هذه هي قصتنا، أو قل ظلالنا المسكوبة على الرصيف، والأرصفة مهانة سلفًا. أبناء الشارع نحن، ولن أقول أكثر من ذلك كي لا أسب أحدًا....
هل تفضل الحديث في البيت أم في الشارع؟
البيت بلا نوافذ، والسقف يحجب العناية الإلهية، وأنا دائما ما أنتظر ما ترسله السماء.
وهل ترسل السماء شيئاً؟
النظر إلى السماء، يجعل وجهي ضبابيًا.
لهذا في الشارع تبدو مجهولًا. وجهك نهار وجسدك ليل
وأنتِ غائمة، وتحبين مارجريت دوراس
دوراس مازالت هناك، جالسة على الشاطيء، تكتب رواية عن الحب.
الحب! عندما تنطقين "الحب" تصبحين ظلًا
من أين جئتِ؟
جئتُ إلى هنا فجرًا لذا أنا غائمة.
هل تعرفين أمك؟
كنت أعرفها، عندما كانت تنتظرني على الرصيف. الآن لا أعرف أحدًا
أنتِ تحبين الأرصفة، وأنا أحب ظلك
ماذا تريدين؟
أريد أن أقول الحقيقة
أنتِ مباشرة
لقد أهدرنا عمرًا طويلًا في وصف الشوارع، والحارات السوداء، والحديث عن الأشجار ولم يكن هنا شجر في يوم من الأيام. ويالوقاحتنا تحدثنا عن الزهور السوداء والبيضاء، وكانت الزهور مختفية. كان هنا الإسمنت.
عندما تلفظين "الحقيقة" لا أراكِ!
وأنا أيضًا لا أريد أن أرى نفسي.
هل تعرفين مكانًا نضيع فيه؟
الالتحام بالجماهير
المقهى الضائع
عندما تجلسُ معي
في هذا المقهى الضائع
لا تتحدثْ كثيراً
أريد أن أسمعَ
صوت جسدكَ الحزين
وارتعاشة قلبكَ،
حين تتذكر أننا
سنفترق بعد دقائق
أرجوكَ
ابق صامتا
الكلماتُ تنهي كل شيء،
فقط
اسمح لليل بالدخول،
ألق بجسدك الطيب
ودعني أسجل الحكاية،
سأكتب أن رجلًا
ولد في غرفة عارية
محفوفة بالوجع،
خرج إلى طريق لا يعرفها،
فصارت الغرفة ثقبًا في القلب،
سأكتب أيضاً،
أنك سكنت في العتمة،
حتى صرتَ
صديقًا جيدا لليل،
وأنك حدثتني عن تلاشيكَ الدائم،
وبحثكَ عن نفسكَ دون جدوى،
سأسجّل الكثير،
لكن لا تبكِ
حين أنظر إلى عينيك الموجوعتين،
فقط،
اخلعْ قميصكَ
ثم قبلني بعنف
الجرح الجديد
لا تصدقني
حين أكتب إليك في الليل؛
ثمة رهافة لا أحبها
تتسلل إلى قصيدتي
ثمة وجع تلفه العتمة
فيتبدد تماماً
صدقني،
حين أكتب إليك مع أول ضوء نهار
حيث الجرح الجديد،
الكلمات العارية،
والصراع مع الرب والأرض،
فقط
صدقني حين أموت
لم ير أحدنا الآخر
دخلنا المقهى الصغير،
وضعنا حقائبنا على الأرض
مسحنا الطرق من أقدامنا،
خلعنا الشوارع من الجلد،
ثبتنا الزمن بالمسامير،
والذكرياتُ
أطلقناها في الهواء
ثم قطعنا أوراقنا دون شعورٍ بالذنب
صرنا مجهولينَ،
وحين خرجنا إلى الحياة،
لم ير أحدنا الآخر!
قدمي مزدحمةٌ بالشوارعِ
رأسي تظللها السماء،
هي فارغةٌ،
هائمةٌ مثل وجه الأبدية
معتمةٌ وصريحةٌ،
كالألمِ
قدمي مزدحمةٌ بالشوارعِ الجانبيةِ،
لأنها لا تجيدُ السيرَ،
في الطرقِ الرئيسة
ورغم بحثها الدائم عن المجهول،
فإنها لا تخطو إلى الغد
دون أن تضعَ
نقطةً سوداءَ في الوجه،
بين الرأس والقدمِ
تمر حياتي،
مثل واحدةٍ
ضلَّت طريقها في الليل،
يوما ما
حين يحولها الظلامُ
إلى ثوبٍ حزينٍ،
سيعثرُ عليها رجلٌ ضائعٌ
أريد أن أسأل الطريق
المسافات التي تقطعها وحدكَ،
حين يحفرُ الظلام هوة بيننا،
هل تترككَ
دون أن تأخذَ شيئا منك؟
أريد أن أسأل الطريق:
هل يحكي عني؟
هل يحدثك عن ألم بارز
ارتاح بين يديه؟
عن موته الذي يرشقه في صدري؟
سأصدق
أنك عدت كما أنت،
لكن
هل تترككَ غرفتك الغريبة
دون أن تخلع يومك؟
هل تتركك دون أن تخلعني؟
عندما تمضي وتتركني
لا أصدق أنك ستعود،
وعندما تعودُ
لا أصدق أنك أنت
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.