطباء النفسيين يصلون إلى مرحلة الانهيار بعد الخدمة"، مشيرة إلى أنهم "يشعرون بالتعب النفسي الشديد والصدمة" بفعل ما يسمعونه، وهذا دليل بحد ذاته.

2. التعب الجسدي: إن الاستيقاظ في كل صباح، والعمل الفكري والجسدي لساعات طويلة، وترقب حالات المرضى، والقيام بالإسعاف المفاجئ، وتداول الأخبار السيئة يؤثر عليهم بطريقة سلبية.

3. المرض النفسي: أستشهد بتصريح الدكتورة إيمان عبدالله، استشارية علم النفس والعلاج الأسري، في تصريحات خاصة "لـبوابة أخبار اليوم" حيث قالت بأن هناك نتائج لدراسة أشارت إلى ارتفاع معدلات إصابة الأطباء النفسيين بالاكتئاب بعد أطباء التخدير، نظراً لما يرونه من حالات مرضية يقومون بمعالجتها، ومن الممكن أن تؤثر عليهم، بالإضافة للضغوط أخرى كثيرة.

بالنتيجة، أعتقد أنني وبإذن الله قمت بإثبات مصداقية الفكرة القائلة بأنَّ هناك علاقة تأثير متبادل ما بين الطبيب النفسي ومريضه، وأن نظريّتي القائلة: "بإن الأطباء النفسيين الذين يعالجون المرضى المصابين بحالات نفسية يتأثرون سلباً بالحالات المرضية التي يعالجونها"، هي نظرية صحيحة أثبتها الواقع بشكل حقيقي.

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

مارس 13, 2021, 3:16 م

يسعدك ربي

أضف ردا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

هل تحب القراءة؟ كن على اطلاع دائم بآخر الأخبار من خلال الانضمام مجاناً إلى نشرة جوَّك الإلكترونية

نبذة عن الكاتب