يشهد ياقوت الحموي بحدة ذكاء المعري، ويذكر أنه يحفظ شيئاً يسمعه ولو لم يفهمه، ولا يخطئ في إعادته أبداً.
فمن قرأ للمعري ما كتب في حياته لم يعتره الشك في أن المعري قد أتى بما لم تستطعه الأوائل حقاً وصدقاً.
قالوا عن المعري
تصفح أيضًا أدهم النّابلسيّ معتزلًا الغناء "رضى الله أوّلًا"
وقد يُقال بأنه يبصر بهذا الذكاء، وإن هذا الذكاء ينير له كما أنار لبشار بن برد الذي يشبه شيئاً لم يره بشيء لم ينصره في حياته.
والمعري بدأ من سقط الزند يبرهن على هذا الذكاء لتناوله عدة موضوعات شعرية تستعصي على بعض من له باع في التصوير والإبداع.
وعند العكوف على اللزوميات التي وصفها طه حسينبالعبث، واتهمه فيها متهموه بذلك، لكن يظهر أن المعري ينطلق من أصل قوي إلى أبعد ما لا يخطر على بال القارئ.
وقد شحن اللزوميات بالأضداد، والمجازات والاستعارات، ويترك قارئها تائها، شارداً في ميدانه، حائراً في مكانه، يستدل على المعاني فلا يجد الدليل إلا بعد أن أخلصه المعري بزجر النابح، ويدله على طريقه الذي ضل عنه حيناً.
من كتابات المعري
وفي (اللامع العزيزي) و(عبث الوليد) يطلق سراح القارئ المرتاب في أدبه، ولم يسرّحه إلا بعد أن أراه آية اللّه في نفسه.
وفي (رسالة الملائكة) و(رسالة الغفران) يجعله يدخل في مهمة، ولكن يؤازره حيناً وحيناً حتى يبين له ما يريد، ويأخذ بيديه إلى مطمعه.
فأَنَّى للأعمى الذي جلس في البيت هذا الذكاء المفرط؟ ذكاء الترتيب، ذكاء السخرية، ذكاء الإقصاء، ذكاء الرد، ذكاء الاستخلاص، ذكاء الذكر؟
إن هذه الذكاءات هي كامنة في طيات مدوناته لدى إنسان عاش في زمن الأذكياء، وبعد زمن أهل الذكاء.
تصفح أيضًا العلامة الأردني روكس بن زائد العزيزي.. يرصد تطور الشعر والأدب في البادية
جاء بعد المتنبي الذي عُرِف بشاغل الدنيا، وسار في الآفاق أدبه، وشهد عارفوه بحدة ذكائه؛ حيث كان يأتي إلى الورّاق ويحفظ الكتب في حاله دون اعتراء النسيان.
المعري والمتنبي
وأبو العلاء المعري من الذين شرحوا المتنبي، وشهد النقاد بهذا الشرح من بين الشروحات.
وعندما سأله رجل: من هذا الكلب؟
قال: الكلب هو من لا يعرف سبعين اسماً للكلب.
فهيَّج هذا القول السيوطي، فنظم أبياتاً ذكر فيها سبعين اسماً تقريباً، وإن كان السيوطي يرى نفسه غير موفق في هذا، ولكنه ذكر ما يشفي الصدور ويروي الغليل.
وقد ذكر المعري في إحدى رسائله تاريخ اليمن، ورتبه ترتيباً موفقاَ، وذكر أسماء ملوك اليمن.
وقد سخر من الشعراء والكتّاب قبله في رسالتيه، وأثبت جلالة الغفران، ويرد بعض الكلمات إلى أصلها في (رسالة الملائكة).
وحين شرح (اللزوميات) تفطن إلى شكوى قارئيه، فأخصلهم بهذا الشرح حتى لا يسيئوا الفهم إلى ما في هذا الديوان.
وذكاء المعري في الذكر هو في تدوينه غرائب اللغة وشواردها في كل ما كتب في حياته، وبهذا له فضل الذكر، كما أن ابن دريد -كما قال العلماء- لم يضع بسببه المقصور في اللغة العربية.
تصفح أيضًا
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.