هل سألت نفسك في يوم من الأيام، لماذا تم جلب المماليك إلى قصور السلاطين، سواء في الخلافة العباسية أو في مصر أو غيرها؟ يمكن الإجابة عن هذا السؤال بأكثر من طريقة. ولكن، مما لا شك فيه أن السبب العسكري هو السبب الرئيس لذلك.
فقد كانت الحروب في العصور الوسطى تحتاج إلى إمكانيات كبيرة في أجسام المحاربين وفي الأدوات التي يستخدمونها في الحرب، ومن يتمكن من جمع هذه المميزات يكون له الغلبة. وبطبيعة تلك الحروب كان الالتحام الجسماني جزءًا أصيلًا في الحرب.
ومن هنا، دعونا نتعرف على أبرز سلاطين المماليك.
أبرز سلاطين المماليك ودورهم في تشكيل الدولة
البقاء للأقوى، هذا هو عنوان من يحكم في دولة المماليك. فإن أراد المملوك أن يحكم البلاد أطول مدة ممكنة يجب أن يكون حاكمًا قويًّا، ولديه الحنكة الكافية لإدارة جميع شؤون البلاد. وفي السطور التالية، سوف نتعرف على أبرز هؤلاء الحكام، الذين كان لهم دور كبير في قيام دولة المماليك واستمرارها على مدى قرنين ونصف. فهيا نتعرف على أول هؤلاء السلاطين.
الظاهر بيبرس البندقداري
هو السلطان ركن الدين بيبرس البندقداري الصالحي؛ نسبة إلى الصالح نجم الدين أيوب، فقد كان يُنسب المملوك إلى مولاه الذي جلبه من أجل الخدمة في البلاط السلطاني. وكان من جلبه هو الصالح نجم الدين أيوب أحد أبرز حكام الدولة الأيوبية قبل انهيارها.
اهتم الظاهر بيبرس بإرساء التنظيمات التي تمكِّنه من حكم مفاصل الدولة والتحكم فيها، واهتم أيضًا بالجانب العمراني كبناء القصور والأسبلة والمساجد وغيرها.
ومن أبرز ما قام به الظاهر بيبرس هو إحياء الدولة العباسية. فقد انهارت هذه الدولة بسبب هجوم التتار والقضاء على العاصمة بغداد في جريمة من أبشع جرائم التاريخ، فقام هو بنقل الخلافة إلى القاهرة، وبذلك تمكن من اكتساب شرعية من قِبل الخليفة العباسي، واعترفت به الخلافة.
يُعد الظاهر بيبرس هو المؤسس الحقيقي للدولة المملوكية؛ لما قام به من تقوية الجيش لمواجهة الصليبيين في كثير من المواضع، فهو بذلك يكون من المدافعين عن الدولة الإسلامية، وعن الدين الإسلامي.
المنصور سيف الدين قلاوون
أسس المنصور سيف الدين قلاوون أسرة في المماليك البحرية تمكنت من حكم البلاد ما يقرب من قرن من الزمان. فقد انقسمت المماليك البحرية إلى أسرتين، هما أسرة الظاهر بيبرس البندقداري الذي تحدثنا عنه في السطور السابقة، وأسرة المنصور سيف الدين قلاوون أحد أهم حكام المماليك الذي حكمت أسرته مصر مدة من الزمان تعد أطول مدة في التاريخ المصري على الإطلاق.
وعلى مدار حكم المماليك، لم تتمكن أسرة من حكم البلاد من طريق حكامها الذين يأتون تباعًا حاكمًا وراء الآخر، ولكن تمكنت أسرة قلاوون من هذا الأمر وحكمت البلاد قرنًا من الزمان.
جاء سيف الدين قلاوون إلى مصر في سن كبيرة؛ وهذا ما جعله غير متقن للغة العربية، وكان يتكلم مع الناس بصعوبة بالغة. ولكن لم يمنعه ذلك من إجراء كثير من الإصلاحات في الدولة المصرية. وقد شن غارات وحملات متعددة على الصليبيين، وحدَّ من قوتهم ومن تمددهم في بلاد الشرق.
ومن ضمن الآثار التي خلفها القبة المنصورية التي كانت مدفنًا له ولكثير من أبناء عائلته، وكان يدرس بها الطلاب العلوم والقرآن.
سيف الدين برقوق الشركسي
انتقل سيف الدين برقوق إلى القاهرة بعد أن أتم عقدين من عمره، والتحق بالجيش ليتقن الفنون القتالية والفروسية، وكان لمهارته القتالية وشخصيته القيادية دور في أن يكون واحدًا من النادرين الذين صعدوا في الرتب العسكرية بسرعة، فقد تقلَّد كثيرًا من المناصب، وحصل على كثير من الرتب العسكرية في مدة صغيرة.
ونظرًا لأصله الشركسي فقد تمكن من جمع شمل الأمراء الشراكسة، وتخلص من الأمير بركة الذي كان يقف عائقًا أمامه في هذا الغرض، وحبسه. وبعد ذلك تولى الوصاية على العرش؛ لأن السلطان حينها كان طفلًا صغيرًا، وهو السلطان الصالح حاجي.
أقام سيف الدين برقوق الشركسي تحالفات عدّة مع العثمانيين، وغيرهم من القوى التي كانت معروفة في هذا الزمان لمواجهة الزحف المغولي على بلاد الشرق. وعلى الرغم من الإصلاحات التي قام بها في البلاد لكن حدثت في عهده مجموعة من الاضطهادات للأقباط تمثلت في القبض على مجموعة من القيادات، وهدم كثير من الكنائس.
المؤيد شيخ
قدم المؤيد شيخ من الشام إلى القاهرة في عمر اثني عشر عامًا. وبعد أن تولى الخليفة المستغني بالله الخلافة بعد موت السلطان فرج بن برقوق عين المؤيد شيخ نائبًا له، ولكنه فيما بعد تمكن من الانفراد بالسلطة.
ومن ضمن إنجازاته بناء مسجده المعروف الذي يحمل اسمه، وكان قد بناه مكان السجن الذي لاقى فيه التعذيب بسبب وقوفه أمام السلطان فرج بن برقوق.
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.