اول من اخترع التلسكوب البسيط(المجهر) هو العالم "زاكرياس جانسن "في عام 1590 ومنذ ذلك التاريخ، تبين انا نعيش وسط بيئة من المخلوقات الضئيلة التي لا ترى بالعين المجردة، ملايين من الكائنات الحية تنتشر في كل مكان، في الهواء في التربة على الاسطح على اجسامنا وداخل اجسامنا وان من هذه الكائنات ما يمكنه اختراق جسمنا. لكن آلية الجهاز المناعي للإنسان الذي يشن حربا دائمة شعواء على هذا العدو، لم تكتشف بذلك الوقت. فيبدو الانسان كالقلعة المحاصرة.
ان الجهاز المناعي للإنسان، يعمل بخطط دقيقة مدروسة، تفوق ما يدرّس في الكليات العسكرية او معاهد الأركان. ملايين العمليات الدفاعية تجري داخل اجسامنا حتى اثناء نومنا دون علمنا. فهو يضع الخطط ويخوض المعارك ضد أي عدو حال محاولته اختراق دفاعاته. وهو يسهر على حماية الجسم وسلامته.
اقرأ أيضاً آلية عمل جهازنا المناعي وسبل تعزيز قدراته
جيش الدفاع المناعي
هو جيش عامل دقيق التنظيم والتنسيق، يقوم بحماية اجسامنا من هجمات الأعداء القادمين من الخارج " ويحاول افراد هذا الجيش مقاتلة الأعداء مثل البكتريا والفيروسات في حرب متعددة الجبهات ليلا ونهارا، ومنعها من الدخول لداخل جسم الانسان بعد اختراق الدفاعات الامامية.
ان هنالك تفاصيل تذهل العقول، وحقا فيها اعجاز للعقل البشري ولبديع خلق الله، لما يقوم به هذا الجيش بكيفية التصدي للغزاة ولهذا جاء في القران الكريم في سورة الذاريات الآية (21)" ﴿وَفِي أَنْفُسِكُمْ أَفَلَا تُبْصِرُونَ﴾.
اقرأ أيضاً لماذا لدينا المناعة؟
أهداف الغزاة من البكتريا والفيروسات
يبذل الغزاة جهودا صعبة من اجل اختراق الجبهات الأمامية ُ: الجلد، والقنوات التنفسية، والقنوات الهضمية، لأجسادنا والولوج داخلها، لكنهم سيجدون وفي انتظارهم دائما هناك محاربون اشداء.
هم الخلايا الدفاعية: التي تشمل خلايا الماكروفاج (Macrophage)، والخلايا اللمفاوية Lymphocytes)) ويتم انتاجهم وتدريبهم في مراكز خاصة مثل النخاع العظمي والطحال والغدة التيموثية والغدة اللمفاوية. هؤلاء المقاتلون الاشداء هم المحاربون.
اقرأ أيضاً 5 طرق بسيطة لتعزيز جهاز المناعة لديك بشكل طبيعي
مراكز انتاج وتدريب المحاربون
أ- النخاع العظمي (مصنع).: مصنع الخلايا المولدة لعناصر تكوين الدم والأعضاء اللمفاوية
ب- الطحال: يساهم بإنتاج الخلايا، والتهام الخلايا من خلال (خلايا الماكروفاج الكبرى)، وحفظ خلايا الدم الحمراء، وبناء المناعة، وهو ينظم كل شيء، ولا يسمح بحدوث مشكلة، يعمل على راحة الانسان من حين ولا دته الى وفاته.
ت- الغدة التيموثية (مركز تدريب): تتلقى فيه الخلايا اللمفاوية تدريبا خاصا، فلا تهاجم خلايا الجسم وانما تهاجم أي خلية غريبة او مادة غريبة وتدمرها.
