آلة الزمن.. التاريخ هو أساس الحاضر وبذرة المستقبل

في عالم السينما والخدع البصرية نرى الممثل الذي يؤدي دور العالم المخترع يجري بعض المعادلات الحسابية والعلمية، ثم يصنع آلة الزمن التي يستطيع بواسطتها العودة إلى الماضي أو الذهاب إلى المستقبل.

اقرأ أيضاً نظريات تاريخ الخروج

آلة الزمن تستطيع العودة إلى الماضي أو الذهاب إلى المستقبل

وقد رأينا ذلك في سلسلة أفلام الخيال العلمي back to the future. ولكن بعد انتهاء الفيلم يعود المشاهدون جميعًا لعالم الواقع، ويتمنى كل إنسان أن يكون لديه آلة الزمن حتى يتلافى أخطاءه التي اقترفها في الماضي وحصد نتائجها في المستقبل.

وآلة الزمن في منطق السينما حقيقية، أما في واقعنا الحقيقي فمن الممكن صنعها ولكن عن طريق الكذب والتدليس في تاريخ أمة، والتشويش والتضليل بين أبناء الوطن الواحد، وبث بذور الخلاف والفُرقة والتشاحن بينهم، عندها تكون الفرصة مهيأة لإظهار الأمور على غير حقيقتها، وإظهار الأبطال في ثوب الجبناء، وإلباس الحق ثوب الباطل، والعكس صحيح. وتوجد حوادث كثيرة في التاريخ الإسلامى والحديث تدل على صدق ذلك، منها:

اقرأ أيضاً ماذا تعرف عن التاريخ القديم؟

الصحابي الجليل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه

١- الصحابي الجليل سيدنا عثمان بن عفان رضي الله عنه، ذو النورين وصهر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الرجل الذي تستحي منه الملائكة، من جهَّز جيش العسرة في معركة تبوك واشترى بئر رومة ووهبه للمسلمين، وهو الذي أمر بإنشاء أول أسطول إسلامي حربي وخاض به المعركة الشهيرة ذات الصواري وقهر به الأسطول الرومي. ورغم كل هذه الأعمال الصالحة أُشيع عنه أنه يخرج عن شرع الله ويحرق المصحف ويهدم مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم.

في حين أن الحقيقة هي أنه أراد توسعة المسجد النبوي وجمع المسلمين على مصحف واحد وهو مصحف عثمان، الذي هو بين أيدينا الآن بعد أن ظهرت فتنة تعدد القراءات؛ فحاصروه أربعين يومًا حتى قتلوه وهو صائم.

اقرأ أيضاً في التّاريخ الإسلاميّ1

دولة المماليك

٢- عندما قامت دولة المماليك بعد أن مات آخر سلاطين الدولة الأيوبية في مصر توران شاه بزواج الأمير عز الدين أيبك من شجرة الدر، وتنازلها له عن الحكم. ولكن مؤسسها الحقيقي هو سيف الدين قطز الذي أنقذ الإسلام والمسلمين من خطر التتار الكفرة وهزمهم في معركة عين جالوت، ثم الظاهر بيبرس الذي أكمل مسيرة الجهاد بعد وفاة قطز.

واستعاد إمارة أنطاكية من الصليبيين، وألحق بالتتار هزائم ساحقة وأعاد إحياء الخلافة العباسية في القاهرة بعد أن قضى عليها التتار في بغداد. وكذلك السلطان خليل بن قلاوون الذي قضى على الوجود الصليبي في الوطن العربي، وقضى على أطماع التتار في العالم الإسلامى. وكذلك السلطان الناصر محمد بن قلاوون الذي يكفي القول عنه إن ملوك أوروبا كانت ترسل له الهدايا لاسترضائه واتقاء غضبه.

ولكن سبحان من يغيِّر ولا يتغير. فبعد مرور سنوات عدة ظهرت على الساحة وبالتحديد في عام ١٢٩٩م الدولة العثمانية، التي بدأت في التوسع والانتشار حتى أصبحت قوة عظمى يُحسب لها ألف حساب، وبدأت دولة المماليك في الضعف والاضمحلال.

وقد زاد هذا الضعف اكتشاف البرتغاليين طريق رأس الرجاء الصالح الذي حرم مصر من أهم مميزاتها التي منحها الله لها وهو موقعها الجغرافي الذي يقع في وسط العالم، فقد كانت القوافل التجارية تمرُّ بأرض مصر وتدفع المكوث أي رسوم المرور، وهذا كان أهم موارد الاقتصاد المصري في ذلك الوقت، ولكن بعد اكتشاف هذا الطريق أصبحت القوافل تمر حول قارة إفريقيا.

ولكن السلطان سليم الأول سلطان الدولة العثمانية كان على يقين تام بأن المصري لا يمكن هزيمته بالقوة أبدًا، حتى وإن كان وضعه الاقتصادي ضعيفًا؛ لذا استمال أحد الأمراء المماليك وهو خاير بك أو خاين بك بتجنيده للعمل لمصلحته. وفعلًا بدأ هذا الأمير على زعزعة الأمور في الشام وإثارة الناس ضد حكم المماليك.

ومحو المجد والرخاء اللذيْن كانوا يتمتعون بهما من أذهان الناس، حتى إنه انسحب بقواته من معركة مارج دابق، وأشاع أن السلطان قنصوة الغوري قد قُتل، على الرغم من أنه كان ما يزال حيًّا، حتى سيطر العثمانيون على الشام ثم مصر.

اقرأ أيضاً لماذا التاريخ سياسي فقط وليس ثقافيًا واجتماعيًا؟

الاحتلال البريطاني لمصر

٣- الاحتلال البريطاني لمصر: لم تكن خيانة بعض رفقاء أحمد عرابي له وخيانة ديليسيبس والخديوي توفيق هي سبب احتلال بريطانيا لمصر، بل السبب الرئيس في الاحتلال هو الفرمان الذي أصدره السلطان العثماني بعصيان أحمد عرابي، فتفرَّق الناس عنه، ونسوا ما بذله هذا القائد العظيم من أجل حرية وكرامة مصر.

 

لذا يجب علينا أن نحافظ على التاريخ كما هو؛ لأن العبث والتدليس في التاريخ يؤدي إلى هلاك الأمم وزوال كيانها. 

ملاحظة: المقالات والمشاركات والتعليقات المنشورة بأسماء أصحابها أو بأسماء مستعارة لا تمثل الرأي الرسمي لجوَّك بل تمثل وجهة نظر كاتبها ونحن لا نتحمل أي مسؤولية أو ضرر بسبب هذا المحتوى.

ما رأيك بما قرأت؟
إذا أعجبك المقال اضغط زر متابعة الكاتب وشارك المقال مع أصدقائك على مواقع التواصل الاجتماعي حتى يتسنى للكاتب نشر المزيد من المقالات الجديدة والمفيدة والإيجابية..

تعليقات

يجب عليك تسجيل الدخول أولاً لإضافة تعليق.

مقالات ذات صلة