ث- الغدة اللمفاوية: الخلايا اللمفاوية هم الابطال، هي الخلايا الرئيسية في الجهاز المناعي ولا يتم الانتصار في المعارك الشرسة الا بتدخلها، يوجدون في النخاع العظمي والعقد اللمفاوية، والغدد اللعابية والطحال واللوزتين والمفاصل، وتنتج في الأساس في النخاع العظمي
مثال: بعض الخلايا اللمفاوية المصنعة في النخاع العظمي تنتقل الى الغدة التيموثية للتدريب والخلايا التي تنضج وتتكاثر هنا هي خلايا –تي- وتنضج على نوعين: تي المساعدة وتي القاتلة وبعد 3اسابيع من التعليم تنتقل الى الطحال والعقد اللمفاوية والامعاء الدقيقة وتنتظر حتى بدء مهمتها.\
اقرأ أيضاً المناعة.. التوازن الغذائي هو مفتاح الصحة الجيدة
بداية الدفاعات والمعارك
أ- الصفحة الأولى من المعركة: التصدي لهجوم العدو وتدميره
في البداية تنطلق العديد من الخلايا الاكلة (cater cells) والتي تسمى خلايا "الفاج"، يتبعها نوع اخر من خلايا الفاج تسمى "المايكروفاج" وتقوم هذه الخلايا بالقضاء على العدو (البكتريا او الفايروسات المهاجمة للجسم) عن طريق ابتلاعها. وتسير بالشكل التالي
أولاً خلايا الفاج
وهي الخلايا الآكلة (cater cells) وتنطلق في البداية الى العمل.
ثانياً تتبعها خلايا الماكروفاج وهذه الخلايا واجبها
1) ابتلاع العدو (البكتريا والفايروسات).
2) هضمها.
3) وعرض دلالات هويتها على سطحها.
4) استدعاء خلايا الدفاع الأخرى لأرض المعركة.
5) رفع حرارة الجسم (سخونة)، ولرفع حرارة الجسم وظيفة مهمة حيث يشعر المصاب بالإرهاق والحاجة الى الراحة، وذلك ما يتيح حفظ الطاقة من اجل قتال الغزاة.
ب- الصفحة الثانية الهجوم المقابل: إذا كان الأعداء المهاجمون اقوى من قوات الصدمة الأولى، تشن المعركة باستدعاء القوات الخاصة، إذا لم تتمكن وحدات المشاة المقاتلة (الفاج والمايكروفاج) من القضاء على العدو المهاجم كأن يكون خارج طاقتها، تقوم خلايا الماكروفاج بعرض رسالة كيمياوية عن هوية العدو الى خلايا الدم البيضاء، فيتم استدعاء القوات الخاصة وهي الخلايا اللمفاوية (نوع من خلايا الدم البيضاء)، التي تعد - ابطال الجهاز المناعي- للقيام بدورها. ويوجد نوعان من الخلايا اللمفاوية: الخلايا (B-cells)، والخلايا T-cells)) والتي تنقسم الى مجموعات أخرى. وتبدأ المهام القتالية كالتالي:
أولا- خلايا تي المساعدة (helper-T-cells)، اول من يستجيب للنداء في الفقرة (4) من الصفحة الأولى. وهي اول قوات تصل بعد وصول خلايا الماكروفاج لأرض المعركة، وتعتبر هذه الخلايا المدراء والافراد الإداريين للجهاز المناعي.
ثانياً تتعرف خلايا
– تي- المساعدة على العدو، وتبدأ بالتكاثر، وتقوم بوضع القطعات المدافعة الأخرى في حالة انذار، لشن الحرب على العدو وتعمل على ارسال رسائل بأرسال المزيد من المحاربين للقوات المقاتلة. وخلايا (helper-T-cells) اول من تلي خلايا الماكروفاج لأرض المعركة، وتعتبر بمثابة افراد الإدارة للجهاز المناعي، وواجبها التعرّف على العدو المهاجم (البكتريا او الفايروس)، وبعد تعرفها على هوية العدو المهاجم تقوم بتحذير الخلايا الأخرى منه لتبدأ بشن حربها ضده.
ثالثا- تتلقى الخلايا القاتلة (القوات الخاصة) " (Killer T Cells) الاوامر، وتبدأ العمل على تدمير العدو المحاصر.
رابعاً معامل التصنيع العسكري
الخلايا(B-cells)، تمثل معمل تصنيع الأسلحة في الجسم البشري، فبعد قيام الخلايا(helper-T-cells) ببحثها عن العدو المهاجم ونقاط ضعفه، تبدأ الخلايا – بي- بإنتاج نوع من السلاح يسمى "الاجسام المضادة " وتنتج منه بالآلاف كل ثانية وهو سلاح قاتل يجبر البكتريا على الالتصاق بعضها ببعض.
خامسا- بعد ذلك تتمكن خلايا الماكروفاج القيام بعملية التنظيف وابتلاع البكتريا الملتصقة معا بينما تعمل بعض جزئيات البروتين الخاصة والاجسام المضادة على جعل البكتريا ملحوظة من قبل خلايا الماكروفاج، وأحيانا تقوم البروتينات بقتل البكتريا مباشرة عن طريق ثقب جدار خليتها.
خامساً
بعد القضاء على العدو تعطى الجهة الإدارية "خلايا تي المساعدة " امرا بأنهاء حالة الإنذار والحرب.
ت- الصفحة الثالثة: تقييم نتيجة المعركة والاحتفاظ بخطط نجاحها:
تقوم الخلايا المقاتلة المعروفة باسم "خلايا الذاكرة " وهي بعض خلايا –بي- بخزن المعلومات الضرورية عن العدو المهاجم، حيث يتم الاحتفاظ بها لسنوات، بما يمكّن الجسم من انتاج الأسلحة المناسبة للقضاء على هذا العدو مستقبلا.
خلايا المايكروفاج المنظفة تقوم بتنظيف العقد اللمفاوية بأكملها من مخلفات المعركة فتبتلع الاجسام المضادة المتناثرة والبكتريا الميتة والمخلفات الأخرى حتى ينتهي المرض.
دفاعات متخصصة "قيادة قوات الحدود"
أ- الجلد: خط الدفاع الأول هو الإصلاح التلقائي لنسيج الجلد بعد الإصابة بجرح، حيث تتوجه قوات الدفاع للمنطقة المصابة فورا، لتقاتل الخلية الغريبة، وتزيل النسيج المصاب لاحقا، وتقوم مجموعة أخرى في حفز انتاج الفريين وهو بروتين يغطي الجرح بشبكة ليفية.
ب- الحماية في التنفس: جهاز التنفس ممر يسلكه الأعداء، مئات الميكروبات تحاول اختراق جسدنا عن طريقه، لكنه:
أولا- وجود حاجز في الانف فالإفراز الخاص المبطن لجهاز الانف يقوم بطرد 80-90% من الكائنات الدقيقة.
ثانيا- الاهداب في الممرات التنفسية متجهة للأعلى تسبب تيار يحمل تلك الاجسام للأعلى –أي للحلق - ثم يتم بلعها والتخلص منها بواسطة الحامض المعدي الذي يقتلها.
ثالثا-الميكروبات التي تتغلب على هذه الحواجز وتصل الى الرئة، فيتم بلعها من قبل خلايا الفاج. ثم تتحرك الخلايا حاملة لها الى الأعلى ويتم التخلص منها.
ت- الجهاز الهضمي: الطعام احدى وسائل دخول الميكروبات للجسم، لكن حراسنا من جيش الدفاع المناعي، على علم بذلك، وهم ينتظرونها في المعدة، في مفاجأة تعرض خلالها الغزاة للهزيمة امام الحامض المعدي. وإذا استطاع قسم منها التخلص والعبور تستلمه الانزيمات الهاضمة في الأمعاء فتقضي عليه.
التعريف بالأعداء
أ- البكتريا: كائن حي وحيد الخلية حجمه ميكرونات معدودة (الميكرون 1من 1000 من الملميتر) له قدرة وقوة خفية على المقاومة في أقسى الظروف يحتوي الغرام الواحد من التربة على ما يقارب 40 مليون خلية بكتيرية.
ب- الفايروس: هو كائن بسيط التركيب وصغير جدا لكي يعد كخلية، لهذا استبعد من عالم الكائنات الحية. لكنها تمتلك قدرات خاصة مثل الكائنات الحية، وهي طفيليات ترافق الكائنات الحية، فهي لا تستطيع الحياة الا داخل مضيف نبات او حيوان او خلية بشرية. وتستهلك طعامه وطاقته. لهذا تنزلق بمهارة للخلية وتحولها الى مصنع لإنتاج نسخ منها. وخطة الفايروس غاية في التعقيد والعبقرية ويقوم بتضليل الخلية لكي يتجنب التعرف عليه، ثم يدمرها بعد ذلك. لا يوجد تأثير للمضادات الحيوية على الفايروس، ويتم التصدي للفايروس نتيجة للاستجابة المناعية والتلقيح وبعض الادوية المضادة.
الأجسام المضادة "صواريخ كروز"
أسلحة بروتينية التركيب صنعت لتحارب الخلايا الغريبة التي تدخل الجسم، تنتجها خلايا (B-cells)، احدى صنوف المحاربين في الجهاز المناعي. وتقم بتحطيم الغزاة، وتؤدي واجبين أساسيين:
أ- تلتحم بالخلايا الغازية التي تمثل مولد المضاد الانيجين (Antigen).
ب- تفكيك التركيب الحيوي للانتيجين وتحطيمه.
الاجسام المضادة تسبح في الدم والسائل خارج الخلية، وتضع علامة على الاجسام الغريبة التي تلتحم معها، بما يمكن خلايا الحسم من تمييزها، وكذلك بهذه الطريقة يصبح الجسم الغريب كمدرعة أصيبت بصاروخ موجه وفقدت قدرتها على القتال، ويتوائم الجسم المضاد مع الانتيجن توائم المفتاح مع القفل.
ولكل عدو يفرز جسم الانسان جسم مضاد يتوائم معه وذلك من قبل الخلايا – ب –وبذلك فلابد من مفتاح لكل قفل من ملايين الاقفال. ان خلايا-B – المناعية، التي لا ترى بالعين المجردة تحفظ في ذاكرتها ملايين الوحدات من المعلومات، وتستخدمها بطريقة واعية. وتتم عملية نقل بلازما الدم من مصابين تم شفاؤهم من كورونا الى مرضى تحت المعالجة، حيث تحتوي بلازما المتشافين على الاجسام المضادة التي نجحت في التغلب على الفايروس.
سر خداع فيروس كورونا لجهاز الإنسان المناعي
وحسب موقع "سكاي نيوز" فأن علماء امريكيون اكتشفوا مؤخرا الانزيم الذي يستخدمه الفايروس لخداع الجهاز المناعي للإنسان والوصول للخلايا، وان فايروس كورونا يستخدم بنية انزيم "nsp16"" كي يخترق الجهاز المناعي ويصل للخلايا ويبدأ بالتكاثر وان التصدي لهذا الانزيم سيساعد على التصدي لفايروس كورونا.
تقوية جهاز المناعة
هنالك كتابات كثيرة حول تقوية جهاز المناعة عند الانسان اخترت وتتضمن: غسل وتعقيم اليدين باستمرار، التأكد من حصول الجسم على الفيتامينات، تناول الطعام الصحي (ومنه الحمضيات، السبانغ، الزبادي، الثوم، الزنجبيل اللوز، الكركم)، تقليل مستويات الانفعال، ممارسة التمارين الرياضة، النوم لوقت كافي، الإقلاع عن التدخين، التعرض لأشعة الشمس، الراحة النفسية.
وبعد ابطال هذه الحرب الضروس لم يتلقوا أي تدريب عسكري، وهم ليسوا بشرا قادرا على التفكير. فتبارك الله أحسن الخالقين.
المصدر – كتاب معجزة الجهاز المناعي –هارون يحي- ترتيب بتصرف
ويكيبيديا – الموسوعة الحرة. ومواقع اخرى
معلومات رائعة
يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.